شؤون خليجية -
مع قرب التصويت على إقرار الاتفاقية الأمنية الخليجية "بمجلس الأمة الكويتي" في دور الانعقاد الجديد.. يتجدد الجدل حول أهمية الاتفاقية في ظل الأوضاع التي تمر بها دول الخليج العربي، من عدمها، وحول مخاطرها التي تهدد العلاقة بين الحكومات وشعوبها، وتهدد أيضا سيادة الدولة على أراضيها .
وفي ظل استمرار عدم موافقة الكويت على الاتفاقية "كدولة خليجية وحيدة لها برلمان للأمة ودستور يتعارض مع بعض بنود الاتفاقية"، وافق عدد من النواب الكويتيين على إقرار الاتفاقية، فيما استنكرت أحزاب وقوى سياسية محاولة استغلال الأوضاع لإقرار اتفاقية غير دستورية ، خاصة بعد المناشدات بإقرارها من خلال مرسوم ضرورة أو بانعقاد طارئ لمجلس الأمة .
وتظل الكويت هي الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي لم تصادق على الاتفاقية الأمنية التي أقرتها قمة المجلس في المنامة نهاية 2012، فهل يصوت البرلمان الكويتي برفض الاتفاقية؟، وبالتالي تفشل الدول الخليجية في تحقيق أهدافها بإحكام قبضتها الأمنية على كل المعارضين على الأراضي الخليجية؟ أم سيعتمدها تحت ضغط الظروف الأمنية والأخطار التي تواجه منطقة الخليج؟
اللجنة التشريعية تطالب بالتأني
جددت تصريحات رئيس اللجنة التشريعية البرلمانية بمجلس الأمة الكويتي، مبارك الحريص، أمس الثلاثاء، الجدل حول الاتفاقية، التي من المفترض أن تشهد تصويتا عليها في الدورة البرلمانية الجديدة.. والذي طالب عدم استعجال بلاده في التوقيع على الاتفاقية الأمنية الخليجية، الموجودة في اللجنة.
وأرجع الحريص السبب في ذلك "لأنها تحدد مصير الكويت في السنوات المقبلة من ناحية الدستور والحريات ومستقبلها السياسي، خصوصاً أن دول الخليج منظومة عمرها أكثر من 35 سنة، وعموماً فإن الاتفاقية ستُدرس وستتبلور، ولا بد من أن يكون التقرير في شأنها شاملاً ولا يتعارض مع الدستور والقانون" – بحسب الرأي الكويتية - .
وقال الحريص: "نحن في اللجنة التشريعية لا نستطيع أن نغامر في الموافقة أو الرفض بطريقة متسرعة؛ لأن الاتفاقية تتعلق بدول الخليج، وهناك آراء تقول إن تقرير الاتفاقية استغرق أمداً طويلاً في الدراسة، ونحن نقول إنها لم تتأخر في اللجنة ولكنها تأخرت قبل وصولها إلينا".
وأوضح أن اللجنة التشريعية ستقدم تقريراً دستورياً ولائحياً "حتى يصوّت النواب على أرضية صحيحة، ولكي لا ينجرفوا وراء رغبات أو عواطف، وعموماً أنا لن أعلن رأيي الخاص لأنني رئيس اللجنة التشريعية ورأيي أحتفظ به حتى يوم التصويت لأكون محايداً" .
مطالبات بالموافقة يقابلها معارضة شديدة
وفيما ناشد نائب رئيس مجلس الأمة مبارك الخرينج رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك بضرورة العمل على إقرار الاتفاقية الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي، مطالبا بإقرارها في أول جلسة قادمة لمجلس الأمة في دور الانعقاد المقبل أو من خلال دور انعقاد طارئ أو من خلال مرسوم ضرورة.
واعتبر "الخرينج" أن الاتفاقية أصبحت ضرورة ملحة لحماية الأمن الوطني ومن بعده الأمن الخليجي والعربي الذي بات مهددا من قبل أطراف يهمها زعزعة الأمن والاستقرار للمنطقة، مستشهد بالأحداث الأخيرة التي مرت بها الكويت بدأت بالخلية التجسسية والتي أدانها القضاء وتفجير مسجد الإمام الصادق والذي راح ضحيته مواطنون أبرياء وأخيرا خلية العبدلي الإرهابية التي أضمرت الشر للبلاد والعباد، وما هذه الأحداث الإرهابية إلا مؤشرات واضحة المعالم بما يخطط للكويت والمنطقة من قبل الأطراف الخارجية.
