الراية القطرية-
أكد سعادة الدكتور حسن بن لحدان المهندي وزير العدل أن قانون المرافعات من أهم القوانين الإجرائية في النظام العدلي، لكن مضى عليه الآن أكثر من ربع قرن، وحان الوقت للنظر في تعديله وتطويره، بما يتناسب مع التطورات التي تشهدها الدولة في شتى المجالات.
وأضاف سعادته، في تصريحات على هامش افتتاح ندوة "قانون المرافعات المدنية والتجارية.. رؤى للتطوير لتحقيق عدالة ناجزة" أمس، أن مجلس الوزراء الموقر شكل لجنة من وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء والمختصين من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بتطوير وتعديل القانون بحيث نصل إلى عدالة ناجزة، واللجنة انتهت من المشروع، لكن أردنا أن نعمق البحث فيه، ونستمع إلى آراء متخصصين في العمل القضائي من قضاة ومحامين وأساتذة جامعة، كما نتيح الفرصة لمشاركة الطلاب القطريين القانونيين، حتى نصل في نهاية الأمر إلى قانون عصري في أقرب فرصة ممكنة نرضي به طموح القانونيين والمواطنين والمقيمين والقطاع التجاري.
وأشار إلى أن قانون التحكيم الجديد على وشك الإنجاز قريبا، بحيث تكون المنظومة متكاملة وستحقق ما نطمح إليه من نظام عدلي متكامل، وخلال الحلقات النقاشية سنستفيد من جهد الجميع حتى يأتي القانون من مناقشات أرض الواقع، وأيضا نستفيد من كل تجربة في العالم، بحث نقدم ما لدينا ونستفيد من تجربة الآخرين، لنصل في نهاية المطاف إلى عمل متكامل يكون متلائما ومناسبا للتطور الكبير الذي تشهده الدولة.
وتابع: قانون المرافعات هو القانون الذي يحكم إجراءات رفع الدعوى منذ بداية رفع الدعوى حتى صدور الحكم، فبالتالي هو عدة القاضي والمحامي وهو المعتمد عليه في تسهيل الإجراءات، موضحا أن البلاد تشهد تطورات كبيرة وكان لا بد أن يكون القطاع القانوني مستجيبا لهذه التطورات.
وأكد أنه بعد ختام حلقات النقاش السارية سيتم رفع مشروع القانون إلى مجلس الوزراء الموقر، حتى يكون هناك قانون يرضي طموح القانونيين والمواطنين والمقيمين ونحقق ما نتمناه.
وكما
قال الدكتور أحمد سيد الصاوي العميد السابق لكلية الحقوق جامعة القاهرة وأستاذ ورئيس قسم المرافعات المدنية والتجارية بكلية القانون إنَّ قانون المرافعات في قطر لا بدّ أن ننظر إليه شأن أيّ قانون مرافعات في دولة عربية، فلا بدّ من البحث عن المشكلات لإيجاد الحلول، وهذا يحسب لدولة قطر، لافتاً إلى أنَّ التشريع هو "تيرمومتر" المجتمع، فلابدّ أن نلحظ نقاط القصور والواجب، ولا يوجد قانون إلا وبه ثغرات، والنصوص مهما أحكمت تقبل التأويل والتفسير، والقضاة أنفسم تختلف آراؤهم، وهذا أمر طبيعي والاجتهاد في التطبيق هو من يولّد عملية التطوير، كما أنَّ الاختلاف في الاجتهاد رحمة من الله.
وأضاف: قانون المرافعات علم من علوم القانون وهو أحد أهم العلوم التي تدرس بكلية لحقوق نظراً لأنه يقع موقع التطبيق، وكل ما يدرس في كلية الحقوق سواء كان قانوناً مدنياً أو قانون أسرة، أو قانون عمل، يضع كل القوانين موضع التطبيق، وخطورته تكمن أنه في جل موادّه قانون إجرائي، ينظم العمل أمام القضاء ويحكم العمل أمام القضاء، كما أنه يصحب صاحب الحق إلى بيت القضاء، بحكم باتّ لا يقبل الطعن".
