عمان اليوم-
أقر مجلس الشورى مشروع قانون الجزاء العماني وفقا لدراسة اللجنة التشريعية والقانونية وذلك في الجلسة الاعتيادية الثالثة عشرة لدور الانعقاد السنوي الأول من الفترة الثامنة التي عقدها المجلس أمس برئاسة سعادة خالد بن هلال المعولي.
وقبيل مناقشة مواد القانون طلب سعادة أحمد البرواني «نقطة نظام» وتحدث عن أسباب عدم قراءة جميع مواد قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب الذي ناقشه المجلس أمس الأول، وطالب بمناقشة جميع مواد قانون الجزاء .
كما تطرق البرواني إلى ما نشرته «عمان» على لسان رئيس المجلس وهو: « أن بعض الأعضاء يحاولون عرقلة سير الجلسة»، و«أنهم لا يحترمون لوائح المجلس» وأبدى البرواني رغبته في معرفة من الأعضاء؟
ورد رئيس المجلس أن نقطة النظام تطلب أثناء الجلسة المنعقدة، وهذه لا تعد نقطة نظام، وهذا ما أكده الدكتور سالم الشكيلي المستشار القانوني للمجلس.
مشروع قانون الجزاء
واستعرض سعادة الدكتور محمد الزدجالي التقرير الخاص باللجنة التشريعية والقانونية بشأن مشروع قانون الجزاء العماني، حيث يعد القانون واحدا من أهم القوانين في السلطنة بصفة عامة إذ يمثل الشريعة العامة في التجريم والعقاب إعمالا لنص المادة 21 من النظام الأساسي للدولة التي تقضي بأنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على القانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها والعقوبة شخصية».
وأحال مجلس الوزراء المشروع إلى مجلس الشورى استنادا لنص المادة 58 مكررا 37 من النظام الأساسي. وتم عرض المشروع على المجلس بجلسته السابعة، وأحيل المشروع إلى اللجنة التشريعية والقانونية إعمالا لنص المادة 127 من اللائحة الداخلية للمجلس وكذلك وفقا للمادة 60 من ذات اللائحة.
وباشرت اللجنة التشريعية والقانونية اختصاصها في دراسة المشروع على مدار ما يقارب 3 أشهر، وجرى الاستئناس بآراء الجهات ذات الاختصاص بتطبيق هذا القانون وفق سلسلة من اللقاءات والاستضافات، كما استعانت اللجنة في سبيل إنجاز العمل بلجنة الاستشارات القانونية وأكاديمي من جامعة السلطان قابوس، ومحامين وكذلك استعانت برأي بعض القضاة.
كذلك وضعت الجنة تحت بصرها العديد من القوانين المقارنة ومنها على سبيل المثال: قانون الجزاء الكويتي، وقانون العقوبات الاتحادي الإماراتي وقانون الجزاء العراقي.
وبلغ عدد مواد القانون ما يزيد عن 400 مادة. وشملت الملاحظات العامة على المشروع تبويب الكتاب الأول من المشروع في شكل أبواب وفصول حيث جاء المشروع من مجلس الوزراء دون تبويب للكتاب الأول بالرغم من تبويب الكتاب الثاني. كما تم تعديل بعض مواد المشروع سواء أكان التعديل مقصورا على الصياغة أم انصرف إلى الجوانب الموضوعية.
وأوضح الزدجالي أنه تمت إضافة فقرات جديدة على بعض المواد لحالات غفل عنها المشروع المحال من مجلس الوزراء مثل المواد (319/314/266/265/…)، وتم حذف بعض الفقرات من بعض المواد، وإضافة تعريفات جديدة لأهميتها ولخلو المشروع منها كالعاهة المستديمة. كما تمت إضافة بعض أسباب التبرير كأسباب الإباحة واستعمال الحق، وأداء الواجب وغير ذلك.
قانون الجزاء
وأشار رئيس اللجنة التشريعية والقانونية إلى أن القانون صدر عام 1974 وجرى إدخال تعديلات عديدة عليه ليتماشى مع التطورات التي حدثت في النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت هناك ضرورة للتحديث ليلبي القانون طموحات الدولة من خلال مكافحة العقوبات والجريمة.
وقال الزدجالي: إن القانون استحدث نصوصا على المتهم، ونص المشروع على السجن المطلق وهو 25 سنة، واستحدث وصفا جديدا لفاعل الجريمة، وجعل المحرض على الجريمة مساهما لتبعية الجريمة. كما أبدل القانون طريقة تنفيذ عقوبة الإعدام من الشنق إلى الرمي بالرصاص، وذلك في المادة(55)، كما حدد الجرائم الواقعة على أمن الدولة بالداخل والخارج، حيث إن بعض المواد عاقبت بالإعدام، إلا أن المشروع الجديد أرفق السجن المطلق وأعطى الحرية للقاضي في السجن المطلق أو الإعدام، علما أن المشروع توسع في هذه الجرائم وجاءت المواد من 90 إلى 148 شارحة لها.
وقال سعادة رئيس اللجنة التشريعية والقانونية: إن المشروع أوجد فصلا جديدا في القرصنة والاعتداء على وسائل النقل والمرافق العامة، وذلك في المواد من 162 إلى 171، وتوسع في تجريم تزوير العملة والسندات المالية في المواد ما بين 178 إلى183، كما توسع في تجريم تجاوز الموظفين لحدود وظائفهم وتقصيرهم في أداء واجبهم وذلك في المواد من 197 إلى 216، كما نص المشروع على الامتناع عن المساعدة وذلك بصيغة جديدة.
واستحدث القانون فصلا جديدا لجرائم المرور والمحكوم عليهم، وفصلا جديدا في القضاء وإساءة السمعة كما توسع القانون في جرائم هتك العرض والاغتصاب وجرائم عرض المحارم وميز بينها، وقرر عقوبة كل منها.