على الجانب الآخر انتقد رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون، الاتفاقية معتبراً أنها تنتهك حرمة الدستور وتمس الحريات والسيادة في بعض بنودها. وتمنى أن توهب الشعوب الخليجية مزيداً من الحريات وتشارك في صنع القرار في القريب العاجل لتنجح فكرة الاتحاد الخليجي.
وقال السعدون: إن الأمر الحتمي الذي لا يحتمل الجدل هو انه لا خيار لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خصوصا في ظل التغيرات المتسارعة إقليميا ودوليا، إلا تطوير علاقات دوله إلى أي شكل متقدم من أشكال الاتحاد فيما بينها، إذا ما أراد المجلس أن يكون قادرا على مواجهة أي تحديات محتملة تستهدف مصالح دوله وأمنها بل وتستهدف بقاءها.
وأضاف: ولكن الأمر الحتمي كذلك والذي لا يحتمل الجدل، هو أن هذا التطوير في العلاقة لا يتحقق إلا في ظل أنظمة متشابهة منفتحة على شعوبها خصوصا ما يتعلق منها باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، بما في ذلك حرية التعبير عن الرأي وحق المشاركة الشعبية في صنع القرار وهو ما نتمنى ونتطلع إلى أن يتحقق في جميع دول مجلس التعاون في وقت قريب حتى يقوم الاتحاد في ظله.
كما أوضح الوزير الكويتي السابق أحمد باقر، أن بعض المواد تتعارض مع الدستور وأخرى غامضة بحاجة إلى تفسير تشريعي، مشيرا إلى أنه لا يجب أن يفهم من الحديث أننا ضد التنسيق الأمني بين دول الخليج، لأننا نؤيد بقوة التكامل الأمني بين دول الخليج، فقد أيدنا اتفاقية الدفاع المشترك، كما طالبنا عبر أكثر من بيان بقيام كونفدرالية خليجية تتوحد فيها السياستان الخارجية والدفاعية.
أما الاتفاقية الأمنية فهي اتفاقية لتبادل المتهمين، ولو صيغت نصوصها بشكل يوافق الدستور الكويتي، ومصلحة الكويت واستقلالية قرارها، لكان هذا هو الأفضل، وبالتأكيد لا حاجة أن نذكر بأنه في وقت الأزمات تزداد الحاجة إلى التشاور والاستماع إلى الرأي والرأي الأخر وأخذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية البلاد وأمنها.
وطالب "باقر" بإعادة صياغة الاتفاقية الأمنية بشكل يتوافق مع الدستور ومصلحة البلاد واستقلالية قرارها، وهذا دور مجلس الأمة، الذي عليه أن يتحفظ في القانون عن بعض المواد ويصدر تفسيرا تشريعيا لبعض المواد الأخرى الغامضة، كما فعلنا في العديد من الاتفاقيات عند الموافقة عليها.
وكانت هذه الاتفاقية الجديدة قد أقرت للسماح للكويت بالانضمام إلى الاتفاق الأمني الخليجي بعد أن رفضت منذ العام 1994 توقيع اتفاقية سابقة بسبب تعارضها مع الدستور الكويتي. وتنص الاتفاقية على تسليم المطلوبين بطلب من أي من الدول الأعضاء بتهمة القيام بنشاط سياسي أو أمني معاد لها. وأكدت مجموعات سياسية عدة في الكويت رفضها للاتفاقية.
فيما أكد مسؤول في وزارة الداخلية في دولة الكويت في وقت سابق "أن الاتفاقية الأمنية الخليجية لا تتعارض بأية حال من الأحوال مع الدستور الكويتي".
وسبق وأن أكد الدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن المجلس عالج تحفظ الكويت على بعض البنود في الاتفاقية الأمنية الخليجية بما يتواءم مع القوانين والتشريعات الكويتية. وقال: "إن الاتفاقية الأمنية مطروحة منذ زمن طويل، وستساهم في التنسيق بين الأجهزة الشرطية والأمنية بين دول المجلس وستعزز الجهد الأمني".