الحياة السعودية-
رفضت محاكم في كل من البحرين والكويت والإمارات عقد قران «قاصرات» سعوديات، وذلك تمشياً مع النظام المعمول به في المملكة، والذي يضع قيوداً عدة على زواج القاصرات، وفق ما أدلى به قضاة خليجيون تحدثوا إلى «الحياة»، وكشفوا أن الاجراء يتطلب لمن أصر عليه «موافقة رسمية». ولجأت عائلات سعودية إلى عقد قران بناتها القُصّر خارج المملكة، وتحديداً في دول خليجية، إلا أنها جوبهت برفض المحاكم، في كل من البحرين والإمارات والكويت، إجراء الزواج.
وعلى رغم أن هيئة كبار العلماء في السعودية لم تحرم زواج القاصرات، وترى أنه «جائز»، إذا كانت الفتاة دون سن الـ15، كما أوضح المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، في وقت سابق. إلا أن وزارة العدل تضع «عقبات» أمام إتمام هذا النوع من الزيجات، وكشفت قبل عامين عن نيتها استصدار فتوى من الهيئة تقنن جواز قران القاصرات من خلال نقل صلاحيات هذه النوعية من الزيجات من المأذون إلى القاضي الشرعي. كما عدلت الوزارة عقود الأنكحة أخيراً، واشترطت إضافة تاريخ الميلاد لكلا الزوجين.
وشملت ضوابط مشروع مقترح من الوزارة أن يثبت لدى قاضي المحكمة موافقة البنت ووالدتها على هذا الزواج، ولا سيما إذا كانت الأم مطلقة. والتشديد على ولي الفتاة بعدم إتمام زواجها بعد عقد قرانها مباشرة، وإنما تعطى الفرصة الكافية لتهيئتها من الناحية النفسية وتدريبها لمتطلبات الحياة الأسرية. وعلى رغم أن بعض هذه الضوابط لم يُقر رسمياً، فإن الجهات الرسمية أصبحت أكثر تشدداً في ترسيم عقود قران القاصرات، ما دفع العوائل الراغبة في عقد قران بناتهن الصغيرات إلى اللجوء إلى دول الخليج.
وقالت إحدى الأمهات لـ«الحياة»: «رفضت المحكمة في الكويت عقد القران، وأنا أريد تزويج ابنتي القاصر من شاب سعودي، بسبب رفض والدها وسوء معاملته لها، ومحاولاته تزويجها من أحد أقاربه بعد بلوغها السن القانونية». وأوضحت أم أخرى أن أسباب لجوئها إلى عقد قران ابنتها القاصر خارج السعودية «عدم موافقة مأذوني الأنكحة على عقد زواجها هنا»، مضيفة: «حاولت ذلك في الإمارات أكثر من مرة، إلا أنني علمت أن ذلك يتطلب موافقة السفارة»، مشيرة إلى أن هذا الاشتراط لم يكن موجوداً في السابق، وعندما حاولت أخذ الموافقة وإيضاح الأسباب لم أحصل على رد حتى الآن، ربما لأن الأمر مرفوض تلقائياً، بحسب ما علمت من المحكمة في دبي».
بدوره، قال القاضي في المحكمة الشرعية في البحرين الشيخ صلاح الستري لـ«الحياة»: «لا يوجد قانون خليجي موحد يمنع زواج القاصرات، ولكن تم فرض مجموعة ضوابط لعقد قران القاصر، إذ يتطلب ذلك موافقة رسمية من السفارة السعودية في المنامة لإتمام الإجراءات، وكذلك ما يثبت إقامة أحد الطرفين في البحرين، والأهم حضور ولي الأمر أو وكيل الطفلة، ومن دون ذلك يُرفض الزواج»، مشيراً إلى أنه لا يوجد عدد مرصود لحالات زواج القاصرات، فمن يلجأ إلى المحكمة يتم توجيهه باستكمال الإجراء الاعتيادي، وفي حال انطباق الشروط يتم عقد القران، حتى لو كان عمر الزوجة 14 سنة». بدوره، أفاد المحامي علي جاسم، بوجود دائرة اختصاصها «الزواج» في المحاكم الشرعية في البحرين، وفي ما يتعلق بتزويج القاصرات من خارج البحرين لا بد من الرجوع إلى الجهات المعنية بذلك. وقال: «ثمة تحفظ على موضوع زواج القاصرات، سواء أكن سعوديات أم بحرينيات، إلا بعد توافر ضوابط معينة».
وفي الكويت، أوضح القاضي السابق الشيخ أحمد عبدالرحمن، أن «السائد في تزويج القاصرات السعوديات هو الحصول على «الموافقة» مسبقاً، ولا سيما أن زواجهن ممنوع في السعودية، ولا يمكن للدول الأخرى تحمل تبعات مسؤولية تزويجهن، حتى لو كانت أنظمتها لا تمنع ذلك»، لافتاً إلى وجود تنسيق مع جمعية «أواصر» التي ترعى الأسر السعودية في الخارج، ومع السفارات السعودية أيضاًَ.