فريد أحمد حسن- الوطن البحرينية-
تحت رعاية رئيس مجلس النواب أحمد بن إبراهيم الملا يعقد اليوم بفندق الخليج المؤتمر العام الثاني الذي تنظمه جمعية «معاً» لحقوق الإنسان والفيدرالية العربية لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان تحت عنوان «حقوق الإنسان بدول مجلس التعاون الخليجي.. منظومة حقوق الإنسان والتحديات الوطنية والإقليمية والدولية». المؤتمر يقع في محورين هما، بناء وتطور منظومة حقوق الإنسان بدول مجلس التعاون الخليجي، وحقوق الإنسان بدول المجلس والتحديات الوطنية والإقليمية والدولية.
المثير في هذا المؤتمر هو أنه قوبل من قبل البعض بحملة مضادة قبل أن يبدأ بأيام، حيث تناولته الفضائيات «السوسة» بالتشكيك في عنوانه وفي أسباب انعقاده في هذا الوقت بالتحديد، ومن تابع ما تم بثه من تقارير في هذا الخصوص لا بد أنه لاحظ أن الغاية منها مفضوحة وهي توجيه رسالة إلى العالم فحواها أنه «لا يوجد أدنى احترام لحقوق الإنسان في البحرين ودول مجلس التعاون كافة وأن كل ما يقال في هذا الخصوص غير صحيح ومجرد ادعاءات»! يقولون هذا من دون أن ينتبهوا إلى أنه يفضح مستوى تفكيرهم ونواياهم وأن ما يقولونه يتضمن اتهاماً لكل البشر بأنهم لا يفهمون ولا يعرفون شيئاً عن حقوق الإنسان بدليل أنهم جميعاً مخدوعون بكل هذا الذي يتعلق بحقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي ويتم تداوله فيها وتصدره إلى الخارج!
لو كان ما يقولونه أولئك صحيحاً فهذا يعني أن هذه الدول من الثقة في النفس ما يجعلها تروج لأمر غير موجود أساساً وأن ذكاءها أعانها على إقناع العالم بأن حقوق الإنسان غير الموجودة مصانة ومحمية في دول التعاون. مسألة يصعب استيعابها، فلو كانت حقوق الإنسان في هذه الدول منتهكة بالشكل الذي يروج له أولئك ومع هذا سكت العالم ولايزال مستمراً في سكوته فإن هذا يعني أنه عالم لا يعنيه شيء من هذا الملف.
لا البحرين ولا أي دولة من دول مجلس التعاون قالت إن حقوق الإنسان فيها متحققة بدرجة مائة في المائة أو أنه لا يوجد تجاوزات وأخطاء وحتى انتهاكات يتورط فيها البعض بتصرفات شخصية، لكنها كلها قالت وتقول وتؤكد ويؤكده الواقع إنها طورت ولاتزال تطور تشريعاتها كي تعين على حصول المواطنين والمقيمين فيها على حقوقهم كاملة غير منقوصة وإنها أوجدت القوانين والأنظمة التي تسهم في تقليل هامش الانتهاكات مهما كانت صغيرة، وكلها تقول وتؤكد أنها ملتزمة بكل المواثيق والمعاهدات الدولية في هذا الخصوص، ولو كانت غير ملتزمة بذلك لقالت ببساطة إنها غير قادرة على الالتزام وسحبت موافقتها.
هذا التشكيك المعبر عن نفسية مريضة لا يؤدي إلا إلى ارتياح نفسي مؤقت لدى المشككين في هذا الأمر وغيره، وهو أسلوب عفا عليه الزمن ولم يعد ذا قيمة لأن العالم يستطيع أن يرى ويسمع عكس ما يقوله أولئك ويروجونه.
هذا النوع من التفكير وحملة التشكيك والترويج لعكس الواقع والمبالغة في تصويره يجر إلى مسألة أخرى هي أن أولئك يفصّلون حقوق الإنسان على مقاسهم ويريدون ألا يحاسبهم أحد على أي جرم يرتكبونه في حق الوطن أو الآخرين مهما كان كبيراً، وأنهم إن حوسبوا صار عليهم أن يقولوا إن الدولة لا تعترف بالكرامة الإنسانية وتمارس التمييز وأنها ضد الحرية والعدل والسلام وأنها غير ملتزمة بالمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
محاسبة المخطئ والجاني والمسيء إلى وطنه وأهله وناسه أمر لا يدخل في الإساءة إلى حقوق الإنسان، وتطبيق القانون على المسيئين لحياة الناس لا يمكن أن يحسبه العالم اعتداء على حقوق الإنسان، فمثل هذا الإنسان هو المعتدي وهو من ينبغي أن يتوقف عن اعتداءاته وتجاوزاته.