وأشار إلى أنَّ القانون يوضح حقوق القاضي في مواجهة الدولة والمتقاضي، كما أنه يحكم العلاقة بين القاضي والمتقاضي، فيتحدث عن صلاحية القاضي وعن طريقة رده أو مخاصمته، فيتحدث بعد ذلك قانون المرافعات عن كيف يتصل الأمر بالقضاء وكيف بالإمكان الوصول للقضاء، وكيف يصل بها المتقاضي للقاضي فينظم له ذلك من خلال الدعوى وحتى إن كانت حقاً ولكن يجب عدم التعسف فيه، حتى يتمّ تجنّب ما يسمى بالدعاوى الكيدية حفاظاً على حقوق الآخرين وحرصاً من القضاء من أن يعبث به، ثم يتحدث قانون المرافعات عن أنواع الدعاوى وتقسيمها وكيف يمكن على تنوعها وكثرتها أن توزع على القضاء وطبقات المحاكم التي من الممكن اللجوء إليها من محاكم جزئية ومحاكم ابتدائية، والمتقاضي يعلم أن فيه غريزة فطرية فيحاول أن يشبع غريزة العدل، فيبيح له أن يطعن على حكم القاضي، والطعن فيه محاكمة على عمل القاضي من محكمة أعلى فيوضح قانون المرافعات سبل الطعن في الحكم ومواعيد الطعن، ثم يتكلم عن سلطة المحكمة التي تنظر في الطعن وما لها وما عليها، ويتكلم قانون المرافعات هل من الممكن الطعن على حكم محكمة الاستئناف أم لا؟، لذلك يبين أن هناك محكمة أعلى هي في بعض الدول تسمى محكمة التمييز، أو المحكمة العليا، أو محكمة النقض، مهمتها هي أن تجمع كلمة القضاء على خلافه وتكون له كلمة واحدة حيال تفسير القانون وتأويله، ويوضح قانون المرافعات كيف من الممكن أن يتم التنفيذ.
وقال إن قانون المرافعات مسيرة طويلة ومعظمها تتعلق بصحيفة الدعاوى، ويتعين اتخاذ كافة الإجراءات، وهذه المسائل جميعها صيغت في نصوص لابد أن نسلم أن أي قانون في العالم مهما أحكمت صياغته، ومهما كانت خبرة الذين قاموا عليه فهو عمل بشري يعتريه النقص والقصور، ولهذا تحرص كافة الأنظمة القانونية، على أن تكون عينها على هذا القانون التطبيقي وتحاول دائماً، هل هناك فرق بين التنظير والتطبيق، وهل هناك حاجة للتدخل التشريعي لتلافي ما تشكو منه المحاكم من ثغرات في نصوص القانون يستخدمها البعض في التحايل على أحكامه أم لا، وكان من الطبيعي أن يتدخل المشرِّع من آن إلى آخر لكي يقوم بتعديل نصوص القانون، ومهمة المشرع هنا بالغة الدقة، لتحقيق العدالة، ولكن العدالة نسبية، حيث إن عدالة الإنسان للإنسان نسبيه، لأن الإنسان عدالته نسبية والعدل المطلق هو الله، لهذا لا يعيب أي تشريع أن يستشعر المواطن بعض المشاكل، أو يستشعر القضاء أن التشريع لا يسعفه في الحكم، وإنما كل هذا يتم تلافيه في التدخل التشريعي من آن إلى آخر، لافتاً إلى أن قانون المرافعات المصري منذ إقراره في عام 1945 أدخل عليه 35 تعديلاً حتى يومنا هذا، ونحن نحاول دائماً كفقهاء أن ننظر نظرة بانورامية على كافة التشريعات، محاولين انتقاء الجديد، ولكن ليس كل جديد يصلح لأي بلد، وإنما يأخذ منه بقدر بما يتفق مع العرف والتقاليد، فليس كل جديد مستحباً، وكل جديد بالٍ، وإنما نحاول قدر المستطاع أن نبحث على الجديد الذي يتفق مع المجتمع، موضحاً أن المشرع العربي بصورة عامة ليس لديه الجرأة في التحديث، وإنما يحاول دائماً أن يتدخل على فترات طويلة، ما يؤثر على بطء العدالة، وملاحقة التشريعات، على عكس الأمر في الدول الأوروبية.
