دول » دول مجلس التعاون

التجارة الإلكترونية في الخليج.. نحو نظام موحد لثورة اقتصادية رقمية

في 2024/12/17

يوسف حمود - الخليج أونلاين 

يحظى قطاع التجارة الإلكترونية بانتشار واسع في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يكتسب شيئاً فشيئاً سمعة عالمية بأنه الوجهة التسويقية المثلى خصوصاً للسلع الفاخرة، ومع ذلك ما زال هناك شوط طويل أمام التجارية الإلكترونية في الخليج لتبلغ طاقاتها القصوى.

تشير الإحصاءات إلى أن عدد مواقع التجارة الإلكترونية في الخليج تضاعف أكثر من 3 مرات خلال خمسة أعوام، محققة طفرة كبيرة في النمو السنوي، ومع هذا فإن التوقعات تفيد بطفرات كبيرة ستحققها التجارة الإلكترونية بالخليج، خلال الأعوام القادمة.

وتمتلك دول مجلس التعاون الخليجي قدرة هائلة على أن تصبح السوق الأسرع نمواً على الساحة العالمية للتجارة الإلكترونية، وقد كان لافتاً في ذلك الأمر أن بداية انطلاقته جاءت خلال عام 2020، بعدما ضربت جائحة كورونا العالم، ومنها منطقة الخليج.

نظام موحد

وتتجه دول الخليج لإصدار نظام موحد للتجارة الإلكترونية يهدف إلى تعظيم الاستفادة من فرص القطاع، خاصة في تطوير أداء الحكومات الرقمية، وفي مجال التجارة البينية والمبادلات المصرفية بين دول مجلس التعاون.

وشهدت التجارة الإلكترونية في دول الخليج نمواً متسارعاً منذ 2020، وبحسب مؤشرات اقتصادية فمن المتوقع أن يبلغ حجم التجارة الإلكترونية في دول الخليج نحو 50 مليار دولار بحلول العام القادم 2025.

وتنقل صحيفة "الاقتصادية" السعودية عن مصادر قولها إن فريق عمل خليجياً رسمياً مختصاً في مجال التجارة الإلكترونية يعكف على تطبيق خطة تنفيذية لوضع الإطار الاستراتيجي الموحد للتجارة الإلكترونية لدول المنطقة. 

ووفقاً للمصادر، جرى اعتماد الإطار الاستراتيجي الموحد للتجارة الإلكترونية من قبل لجنة مختصة اعتمدت بدورها الخطة التنفيذية، مضيفة أن هناك فريق عمل مختصاً يعمل حالياً على تنفيذها.

الإمارات والسعودية الأعلى

وسجلت السعودية، بحسب تقارير رسمية، ارتفاعاً ملموساً في مجال التجارة الإلكترونية من النواحي التنظيمية والمستهدفات، حيث يتوقع أن تتجاوز التجارة الإلكترونية في السعودية 15 مليار دولار بحلول عام 2025.

فيما سجل إصدار السجلات التجارية القائمة للتجارة الإلكترونية في السعودية نمواً بـ17.47%، في نهاية الربع الثاني لعام 2024، بواقع 40697 سجلاً مصدراً، مقارنة بـ34645 سجلاً تجارياً في الفترة المماثلة من عام 2023، وفق نشرة قطاع الأعمال الصادرة عن وزارة التجارة للربع الثاني من العام الجاري.

وعززت التجارة الإلكترونية في الإمارات موقعها كقوة دافعة للنمو الاقتصادي، حيث يشير تقرير لـ"موردور إنتليجنس" العالمية للأبحاث (أكتوبر 2024) إلى أن التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات شهدت نمواً غير مسبوق، خلال السنوات الأخيرة، مع توقعات بتحقيق سوق التجارة الإلكترونية نمواً سنوياً مركباً بنسبة 11.52% حتى عام 2029.

ويتوقع أن ترتفع سوق التجارة الإلكترونية من 11.01 مليار دولار (40.4 مليار درهم) في 2024، إلى 18.99 مليار دولار (69.7 مليار درهم) بحلول عام 2029.

نمو مستمر

ويقدر حجم سوق التجارة الإلكترونية في قطر بنحو 4.18 مليارات دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.55 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 9.40% خلال الفترة المتوقعة (2024-2029).

وكشف تقرير صدر مؤخراً عن نمو كبير بصناعة التجارة الإلكترونية في الكويت، حيث تضاعفت بأكثر من مرة خلال السنوات الماضية، لتقفز من مستوى 600 مليون دولار في عام 2018 إلى 1.5 مليار دولار في عام 2023.

فيما تقول البحرين في أحدث إحصائية نشرتها في أبريل الماضي، إن حجم التجارة الإلكترونية بلغ 669 مليون دينار (مليار و777 مليون دولار)، خلال النصف الأول من العام الماضي 2023.

أما في عُمان، فقد قالت الحكومة إن قيمة سوق التجارة الإلكترونية بلغت مليارين و289 مليون دولار أمريكي عام 2023، فيما يُتوقع أن تسجل إيرادات هذا السوق معدل نمو سنوي مركباً في الفترة من 2023 إلى 2027؛ قدره 9.8%، مما ينتج عنه حجم سوق يبلغ 3 مليارات و327 مليون دولار أمريكي.