وتوسع نص المشروع في الجرائم التي تمس الدين وذلك في المواد ما بين المواد 275- 283، كما توسع في جرائم الأسرة والمجتمع. واستحدث فصلا جديدا فيما يتعلق بجمع المال من الجمهور بدون ترخيص، وجرائم الإجهاض والقذف والسب وجرائم التخريب والإتلاف، وحماية الحيوانات والنحل والطيور، وتوسع في المعاملات.
ففي فصل الأحكام العامة تم استحداث نصوص تتعلق بالقانون الأصلح للمتهم وكيفية تطبيقه، كذلك النص على مفعول القوانين المؤقتة، واشتراط المشروع عند تطبيق قانون الجزاء على المواطن العماني الذي يرتكب جريمة في الخارج أن يتواجد في السلطنة وأن يكون قانون البلد الذي وقعت فيه الجريمة يعاقب عليها أيضا، وهذا لم يكن منصوصا عليه في القانون الحالي.
كما نص مشروع القانون على مدة السجن المطلق (25) سنة، وإطلاقه لمبلغ الغرامة الذي كان لا يتعدى 500 ريال في القانون الحالي، حيث ورد في نص المادة 25 بأن الجنحة تكون الغرامة فيها من 100 إلى 1000 ريال، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، إضافة إلى ما قامت به اللجنة التشريعية والقانونية من تعديل على بعض مواد المشروع ورأي اللجنة في كل مادة والمبررات التي دعت إلى التعديل أو الإضافة.
وأشار الزدجالي إلى أن القانون رفع العقوبات المالية على بعض الجرائم لأنها أصبحت لا تتناسب مع الظروف الحالية وغير رادعة.
تصويت على منهجية المناقشة
واقترح الدكتور محمد الزدجالي رئيس اللجنة التشريعية والقانونية مناقشة المواد التي تم التعديل فيها بقانون الجزاء. مما أثار جدالا بين أعضاء المجلس الذين انقسموا بين مؤيد ورافض وقال سعادة سلطان العبري: إن القانون صدر منذ السبعينات ويحتاج الآن إلى المناقشة المستفيضة والمرور على المواد جميعها، وهذا ما أكده سعادة خالد المعولي رئيس المجلس مشيرا إلى أن القانون لا تقتصر مناقشته في جلسة أو جلستين لما يحمله من مواد مهمة تحتاج للكثير من الدراسة.
واقترح المجلس إجراء التصويت على مناقشة كل مادة من القانون بعد استعراض رأي المعترضين فقط حتى يمكن المرور على المواد بصورة أكثر تنظيما وسرعة .
وتمت الموافقة على المقترح بنسبة 57% مما أدى لحدوث سجال بين الأعضاء على المقترح!
وفي هذا السياق قال سعادة صالح مسن رئيس اللجنة الاقتصادية : «إن القانون طال انتظاره وتجب مناقشته بصورة مستفيضة لأنه يمس الحريات الوطنية» .. واعترض على المقترح، وغادر القاعة بعد أن أعلن أنه لن يصوت على أي مادة في القانون لعدم «رضاه» عن منهجية التصويت. كما أكد سعادة محمد هبيس أن القانون طال انتظاره، وقال : «نرغب في إبداء الرأي على كل مادة من مواده للأهمية التي يتطرق لها».
من جهته قال الدكتور محمد الزدجالي: «لم ترد أية ملاحظات مكتوبة عن القانون طوال ثلاثة أشهر، وكان يجب على من لديه ملاحظات من الأعضاء أن يرسلها إلى اللجنة».
وهذا ما أيده سعادة رئيس المجلس. فيما أشار سعادة علي المعشني إلى أنه استلم القانون يوم الخميس الماضي فقط .. ونفى استلامه قبل ثلاثة أشهر!
ورد المعولي قائلا: سأثبت لك أن الجميع استلم القانون في يناير الماضي بالتوقيع.
وسارت الجلسة حسبما تم التصويت عليه، وأشار رئيس اللجنة التشريعية والقانونية إلى أن المشروع تضمن تعديل بعض المواد سواء أكان التعديل مقصورا على الصياغة أم الانصراف إلى الجوانب الموضوعية، كما تمت إضافة فقرات جديدة على بعض المواد لحالات غفل عنها المشروع المحال من مجلس الوزراء.
44 عضوا يناقشون مواد القانون
وخلال مناقشة مواد القانون أبدى الأعضاء ملاحظاتهم على عدد من المواد في عقوبة الجناية والجنحة، وتم التعديل من السجن المطلق مدى الحياة إلى 25 سنة، لأن السجن مدى الحياة هو الحكم بالإعدام. وأبقى المجلس في المادة (50) على النص الوارد من الحكومة «لا يسأل جزائيا من لم يبلغ التاسعة من عمره وقت ارتكاب الجريمة. ولا يعتد في تقدير السن بغير وثيقة رسمية، فإذا لم توجد قدرت سنة بمعرفة الجهة المختصة».
يذكر أنه عند الساعة 12.50 ظهرا انصرف الكثير من الأعضاء عن الجلسة، ووصل عدد الموجودين في القاعة 44 عضوا من أصل 85 عضوا، وهو ما دفع بعض الأعضاء إلى التشكيك في النصاب القانوني للجلسة! وبعدها تم استئناف المناقشة.
هذا وسوف يعقد المجلس اليوم جلسته الاعتيادية التاسعة غير العلنية، وسوف يناقش خلالها تقرير فريق العمل المكلف بدراسة التقرير السنوي لجهاز الرقابة المالية والإدارية لعام 2014، والاطلاع على النتائج والملاحظات التي خلص إليها الفريق.