دول » دول مجلس التعاون

دول الخليج وروسيا والخلافات.. علاقات تُبنى بميزان الذهب

في 2016/01/16

خالد كريزم- الخليج اونلاين-

يُلبي تدمير قوة تنظيم  داعش مصالح كل من دول الخليج وروسيا على حد سواء، رغم التجاذبات والاختلافات بشأن مصير نظام بشار الأسد في سوريا والتدخل الإيراني في المنطقة.

ومن نقطة الاتفاق هذه، تنطلق دول الخليج وروسيا نحو تعزيز أكبر للعلاقات السياسية والاقتصادية، تاركين قضية وجود الأسد لما يمكن التوصل إليه عبر تسوية سياسية برعاية دولية.

أحدث هذه التحركات، هي زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى روسيا، يوم الأحد القادم، تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث سيتم مناقشة العلاقات الثنائية إلى جانب القضايا المتأزمة في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما القضية السورية.

وكان وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية قد زار موسكو في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2015 لبحث الأزمة السورية وغيرها من القضايا الدولية والإقليمية.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف آنذاك في المؤتمر الصحفي مع نظيره القطري، إن الخلاف الأساسي بين روسيا وقطر يتعلق بشرعية الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن هناك تفاهماً بشأن قدرة البلدين على المساهمة في تحريك المفاوضات بشأن سوريا".

في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015، عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاءات متتالية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الغارات الروسية على مواقع المعارضة السورية التي أدانتها السعودية في بيان، ولم تعلن الإمارات موقفاً واضحاً منها، إلا أن مواقفها تشير إلى تأييدها لهذا التدخل.

فأعربت الإمارات عبر وزير خارجيتها، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن "استهجانها" لإسقاط تركيا الطائرة الروسية الحربية التي انتهكت المجال الجوي التركي حين كانت تستطلع وتقصف في سوريا كغيرها من الطائرات الحربية.

وأكد عبد الله بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات "ترتبط بعلاقات تاريخية متميزة وودية بجمهورية روسيا، تتسم بالاستقرار، ومبنية على روح التفاهم والاحترام المتبادل، والرغبة المشتركة في تطوير هذه العلاقات والارتقاء بها"، مستشهداً بوجود زيارات واتصالات مستمرة، وتبادل لوجهات النظر حول العديد من التحديات والقضايا في المنطقة.

وما يزيد الموقف الإماراتي غموضاً تصريح وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الذي اعتبر أن أي تدخل في سوريا، سواء من روسيا أو من أي طرف آخر، سيعقد المشهد، لكنه أضاف أن أحداً "لن يستاء من القصف الروسي لـ"داعش" أو القاعدة، فهو قصف لعدو مشترك"، وهو ما يعني قبولاً ضمنياً بالعمليات الروسية.

* محادثات أكتوبر

بالعودة إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أجرى بوتين محادثات مع وزير الدفاع السعودي تناولت فرصة التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، حيث تشن موسكو ضربات جوية منذ نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "نحن في تعاون وثيق مع السعودية منذ أعوام حول الأزمة السورية. واليوم، كرر الرئيس بوتين تفهمنا لقلق السعودية".

وأضاف أن "الجانبين أكدا أن لدى السعودية وروسيا أهدافاً مماثلة بالنسبة إلى سوريا. قبل كل شيء، المطلوب عدم السماح لخلافة إرهابية بالسيطرة على البلاد".

وتقول كبيرة الباحثين في مركز الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الدراسات الشرقية، الروسية إيرينا زفياجلسكاية: إن "تدمير تنظيم داعش يلبي مصالح كل من روسيا ودول الخليج. من المهم جداً تنسيق أعمال الطرفين، لأن لديهم نهجاً مختلفاً في هذه المشكلة".

وتُشير في تعقيبها على لقاء بوتين بالمحمدين؛ بن سلمان وبن زايد، إلى أن "دول الخليج لا تدعم نظام الأسد. إنهم يخشون من أن العملية ستجعل إيران وسوريا أقوى. ولذلك، من المهم بصفة خاصة أن نشرح موقفنا، وندرك أن هناك العديد من القضايا التي توحدنا، ولا تفرقنا".