وأكّد في ختام مداخلته، أن التغيير والبحث ليس بهدف تربّص مواطن القصور ولكن أي قانون فيه قصور على اعتباره أنه من وضع البشر، كما أن المشِّرع خطوته متأخرة عن المستجدات، وهو دوماً يسعى إلى تغطية نواحي القصور والثغرات.
وقد
قال السيد ياسر سعود المسلم الوكيل المساعد لشؤون التسجيل العقاري والتوثيق بوزارة العدل إن أي تشريع قانوني في العالم يحتاج إلى مراجعة وتنقية ودراسة مدى استفادة المجتمع منه.. مشيرا إلى أن وزارة العدل لم تدخر جهدا في خدمة الوطن والمواطنين والمقيمين.
وأوضح أن هناك نقلة نوعية كبيرة فيما يتعلق بالتسجيل العقاري والتوثيق، أولها الفروع المتعددة لإنجاز الخدمات للمواطنين دون أن يتكبدوا عناء الحضور، إضافة إلى وجود دوامين صباحي ومسائي، والآن أصبحت خدمات وزارة العدل فيما يتعلق بالتسجيل العقاري في متناول المواطنين في كل وقت وكل مكان. وأشار إلى أن التعديل جاء لتلبية ضرورات حدثت بعد صدور القانون، لذلك استدعت تعديلها، وهذا أمر طبيعي، والوزارة تهيئ ذلك لإصدار قانون جديد للمرافعات.
بينما
أكدت السيدة ندى جاسم العبد الجبار مساعد مدير مركز الدراسات القانونية والقضائية للتدريب أن قطر استطاعت تحقيق نجاحات اقتصادية لافتة أبهرت الكثير من دول العالم بل وأكثرها تقدما، وحققت معدلات تنموية واقتصادية واجتماعية غير عادية، تلك النجاحات أدت إلى نشاط أظهر العديد من النزاعات المستحدثة في كافة المناحي المدنية والتجارية، وتطورا في أساليب طرحها، تطلبت تطويرا في المنظومة التشريعية.
وأضافت، خلال كلمتها حول ندوة نظمها مركز الدراسات أمس والتي تستمر يومين بالنادي الدبلوماسي تحت عنوان "قانون المرافعات المدنية والتجارية.. رؤى للتطوير لتحقيق عدالة ناجزة"، أن هذه التطورات التشريعية استتبعت وضع آليات شاملة لتطوير منظومة التقاضي لمواكبة كافة المتغيرات، خاصة فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي ومواجهة زيادة القضايا المدنية والتجارية، وتسيير إجراءات التقاضي تلافيا لمواطن القصور والجمود التي اعترت بعض القواعد الإجرائية لضمان ممارسة القضاء لرسالته السامية في تحقيق العدالة في أقصر وقت، وبأقل التكاليف للمتقاضين.
وتابعت: المشرع القطري فطن لتلك التطورات، فأدخل تعديلين تشريعيين على قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1990، صدر التعديل الأول عام 1995 بالقانون رقم 7 لسنة 1995 كما صدر التعديل الثاني في عام 2005 بالقانون رقم 13 لسنة 2005، ورغم تلك التعديلات، لم تعد القواعد الإجرائية تساير الواقع وتقنياته المتطورة والمتلاحقة.