د. إبراهيم الشيخ- الشرق القطرية-
100 مليار دولار أمريكي، قيمة التحويلات المالية للوافدين في دول الخليج إلى بلدانهم، بما قيمته 10% تقريبا من النواتج المحلية الخليجية.
ذلك الرقم يدق ناقوس الخطر، مصطفا إلى أخطار كثيرة محدقة باتت تهدد دولنا، ومن الواضح أن الكثير من دولنا مازالت تسير وفق استراتيجية "بالبركة"!
الندوة التي نظمها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، حول "العمالة السائبة في دول مجلس التعاون الخليجي.. التحديات والحلول"، ألقت بأرقام مخيفة، حول تحويلات مليارية من الداخل إلى الخارج، إضافة إلى وجود مئات الآلاف من عمالة سائبة، في استمرار لمشكلة تجاوز وجودها أكثر من ثلاثة عقود، وإلى الآن مازالت الحلول تراوح مكانها!
لم يكن مستغربا حقيقة الرقم الخطير الآخر، الذي يشير إلى 19% من حجم اقتصادات دولنا تتحكم فيه تلك العمالة، ما يعني بأنه غير قانوني!
لا ينكر أحد بأن هناك عمالة وافدة، اجتهدت وعملت بل وطورت الكثير من الصناعات والأعمال وأنواع التجارة المختلفة في دولنا، منهم من استحق الجنسية، ومنهم من مازال يقوم بدور لا يمكن إغفاله.
لكن الأمر الخطير يتمثل في عمالة غير شرعية، تمارس الكثير من الأعمال غير القانونية، منها الإتجار بالبشر والدعارة وغسيل الأموال وغيرها، لابد من تحرك عاجل يحمي دولنا من تمددها.
العمالة السائبة يعاني منها المواطنون في كل مكان، حيث بات أولئك منظمين بشكل لا يمكن معه كشف عدم قانونيتهم، أضف إلى ذلك عمليات الغش والخداع التي يمارسها الكثيرون منهم.
وكما قال الدكتور خالد الفضالة رئيس مجلس أمناء المركز، تلك العمالة وفي ظل التطورات الكبيرة التي نعيشها سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية، ستظل تقوم بدور ضاغط على دولنا، يُستغل من دول معادية، كما يُستغل من منظمات حقوق الإنسان المسيسة والموجهة وجهة واحدة لا غير.
ما بتنا نشاهده في دولنا اليوم أمر غريب وعجيب، فالعديد من أولئك يتم تسفيرهم بسبب قضايا مختلفة، لكنهم يعودون إلى دولنا بأسماء أخرى، يتنقلون بين دول الخليج، وأحيانا يعودون إلى الدولة نفسها بعمليات تزوير متعددة.
وحتى لو تركنا العمالة السائبة غير القانونية واتجهنا للعمالة الأجنبية لوحدها من دون وجود ضبط ديموغرافي، يحفظ الهوية والكيان السياسي، والبنيان المجتمعي الأخلاقي، فسنجد الأثر الكبير لأولئك في خطف فرص أبناء البلد في الحصول على وظائف ذات مزايا محترمة ومقدرة.
الأجانب في دولنا تراهم في أحسن الوظائف، يستلمون أعلى الرواتب، ويتنعمون بمزايا لا يحلم بها أبناء بلداننا الخليجية، من مجانية التعليم والصحة والسفر، في مقابل كفاءات وطنية معطلة بإمكانها أن تقوم بأدوار مضاعفة، بكفاءة وجودة أعلى، وبمزايا وظيفية أقل من أولئك، ولكنها عقدة الأجنبي!
الخلل الذي تحدثنا عنه، لا يختص ببلد خليجي دون الآخر، وإن كان ضرره في البعض كارثيا بصورة أكبر من غيره، من ناحية انقلاب التركيبة السكانية في بعض دول الخليج، حيث بات المواطنون فيها هم الأقلية، في مقابل جاليات وعمالة وافدة مازال يرتفع رقمها من دون وجود أي كوابح.
الأزمات السياسية والاقتصادية تهدم دولا أو تضعفها، وكذلك هذه الكارثة، التي لها آثار متشعبة سوف تأكل الأخضر واليابس إذا ما أحسنا علاجها والتعاطي الاستراتيجي معها.