في 2025/03/14
سلمى حداد - الخليج أونلاين
يحتفل الأطفال في دول الخليج العربي بطقوس "القرنقعوه" السنوية، التي تبدأ ليلة النصف من رمضان وتستمر ثلاثة أيام كاملة، وتهدف في غالب فعاليتها لإدخال الفرحة إلى قلوب الصغار وتشجيعهم على الصيام.
وتختلف تسمية المناسبة السنوية من بلد إلى آخر، فهو قرقيعان في الكويت والمنطقة الشرقية بالسعودية، أو قرقاعون في البحرين، وقرنقعوه في قطر، أو القرنقشوه في عُمان، لكنها في النهاية تسميات تعبر عن نفس المناسبة.
في هذا الموسم يلبس الأطفال أزياءً تراثية، ويطوفون على البيوت وهم يرددون أهازيج شعبية خاصة بهذه المناسبة، فيما يوزع الأهالي الحلوى عليهم من المنازل.
قطر
وثمة عديد من الطقوس التي يمارسها أطفال كل بلد خليجي لإحياء هذا الموسم الاجتماعي؛ ففي دولة قطر، يبدأ الأطفال طرق الأبواب من بعد صلاة المغرب حاملين أكياساً فارغة لجمع الحلوى.
وفيما تلبس الفتيات الملابس المطرزة ويتزينَّ بالحلي ويضعن "البخنق"، وهي قطعة من القماش لتغطية الرأس، يضع الأولاد الطواقي المطرّزة "القحفية"، ويلبسون الصداري، ويعتبرون ذلك احتفالاً بمولد الحسين بن علي بن أبي طالب، سبط النبي صلى الله عليه وسلم.
وكما تختلف مظاهر الاحتفال من بلد لآخر فإن الأهازيج أيضاً تختلف، ورغم أن المظهر التقليدي الصرف لم يعد موجوداً كما كان في سنوات مضت، فإن الاحتفال ما يزال موجوداً، وما يزال أبطاله من الأطفال يجمعون الحلوى، ولو من دائرة ضيقة عما كان سابقاً.
وعادة ما تحيي مدينة مشيرب قلب الدوحة احتفالات القرنقعوه بمجموعة من الفعاليات والأنشطة المميزة التي تعكس الموروث الشعبي القطري.
ويحظى الصغار بتجربة استثنائية على متن ترام مشيرب الذي يجول في شوارع وأحياء المدينة، ويحصلون خلال الجولة على أكياس الحلويات والمكسرات.
وتتضمن الفعاليات أيضاً عروض الأزياء التراثية التي تعكس الثقافة المحلية، والتقاط صور للأطفال بتقنية 360 درجة.
وهذا العام احتفل "الحزم مول"، أحد أشهر المجمعات التجارية في الدوحة، بفعاليات القرنقعوه، حيث الفوالة، والعروض التراثية، وأجواء ممتعة للأطفال والكبار.
السعودية
وفي العاصمة السعودية الرياض عادة ما تستضيف منطقة بوليفارد مثلاً فعاليات قرقيعان، حيث تشهد فعاليات ترفيهية في طقس شعبي توزّع فيه الحلوى والمكسرات على الأطفال.
حيث تتحول منطقة البوليفارد إلى حي شعبي قديم يرتدي فيه الأطفال أزياء شعبية تراثية مبهجة بديعة الألوان، والتنقل بين المارّة والزوّار مرددين أهازيج وأغنيات خاصة بالمناسبة من أجل الحصول على الحلويات.
وتضمنت الفعاليات في سنوات ماضية افتتاح معرض "بوثات" للعديد من المنتجات التراثية السعودية القديمة، إضافة لفعالية "ألعاب الطيبين" وتتضمن مجموعة من الألعاب التي كانت منتشرة قديماً بالمملكة.
كما يكون هناك فقرة مشوقة يروي خلالها الحكواتي قصصاً تراثية على الأطفال والحضور بمنطقة البوليفارد.
الإمارات.. حق الليلة
ويحتفل الإماراتيون بالموسم السنوي منتصف شعبان وليس رمضان، وتحت عنوان "حق الليلة"، حيث يرتدي الأولاد والبنات الزي التقليدي ويتلقون الحلوى والمكسرات من الأهالي، فضلاً عن إقامة العديد من الفعاليات في المناطق السياحية.
وتشمل ملابس حق الليلة في دبي والإمارات الأخرى للأولاد الكندورة، أما الفتيات فيرتدين أثواباً ملونة.
الكويت.. حفلات خاصة
مع تطور الزمن، تحول الاحتفال بـ"قرقيعان" في الكويت إلى كرنفال احتفالي ضخم، تقيمه العائلات الميسورة والعائلات المتوسطة الدخل لأطفالها داخل منازلهم في الغالب، في حين يختار البعض تنظيمه في فنادق أو منتجعات تحجز خصوصاً لهذه الاحتفالية.
وأدت زيادة الطلب خلال السنوات الأخيرة على القرقيعان إلى قيام تجارة ضخمة على أساس هذا التراث الذي كان من المفترض أن يكون بسيطاً.
ولا يحول هذا دون تنظيم فعاليات في الشوارع أو الأماكن العامة، لكنها لم تعد كما كانت في السابق، حيث أصبح سكان المنطقة الواحدة أو الشارع الواحد يحتفلون فيما بينهم.
البحرين وعُمان
وفي البحرين لا تختلف مظاهر الاحتفال كثيراً، حيث يرتدي الأطفال الأزياء التقليدية المتعددة من "البخنق" وثوب "النشل" والجلابيات المبتكرة، فيما يلبس الأولاد الثوب الأبيض المطرز بخيوط ذهبية مع سديري أسود أو بدونه ويحملون أكياساً مصنوعة من القماش.
أما في سلطنة عمان فيلبس الأطفال ثيابهم التقليدية ويعلقون أكياساً قماشية لجمع الحلوى والمكسرات.
ويجسد هذا الموسم الاجتماعي السنوي شكلاً من أشكال التناغم بين الناس وفرصة لنشر ثقافة العطاء، وإسعاد الأطفال، وله مردود كبير على العلاقات الاجتماعية في دول الخليج العربي عموماً.
وتسمية القرقيعان أو القرنقعوه مشتقة من كلمة (قرقعة)؛ أي إصدار أصوات من مواد صلبة، وهي أصوات الأواني الحديدية التي تحمل الحلويات يضربها الأطفال بعضها ببعض.
وكانت الحلويات والهدايا التي توزع على الأطفال في هذه الليلة تحمل البساطة في مكوناتها؛ إذ كانت عبارة عن بعض المكسرات المخلوطة بالحلويات.
لكن مع ارتفاع مستوى المعيشة في دول الخليج العربي تحولت هدايا القرقيعان إلى شوكولا أجنبية وبطاقات دعوة، وتصميمات وحفلات. كما استبدل كيس القرقيعان، الذي تخيطه الجدة للصغار، بتصميمات حديثة، و(كتالوج) حسب الأذواق.
وكانت طريقة الاحتفال بهذه الليلة أن يبدأ الأطفال، عقب الانتهاء من الفطور، بالطواف على البيوت المجاورة، مرتدين الملابس الشعبية، قبل أن تتخذ الاحتفالات مظاهر أكثر بذخاً وانحساراً في دوائر أضيق كالعائلة أو الأصدقاء أو الجيران.