دول » دول مجلس التعاون

ما انعكاسات اتفاقية التجارة الحرة المرتقبة بين الخليج وإندونيسيا؟

في 2024/09/19

طه العاني - الخليج أونلاين-

بدأت العلاقات التجارية بين دول الخليج وإندونيسيا تأخذ منحىً متنامياً في السنوات الأخيرة، حيث شهد التبادل التجاري بين البلدين انتعاشاً كبيراً.

وشهدت صادرات إندونيسيا إلى دول الخليج زيادة ملحوظة، خاصة في قطاعات مثل المنتجات الزراعية، والصناعات الغذائية، والمعدات الكهربائية، في المقابل تعتمد جاكرتا بشكل كبير على وارداتها من الطاقة الخليجية، خاصةً النفط والغاز.

وإزاء ذلك تزداد الحاجة لإبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين الطرفين، بهدف تعزيز التبادل التجاري والاستثماري المتبادل، ودفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام لكلا الجانبين.

أول جولة مفاوضات

واختُتمت في العاصمة جاكرتا (13 سبتمبر الجاري)، الجولة الأولى من المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإندونيسيا، والتي انعقدت في الفترة ما بين 9 و13 سبتمبر الجاري.

وتأتي هذه الجولة بهدف توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي وإندونيسيا، لتعزيز التبادل التجاري وتنمية العلاقات الاقتصادية في المجالات كافة.

كما تعد الاتفاقية المرتقبة خطوة استراتيجية مهمة لكلا الطرفين، حيث تتطلع دول الخليج إلى تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط، في حين تسعى إندونيسيا إلى تعزيز نموها الاقتصادي من خلال توسيع قاعدة شركائها التجاريين الدوليين.

وخلال الجولة الأولى من المفاوضات، تمت مناقشة قرابة 11 موضوعاً من القضايا المهمة التي شملت تجارة السلع، والخدمات، والاستثمار، والإجراءات الجمركية، وقواعد المنشأ، والعوائق الفنية أمام التجارة، وتدابير الصحة، والصحة النباتية، وتيسير التجارة، والتجارة الرقمية، والمعالجات التجارية.

وتهدف هذه الجولة إلى الاتفاق على المبادئ الأساسية التي ستوجه المفاوضات في هذه المواضيع، إضافة إلى تحديد الإطار العام للجولات المقبلة والتطلعات المرجوة منها، بهدف توقيع الاتفاقية خلال فترة عامين.

من جهته، أعرب وكيل محافظ هيئة التجارة الخارجية للمنظمات والاتفاقيات الدولية ورئيس الفريق التفاوضي السعودي، فريد بن سعيد العسلي، عن سروره بنجاح الجولة الأولى من المفاوضات، مشيراً إلى أن "هذا النجاح يعكس الالتزام المشترك بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول مجلس التعاون وإندونيسيا، والتي تعد أكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا".

كما أكد أن "هذه الخطوة تمثل حجر أساس لبناء شراكة استراتيجية قوية تخدم مصالح الشعوب"، معرباً عن ثقته بأن "الجولات المقبلة ستشهد تقدماً كبيراً، نتيجة التزام الأطراف بالتوصل إلى اتفاق يسهم في تعزيز الفرص التجارية والاستثمارية المتبادلة، مما يدفع نحو نمو اقتصادي مشترك ويسهم في تحقيق الرؤى الاقتصادية للجانبين".

انعكاسات إيجابية

ومطلع أغسطس الماضي، وقّع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، ووزير التجارة الإندونيسي ذو الكفل حسن، على البيان المشترك لانطلاق مفاوضات التجارة الحرة بين الجانبين.

وأكدا حينها، أن التوقيع على البيان المشترك سيفضي إلى إبرام اتفاقية التجارة الحرة التي من شأنها أن توفر الأسس القيّمة لتوسيع التجارة والاستثمار، وتحقق تعاوناً أكبر بين الجانبين، كما أنها "تؤطر التشريعات والقوانين والإجراءات التي تحكم الاستثمارات بين الجانبين، وتضع آليات تنفيذها، وتقدم فرصاً وظيفية جديدة".

وأكد البديوي حينها، أن "الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون وإندونيسيا ستبدأ خلال عام 2024؛ وستختتم في غضون 24 شهراً، كما اتفق عليه الجانبان".

وأضاف: "تأتي جمهورية إندونيسيا كإحدى أولويات مجلس التعاون في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، التي تعبر عن رغبة كلا الجانبين في تعزيز العلاقات المميزة القائمة بينهما، خاصةً الاقتصادية".

الباحث الدكتور حبيب الهادي، يعتقد أن اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج وإندونيسيا، هي ثمرة التعاون بين الكيانات الاقتصادية المنضوية تحت لواء منظمة التعاون الإسلامي، إذ إن المنظمة دائماً تدعو دولها إلى التعاون الثنائي أو الجماعي، مشيراً في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن:

الاتفاقية المرتقبة نتيجة من النتائج التي تسعى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية والفكرية بين أعضاء دول هذه المنظمة.

دول مجلس التعاون تعتبر قوة اقتصادية إقليمية معروفة تتمثل في ثروتها الطبيعية كالنفط والغاز، والمدن الاقتصادية والمدن التجارية والأسواق الحرة فيها وموقعها، فضلاً عن الطرق التجارية والموانئ البحرية والجوية.

إندونيسيا تتمتع بثقل اقتصادي كبير، كما أنها من الدول المعروفة بالكثافة السكانية والقوة الاقتصادية النامية، إضافة إلى دور وسائل التواصل الحضاري والتجاري في القرون الإسلامية الأولى مع دول منطقة الخليج، وكل ما تقدم يعتبر عوامل أسهمت وساعدت على تعزيز التعاون بين الدول الخليجية وإندونيسيا.

العلاقات بين الجانبين لها أهمية كبرى، كما يمكن أن تؤثر هذه الاتفاقيات على اقتصاديات دول مجلس التعاون بشكل إيج ابي، من ناحية الاستثمار والتجارة الحرة مع إندونيسيا التي تتمتع بثروات طبيعية زراعية وصناعية تأتي ضمن المواد التي تستهلكها دول مجلس التعاون.

العلاقات الاقتصادية كلما كانت قوية كان لها مردودها الإيجابي على الوضع الدبلوماسي، مما يسهم في تعزيز العلاقات السياسية، لتكسب زخماً إضافياً، نتيجة قوة العلاقات الاقتصادية وهذه الاتفاقية المرتقبة.

العلاقات الخليجية الإندونيسية علاقات تاريخية، ومنها العلاقات العُمانية على وجه التحديد، فقد كانت على ارتباط معها منذ ما قبل الإسلام، ومع بداية الإسلام وصل التجار المسلمون من الخليج العربي إلى هناك، وتأصلت منها تلك العلاقات التاريخية.

في العصر الحديث هناك حاجة ماسة للتبادل التجاري بين المنطقتين، حيث إن منطقة الخليج غنية بالثروة النفطية والقوة الشرائية والرغبة في البناء والتعمير، ومن جانب آخر فإن إندونيسيا تعد منطقة استوائية غنية بالثروات الطبيعية، كالأخشاب والفواكه وغيرها.

هناك زخم تجاري واقتصادي بين المنطقتين، ورغبة كبيرة في عقد الاتفاقيات والمشاريع الاستثمارية، وتوطيد العلاقات وتبادل الزيارات على أرفع المستويات.