محمد عبّود - الخليج أونلاين-
لا تقل تحديات الأمن المائي الخليجي أهمية عن الأمن القومي، فالتحديات المائية تمثل هاجساً لدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة، في وقت تعاني من استهلاك مفرط للماء، ما دفع دول المجلس إلى العمل معاً لوضع رؤية واضحة مستقبلية لمحاولة التغلب على تلك المشكلة.
المناخ الصحراوي لدول منطقة الخليج، ومحدودية الموارد المائية العذبة صنفا دول الخليج باعتبارها من أفقر دول العالم مائياً، وهو ما جعل حل المشكلة مسألة أمن قومي خليجي، هي مشكلة تعززها الزيادة السكانية المضطردة، والأنشطة الحياتية والزراعية والصناعية.
- ثلث نفط الخليج تستنزفه المياه
وفي مؤتمر الأمن الوطني والإقليمي لدول مجلس التعاون الذي انعقد في أبريل/نيسان 2014، أشير إلى أن ما بين ربع وثلث الإنتاج النفطي الخليجي تستنزفه محطات التحلية، حيث طالبت ورقة المؤتمر بخارطة طريق لتحقيق الأمن المائي الخليجي وتعزيز مكوناته، وإصلاحات كبيرة في بناء القدرات المؤسسية.
وأشارت ورقة المؤتمر إلى أن السعودية استهلكت وحدها، خلال السنوات الأربع السابقة لانعقاد المؤتمر، أكثر من 500 مليار متر مكعب من المياه الجوفية، ممّا يعد مؤشراً خطيراً أشبه بالانتحار في دولة صحراوية كالسعودية.
وطالبت ورقة المؤتمر بضرورة إيجاد بدائل كتحلية المياه ومعالجتها وإعادة استخدامها ومكامن المياه الجوفية، وتوافر الطاقات اللازمة لتطويع هذه المقومات، وتكوين مخزون استراتيجي آمن من المياه العذبة وخيارات نقل المياه عبر الحدود.
وكان عام 2012 بداية لمنعطف مهم في بلورة الربط المائي الخليجي؛ بسبب عدم قناعة بعض دول الخليج بجدوى الاستراتيجية المائية الحالية.
- أهمية المشروع
وتوصلت دراسة حديثة عن الربط المائي بين دول الخليج إلى ضرورة أن يكون مصدر المياه من خارج مياه الخليح، وتحديداً من مياه بحر العرب أو بحر عمان، بحيث يتم تحليتها لتصبح صالحة للشرب، وذلك عبر إنشاء محطات تحلية مياه في الدول الخليجية، وإنشاء خزانات مياه تستوعب كميات كبيرة من المياه قُدرت، آنذاك، بنحو 7 مليارات دولار.
كذلك، طالبت الدراسة ضرورة التسريع بتطبيق استراتيجية الربط المائي في الوقت الراهن؛ نظراً للتغيرات والتحديات التي تشهدها منطقة الخليج، والتي لا تنحصر في شح المياه وحسب، بل تتوسع لتشمل تلوث المياه أيضاً، وذلك لو حدث تسرب من منشآت الطاقة إلى المياه.
وقد أشارت الدراسة إلى مشكلة المفاعل النووي الإيراني بوشهر، وتلوث مياه الخليج إذا ما وقعت مشكلة في المفاعل، بالإضافة إلى المنصات النفطية العائمة المنتشرة عبر دول الخليج ومنشآت التحميل، إذ يشكل كل هذا تهديداً لمياه الشرب في حال حدوث تسرب نفطي كبير، ممّا فرض على دول الخليج التعجيل ببناء شبكة خطوط نقل مياه لتخفيف الاعتماد على محطات تحلية المياه الممتدة على ساحل الخليج العربي، وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية، وخاصةً أنها باتت عاجزة عن تلبية الطلبات المتزايدة من المياه.
- أطماع وأزمات
الأطماع الإسرائيلية تتصدر المخاطر التي تواجه المنطقة العربية، وخاصةً محاولاتها العديدة التحكم في مياه أنهار اليرموك وبانياس في حوض الأردن، وفي مياه الجنوب اللبناني.
كذلك، عدم الاستقرار السياسي في دول حوض النيل أثر بشكل كبير على المشروعات المائية في هذه المنطقة، في وقت يواجه نحو 60% من سكان العالم ندرة من المياه بحلول عام 2025.
وكان رئيس جمعية علوم وتقنية المياه بالبحرين، عبد اللطيف المقرن، قال إن دول الخليج فقدت نحو 85% من حجم المياه الجوفية لديها بسبب الاستهلاك والتوسع في مشروعات الري خلال العقود الثلاثة الأخيرة، مضيفاً أن المشكلة تتفاقم لأن دول الخليج من أقل دول العالم مطراً وأكثرها جفافاً.
وفي السياق، أكد الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية لمجلس التعاون الخليجي، المهندس عجلان الكواري، أن "ارتفاع الطلب على المياه في دول المجلس زاد من ستة مليارات متر مكعب عام 1980 إلى 25 مليار متر مكعب عام 1995"، مشيراً إلى أن دول المجلس تعاني حالياً من نقص مائي يبلغ 15 مليار متر مكعب، يتوقع أن يرتفع إلى 31 ملياراً عام 2025، تتم تغطيتها من المخزون الجوفي غير المتجدد.
- الربط الكهربائي عزز الربط المائي
الخطوات الناجحة التي اتخذتها دول مجلس التعاون للربط الكهربائي تدفعها إلى المضي قدماً نحو اتفاق للربط المائي خوفاً؛ من شح أو طارىء في حجم المياه المتدفقة من الخليج العربي.