سايمون هندرسون- معهد واشنطن-
في الأسبوع الماضي، منحت الإمارات العربية المتحدة إسرائيل إذن رسمي لإقامة مكتب دبلوماسي في أبوظبي تحت رعاية "الوكالة الدولية للطاقة المتجددة" ("إيرينا" ["الوكالة"])، وهو هيئة متعددة الأطراف تضم أعضاء من 144 دولة. وعلى الرغم من أن المسؤولين من كلا الحكومتين قد عملوا جاهدين للإشارة إلى أن المكتب الجديد يهدف فقط إلى تسهيل عضوية إسرائيل في "الوكالة "التي يقع مقرها الرئيسي في أبوظبي، ينبغي النظر إلى الإعلان في سياق تحسين العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج .
ويجدر بالذكر أن دبلوماسيين إسرائيليين يحضرون اجتماعات "الوكالة" في أبوظبي منذ سنوات. أما الآن فسيحق لهم إنشاء مكتب في العاصمة الإماراتية والعيش فيها بشكل دائم أيضاً. ونظراً لاستمرار انعدام العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين دولة الإمارات وإسرائيل، قد يبدو أن هذا الدخول مشابهاً لوجود بعثة إيرانية معتمدة لدى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران. ولكن في حالة "الوكالة الدولية للطاقة المتجددة"، فإن الترتيب الجديد أكثر أهمية بكثير على الرغم من البيانات الرسمية الحذرة. ويتجلى هذا الحذر في رغبة وسائل الإعلام الإماراتية على ما يبدو في الحد من أهمية الموضوع، والرقابة الرسمية التي تحد مما يمكن لوسائل الإعلام القائمة في اسرائيل أن تنشره حول مواضيع معينة، بما فيها العلاقات مع الدول العربية. وفي الواقع، يعكس هذا المكتب الجديد الحضور الإسرائيلي الدبلوماسي الثاني في مدينة خليجية، وذلك بعد القنصلية التي يحيطها التكتم والتي تم الكشف عن وجودها (ولكن ليس موقعها)، في وثيقة ميزانية إسرائيلية تم تحريرها عَرَضاً على ما يبدو في عام 2013.
وفي حين أن التجارة الإسرائيلية مع دول الخليج العربي هي في نمو مستمر، وكبيرة في بعض الحالات، إلا أن الروابط السياسية بين الجانبين في مد وجزر. ففي عام 2010، على سبيل المثال، غضبت الإمارات العربية المتحدة من اغتيال مهرب أسلحة من حركة «حماس» في دبي، من قبل إسرائيل وفقاً لبعض التقارير (إنظر "الروابط بين إسرائيل ودول «مجلس التعاون الخليجي» بعد خمسة وعشرين عاماً من حرب الخليج الأولى"). بيد، إن أية مخاوف لدولة الإمارات حول أحداث العنف الأخيرة في الضفة الغربية قد طغى عليها على ما يبدو القلق المشترك لدول الخليج وإسرائيل حول إيران، وخاصة منذ التوقيع على الاتفاق النووي مع «مجموعة الخمسة زائد واحد» في تموز/يوليو. ومن المرجح أن يشكل التحدي الذي تطرحه جماعة «الإخوان المسلمين» مجالاً إضافياً للتوافق بين القدس والإمارات العربية المتحدة.
ومن المثير للانتباه، أن المشاركين في اجتماع مجلس "إيرينا" الذي تم فيه إضفاء الطابع الرسمي على المكتب الإسرائيلي وفقاً لبعض التقارير، قد شمل دوري غولد، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية وأحد المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. يُشار إلى أن غولد كان، مباشرة قبل توليه هذا المنصب في الصيف الماضي، وقبيل التوصل إلى الاتفاق النووي الايراني، كان قد اعتلى المنصة في واشنطن مع الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي، وتم الكشف على أنهما أجريا مناقشات غير رسمية على مدى عدة سنوات حول مختلف القضايا الثنائية.
ومن غير المرجح أن تعود الروابط السياسية بين إسرائيل ودول الخليج على الفور إلى أوجّها كما كانت في التسعينيات، عندما قام القادة الإسرائيليون، بعد اتفاقية كامب ديفيد، بزيارة عُمان وقطر وإنشاء بعثات دبلوماسية صغيرة وُصفت بأنها تجارية أو مكاتب اتصال (على الرغم من أن مسقط والدوحة فشلتا في متابعة هذا النهج عبر فتح مكاتب مثيلة لهما في إسرائيل). وقد شجعت واشنطن قيام مثل هذه الاتصالات منذ فترة طويلة، وبالتالي فإن التبادل الرسمي بين الدبلوماسيين الإسرائيليين والإماراتيين يعود إلى أكثر من عقد من الزمن. بيد، بينما قد ترحّب واشنطن بهذا التقدم الأخير [في الروابط]، إلا أنه ينبغي أن يُنظر إليه أيضاً على أنه جاء نتيجة لإحتضان إدارة أوباما المتصوَّر لإيران، التي لا تزال تثير قلقاً بين حلفاء أمريكا التقليديين في المنطقة.