وهناك وجهة نظر تقول إن الخليج يسعى إلى تعزيز علاقاته مع روسيا للحد من التدخل الإيراني في الموضوع السوري على وجه الخصوص.

وكما ثبت مراراً وتكراراً – في سوريا والبحرين واليمن ولبنان والعراق والكويت – يصرّ الإيرانيّون على التسبّب بالفوضى وإراقة الدماء من أجل تثبيت أجندتهم. ولحسن الحظّ، يتدخّل الخليجيون وحلفاؤهم ويظهرون أنّهم يتمتّعون بالقوّة الماليّة والدبلوماسيّة والعسكريّة للتصدّي لهذا الخطر، وهذا ما برز عبر إنشاء السعودية لتحالفين؛ الأول عربي يخص محاربة مليشيات الحوثيين المدعومة إيرانياً في اليمن، والآخر إسلامي عسكري مكون من 34 دولة لتنسيق جهود تلك الدول.

ومحاربة الخليج لتدخلات إيران عبر تحالفاتها، أمر جوهري، لكنه غير كافٍ، في ظلّ وجود لاعبين إقليميّين ودوليّين آخرين، كتركيا التي ما زالت تطمح إلى فرض موازين قوة لمصلحتها، وروسيا التي تقف إلى جانب طهران ولا يقوى الخليج على عدائها، فضلاً عن إسرائيل التي لا يمكنها إلا أن تستفيد من تغذية النزاعات المنهكة في صفوف أعدائها.

* الإمارات وقطر

وفي حين لم ترشح معلومات تفصيلية عن المباحثات السياسية التي شهدتها زيارة ولي عهد أبوظبي لروسيا، فإن الأجندة الاقتصادية للزيارة قد تم الكشف عنها؛ حيث قال الكرملين إن اللقاء ركز على مكافحة الإرهاب وعلى تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.

وأضاف الكرملين في أعقاب الزيارة أن مستثمري دولة الإمارات مستعدون للاستثمار في مشاريع الشركات المملوكة للدولة الروسية في العديد من القطاعات، بما في ذلك الطاقة النووية والزراعة والموارد الطبيعية، بحجم استثمارات تصل إلى 7 مليارات دولار.

قطر من جانبها، أكدت على لسان وزير خارجيتها خالد العطية، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع سيرغي لافروف في 25 ديسمبر/كانون الأول 2015، أن بلاده تسعى إلى توسيع علاقاتها مع روسيا، خاصة أن مكافحة الإرهاب في المنطقة تتطلب تطوير التعاون مع الدول الصديقة، مشيراً إلى أن لروسيا دوراً كبيراً في ضمان الأمن والسلم الدوليين.

فيما قال لافروف: "نحن معنيون، شأننا في ذلك شأن قطر، بأن تكون سوريا بلداً سلمياً ومستقلاً يحترم وحدة الأراضي وحقوق جميع الطوائف وغيرها من الجماعات"، مشيراً إلى أن روسيا وقطر تشاطران المبادئ ذاتها بشأن العراق واليمن.

وجاء التدخل الروسي مفاجئاً لدول الخليج التي كانت تسعى في ذلك الوقت لاستمالة "الدب الروسي"، وتحاول التفاهم معه تدريجياً على معالجة الملف السوري، بما يضمن الوصول إلى تسوية تستبعد بشار الأسد من محصلتها النهائية، وذلك بعدما تعاظمت فجوة الثقة بين السعودية وواشنطن، على خلفية الاتفاق النووي مع إيران، وسياسة المماطلة تجاه عدد من الملفات الإقليمية "المؤرقة".

فأصبحت المملكة تغرد خارج سرب أمريكا فيما يخص إنشاء التحالفات، حتى إن الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، نفى أن تكون السعودية قد أخطرت واشنطن مسبقاً بتأسيس الحلف الإسلامي العسكري، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن إعلانه "لم يكن مفاجئاً"، راغباً بمعرفة بلاده المزيد عنه.

في وقت أعرب وزير الخارجية الروسي عن أمله في الحصول على مزيد من التفاصيل حول ذات التحالف أيضاً، وأكد أن بلاده تدعم أي تحالفات تحارب تنظيم داعش، وهي نقطة التقاء جميع الأطراف السابقة.