القانون هو المخرج من تعقيدات خيوط العلاقات الاجتماعية العنكبوتية، وكم نتمنى أن يوفق مجلس الشورى في إقرار التشريع الجديد «نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية»، لما لهذا التشريع من فائدة تصون المجتمع وتوقف التصدعات التي أحدثها المحرضون أو الجهلة أو الغافلون.
ظللنا زمنا طويلا نعيش سواسية من غير وجود فوارق دينية أو عرقية أو قبلية حتى أن المال لم يكن أداة تميز بيننا فلا وجود لانتقاص أي منا لأي سبب.
وعن نفسي لم أسمع التفرقة الدينية بين من يحيط بي أو يبتعد عني بأن هذا سني أو شيعي أو صوفي إلا متأخرا جدا، خصوصا عندما بدأ التصنيف المذهبي وتوزيع الكره بين المذاهب.
ومع تشابك الحياة وتداخل مصالح الأفراد استوجب إيجاد قوانين تنظم العلاقة.
وإلى وقت قريب جدا لم يكن حضور المعرفة القانونية شرطا في تعامل الأفراد بعضهم مع بعض في المعاملات اللفظية وإن حضر فهو حضور طفيف لا يلبث أن ينتهي بـ(حب الخشوم) ويفض التنازع أو أن يذهب أحدهما إلى القضاء بعد أن يشهد الحضور على ما قيل من ألفاظ تلزم الآخر بتحمل العقوبة.
كان يحدث هذا بصورة فردية بين المتشاجرين ولا يطال الضرر بقية أطياف المجتمع، ومع ثورة الاتصالات أصبحت أي لفظة تقال يتم تعميمها على نطاق واسع.
وفي غفلة منا انتشر الكره وأخذ المحرضون يوزعونه كأرغفة تسد جوع سنوات من الدعة والتسامح.. هذا الطوفان غمر المجتمع فغدونا بين أمواج تتقاذفنا ولا نعرف إلى أين تبحر بنا.
الآن وبعد أن غرقنا في لجج الكره نستطيع أن نتذكر من ذا الذي تسبب في جريان طوفان (سد وادي العرم).
وللأسف الشديد احتجنا لكل هذه السنوات من الإرهاب والدمار والقتل لنكتشف أن خطيبا جاهلا استطاع بجهله أن يهد كيان جامعة أو محو التسامح أو تقويض ألفة...
سنوات طويلة تركت بعض المنابر من غير صيانة للألفاظ التي تنطلق من مكبراتها على لسان خطيب جاهل أو غافل أو جماعة مسيسة كانت تنظم كيفية توزيع الكره.
والآن ونحن في لجج الأمواج المتلاطمة كم نحن بحاجة إلى استعادة روح الإسلام.. استعادة التوازن.. استعادة المحبة.. استعادة التسامح.
ولأن الحياة تداخلت يصبح القانون هو المخرج من تعقيدات خيوط العلاقات الاجتماعية العنكبوتية، وكم نتمنى أن يوفق مجلس الشورى في إقرار التشريع الجديد «نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية»، لما لهذا التشريع من فائدة تصون المجتمع وتوقف التصدعات التي أحدثها المحرضون أو الجهلة أو الغافلون.
عبده خال- عكاظ السعودية-