ثورة غير مسبوقة

تشير حنين ياسين المختصة في الشأن الاقتصادي الخليجي، إلى أن دول الخليج العربي تشهد ثورة غير مسبوقة في قطاع التجارة الإلكترونية، بعدما أصبحت المنطقة واحدة من أسرع الأسواق نمواً في العالم.

وترجع في حديثها لـ"الخليج أونلاين" أسباب هذا الانتشار إلى "اعتماد التكنولوجيا الرقمية وزيادة استخدام الإنترنت والهواتف الذكية بين السكان، إلى جانب الدعم الحكومي الكبير لهذا القطاع كجزء من استراتيجيات التنويع الاقتصادي. 

كما يُعزى انتشار التجارة الإلكترونية في الخليج، وفق ياسين إلى عدة عوامل؛ منها "انتشار التكنولوجيا الرقمية، حيث يتجاوز معدل استخدام الإنترنت 95% في بعض الدول مثل الإمارات وقطر، إضافة إلى التحول في عادات التسوق نحو القنوات الرقمية بعد جائحة كورونا، وزيادة الثقة في منصات الدفع الإلكتروني مقارنة بالماضي". 

وتؤكد أن حكومات دول الخليج "أدت دوراً كبيراً من خلال إطلاق مبادرات تدعم التجارة الإلكترونية؛ مثل رؤية السعودية 2030، واستراتيجية الاقتصاد الرقمي للإمارات، إلى جانب تسهيل اللوائح التنظيمية لجذب الاستثمارات وإنشاء منصات محلية". 

وإلى جانب ذلك فإن وجود منصات قوية مثل "Amazon وNoon وTalabat" ساهم أيضاً في جذب مزيد من المستهلكين، فضلاً عن القوة الشرائية العالية لسكان المنطقة، مما عزز الإقبال على التسوق عبر الإنترنت، تقول ياسين.

أما اقتصادياً فتسهم التجارة الإلكترونية "في تعزيز الاقتصاد المحلي، من خلال دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وخلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل اللوجستيات والتسويق الرقمي"، فضلاً عن أنها "تزيد من التنافسية الإقليمية لدول الخليج عبر تطوير البنية التحتية اللوجستية وجذب الاستثمارات الأجنبية، مما يدعم التنويع الاقتصادي بعيدًا عن النفط".

ورغم النمو السريع، فإن ياسين تشير إلى أن التجارة الإلكترونية "لديها تحديات مثل تكاليف الشحن المرتفعة، والحاجة لتحسين سرعة التسليم، وضمان الأمن السيبراني لحماية بيانات المستهلكين".

وتضيف: "مع استمرار الدعم الحكومي وظهور مزيد من الشركات الناشئة، تمثل التجارة الإلكترونية ركيزة أساسية للتحول الاقتصادي في الخليج، وتعد بمستقبل رقمي واعد يعزز من النمو الاقتصادي المستدام".

نمو عالمي

وتعرف التجارة الإلكترونية بأنها عملية بيع وشراء البضائع والخدمات عبر الإنترنت؛ حيث تُمكن عملاء التجارة الإلكترونية من إجراء عمليات شراء من أجهزة الحاسب الخاصة بهم، إضافة إلى نقاط الاتصال الأخرى، ومن بينها الهواتف الذكية والساعات الذكية والمساعدات الرقمية، مثل أجهزة Echo من Amazon.

وتزدهر التجارة الإلكترونية في كلا قطاعي ‏‫التعاملات بين الشركات والمستهلكين (B2C) والتعاملات بين الشركات بعضها وبعض (B2B).

في نموذج التجارة الإلكترونية بين الشركات والمستهلكين، يبيع بائع التجزئة أو شركة أخرى مباشرة للعملاء النهائيين، وفي التجارة الإلكترونية بين الشركات بعضها وبعض (B2B) تبيع شركة إلى أخرى.

وفي كلا القطاعين يتمثل هدف معظم الشركات في تمكين العملاء من شراء أي شيء يريدونه، في أي وقت ومن أي مكان، باستخدام أي جهاز رقمي.

وازدهرت هذه التجارة بشكل كبير في الخليج خلال حظر التجول الجزئي أو الشامل الذي فرضته السلطات في عديد من دول الخليج أثناء أزمة كورونا خلال عام 2020، pde كانت المتاجر الإلكترونية هي الطريق الوحيد أمام الباحثين عن متطلباتهم، خصوصاً السلع التي أغلقت متاجرها التقليدية مثل الإلكترونيات والملابس وأدوات المطابخ والأغراض المنزلية والأدوات الرياضية وغير ذلك.

وتتوقع تقارير دولية كان من بينها تقرير صادر عن "كيرني – الشرق الأوسط" عن توقعات ببلوغ حجم التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي 50 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.

وتستثمر الدول العربية بسخاء في مبادرات التحول الرقمي، حيث ركزت استراتيجياتها خلال العقد الجاري على التحرر من الاقتصاد النفطي وتحقيق التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة، واعتمدت التحول الرقمي كأداة أساسية لتحقيق ذلك، ليكون حاضراً بقوة في العديد من الاستراتيجيات مثل "رؤية السعودية 2030"، رؤية "نحن الإمارات 2031"، و"عمان 2040"، و"الكويت 2035"، و"قطر 2030".