طه العاني - الخليج أونلاين-
تعود العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي ونيوزيلندا إلى عقود، حيث كانت تعتمد بشكل رئيسي على صادرات نيوزيلندا من المنتجات الزراعية واللحوم إلى دول الخليج.
ومع مرور الوقت، شهدت العلاقات تحسناً كبيراً بين الجانبين، حيث تطورت بشكل ملحوظ وزادت أهمية التعاون التجاري بينهما، مما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية وأهميتها المتزايدة.
خطوة مهمة
وتمثل اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ونيوزيلندا، عند توقيعها، خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، حيث تأتي ضمن جهود واسعة لتعزيز الروابط الاقتصادية والدبلوماسية بين الخليج والدول الآسيوية والمحيط الهادئ.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، أن المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين دول المجلس ونيوزيلندا تسير بشكل إيجابي، حيث تم التوصل إلى توافق حول معظم فصول الاتفاقية، وذلك خلال لقائه في 8 سبتمبر الجاري، مع وزير التجارة والزراعة والغابات ومساعد وزير خارجية نيوزيلندا تود ماكلاي، في مقر الأمانة العامة بالرياض.
وأوضح البديوي، وفقاً لبيان صادر عن الأمانة العامة، أن الجانبين أثنيا على جهود الفرق المعنية في دفع المفاوضات قدماً، مشيرين إلى أن الاتفاقية ستفتح آفاقاً جديدة للاستثمارات وتعزز العلاقات الاقتصادية بما يخدم المصالح المشتركة.
وتسعى الاتفاقية إلى فتح آفاق جديدة للتعاون التجاري والاستثماري، مما يعود بالنفع على الطرفين من حيث زيادة حجم التجارة، تعزيز الاستثمارات، ودعم القطاعات الحيوية مثل الزراعة، الصناعة، والخدمات.
وتمثل منطقة الخليج العربي مركزاً اقتصادياً حيوياً نظراً لثرواتها الطبيعية، وتحديداً النفط والغاز، بينما تعد نيوزيلندا من أهم الدول الزراعية في العالم.
ومن خلال هذه الاتفاقية، يسعى الطرفان إلى تحقيق تكامل اقتصادي، حيث تستفيد نيوزيلندا من احتياجات الأسواق الخليجية، فيما تستفيد دول الخليج من الخبرات النيوزيلندية في عدة مجالات.
وتهدف الاتفاقية إلى تسهيل دخول السلع والخدمات الخليجية إلى السوق النيوزيلندية بميزة تفضيلية، وذلك من خلال إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على غالبية المنتجات، إلى جانب تبسيط الإجراءات الجمركية، كما ستسهم في تسهيل التشريعات الوطنية المتعلقة بالخدمات، ووضع أطر تنظيمية للاستثمارات.
ويقدر حجم التبادل التجاري بين نيوزيلندا ودول مجلس التعاون الخليجي بحوالي 3.5 مليارات دولار سنوياً، وتشمل صادرات نيوزيلندا الرئيسية إلى المنطقة منتجات الألبان، ولحوم الخراف، والخشب، وهي مكونات أساسية في صادراتها.
آفاق اقتصادية
ويقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور، إن الموقف الموحد يعد جزءاً مهماً من أهداف منظومة مجلس التعاون الخليجي، ويتمثل في وجود موقف تفاوضي موحد كطرف يحقق أفضل الشروط.
ويوضح الهور في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن اندماج دول الخليج العربي كطرف واحد في التعاملات، يجعلها سوقاً كبيراً جداً، ومحطة استثمارية واسعة متنوعة الخيارات، بما يحقق مصالح مشتركة مع باقي الدول.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن الاتفاقية بين دول الخليج ونيوزيلاندا تأتي في نفس السياق، حيث يجعل منطقة الخليج العربي منطقة موحدة القوانين بالنسبة للاستثمار.
ويضيف الهور أنه في المقابل أيضاً أن تكون الدول مستهلك للمنتجات النيوزلندية تحت متطلبات ومواصفات المنطقة، بما يفتح الباب لمزيد من أطر التعاون الاقتصادي المشترك بين الجانبين.
الإمارات نموذجاً
وكانت الإمارات ونيوزيلندا قد اتفقتا على بدء مفاوضات تهدف إلى إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، بهدف تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
وجاء توقيع وزير الدولة للتجارة الخارجية، ثاني بن أحمد الزيودي، إعلان نوايا مشتركاً مع وزير التجارة النيوزيلندي، تود ماكلاي، تمهيداً لانطلاق المفاوضات والذي كان فعلا في يونيو الماضي.
وتعكس اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة المزمع توقيعها تعزيز العلاقات الثنائية المتنامية، حيث وصلت التجارة غير النفطية بين الإمارات ونيوزيلندا إلى 764.5 مليون دولار في عام 2023، بزيادة تجاوزت 15% مقارنة بعام 2019، متخطية بذلك مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، بحسب وكالة أنباء الإمارات.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز هذه الأرقام من خلال إزالة أو تخفيض التعريفات الجمركية والحواجز التجارية، وتحسين النفاذ إلى الأسواق، إضافة إلى فتح مسارات استثمارية جديدة في مجالات حيوية مثل الزراعة، الطاقة المتجددة، الخدمات اللوجستية، الرعاية الصحية، والخدمات المهنية.
واعتبر الزيودي إطلاق مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع نيوزيلندا تطوراً إيجابياً لكل من دولة الإمارات والتجارة العالمية.
وأضاف، بأن نيوزيلندا أصبحت "شريكاً تجارياً مهما لدولة الإمارات، انطلاقا من قناعة مشتركة بين الدولتين الصديقتين بأن التجارة المفتوحة القائمة على القواعد هي محرك أساسي للنمو الاقتصادي المستدام".
ونوّه إلى أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع نيوزيلندا، "ستتيح مجموعة من الفرص الواعدة للبلدين، حيث ستوفر دولة الإمارات إمكانية الوصول المباشر إلى أسواق جديدة لصادرات نيوزيلندا، لا سيما في المنتجات الغذائية والزراعية، بينما سيتمكن مصدرو السلع والخدمات والمستثمرون في الإمارات، من استكشاف مجموعة من القطاعات ذات القيمة العالية في نيوزيلندا".
وبدوره، أوضح تود ماكلاي أن "الاتفاقية مع دولة الإمارات ستوفر فرصاً جديدة للمصدرين النيوزيلنديين، الذين يشكلون جزءاً لا يتجزأ من جهود تنشيط اقتصادنا، ولهذا السبب وضعت الحكومة الهدف الطموح المتمثل في مضاعفة الصادرات من حيث القيمة في غضون 10 سنوات، حيث تعد دولة الإمارات مركزاً ووجهة رئيسة للتصدير في منطقة الخليج، وهناك فرص كبيرة لتعزيز التعاون في مجموعة من المجالات، مثل الزراعة والطاقة المستدامة".
وتُشكل هذه الاتفاقية إضافة مهمة إلى شبكة الشركاء التجاريين للإمارات، وتسهم في تحقيق هدفها المتمثل في الوصول إلى 4 تريليونات درهم (1.1 تريليون دولار) من التجارة الخارجية غير النفطية بحلول عام 2031.