لعل أكثر ما يخيف الإعلاميين الكويتيين أن قانون الإعلام الجديد، عبارة عن سلسلة من التجريمات والتعقيدات التي تصعب الحصول على تصاريح للصحف الإلكترونية، في بلد كانت تملك أعلى سقف حرية في الصحافة الخليجية.
وتقدمت الحكومة، العام الماضي، بمشروع «قانون الإعلام الموحد»، والذي يضم فصلا خاصا بالصحف المطبوعة، لكنها لم تستطع تحمّل الضغط الذي قامت به تلك الصحف، فسحبت المشروع برمته، لكنها أبقت على الفصل الخاص بالإعلام الإلكتروني وتقدمت به بعد تعديلات ليكون مقترحا جديدا.
وبحسب القانون المثير للجدل، والذي دخل حيز التنفيذ الشهر الماضي، فإن المغرد قد يحاسب إذا ما نشرت في حسابه على موقع التدوين القصير «تويتر» أو موقع تبادل الصور «إنستاغرام»، أي خبر أو حتى أعاد تغريده، لعدم وجود ترخيص (المادة 74)، مع أن المادة الأولى منه تتعهد بحماية حرية الرأي إلا أن باقي المواد تلغيها.
ويتخوف الإعلاميون من أن هذا القانون سيجعل سجل الكويت سلبيا من ناحية الحقوق الإعلامية.
عقوبات تصل إلى السجن
ويؤكد الإعلامي والكاتب الصحفي «داهم القحطاني»، أنّ «قانون الإعلام الإلكتروني الجديد يفترض به أنه قانون مُنظّم، ولكن، للأسف، الصيغة النهائية كانت مجرد تغليظ للعقوبات على الصحف الإلكترونية، تصل إلى حد غلق هذه الصحف وفق سلطة اعتبارية لوزارة الإعلام، فضلاً عن عقوبات السجن في بعض التهم».
ويقول «القحطاني» لـ«العربي الجديد»: «رغم أن القانون لم يتضمن في بعض التهم عقوبة السجن، بعد أن كانت كذلك في قانون العقوبات الجزائية، إلا أن هذه الجزئية كانت مجرد تطور إيجابي وحيد أمام سلسلة القيود التنظيمية التي تجعل إصدار الصحف الإلكترونية شبه مستحيل، إن كان طالب الترخيص معارضاً لسياسات الحكومة».
ويضيف: «السبب في ذلك أن قانون الإعلام الإلكتروني لم يتح للقضاء سلطة إصدار الترخيص مباشرة كما في قانون النشر والمطبوعات وقانون المرئي والمسموع، فالقضاء في هذا القانون يعيد الطلب لوزارة الإعلام من دون إلزام بالترخيص».
ويعتقد «القطحاني» الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي أن الإعلام الإلكتروني يجب ألا يدار بعقليات حكومية بيروقراطية،مشيرا إلى أن «البديل كان قانوناً تنظيمياً لا يتضمن أي عقوبات جزائية».
وطاولت أبرز الانتقادات الفقرة السابعة من المادة الرابعة. فعلى الرغم من تأكيدات وزير الإعلام الشيخ «سلمان الحمود» أن القانون لن يشمل المدونات الشخصية والحسابات الخاصة على تويتر وإنستاغرام وفيسبوك، والتي قال إنها تتبع جهات أخرى غير وزارة الإعلام، إلا أنّ النص تمت صياغته بطريقة تؤدي لتفسيرات عدة، من ضمنها أنه يشمل وبوضوح أي حساب شخصي في تويتر وإنستاغرام وغيرها إن تم نشر أي خبر أو رابط لخبر فيه.
وأثارت المادة السابعة الكثير من الجدل لأنها تحمل مسؤول الموقع المسؤولية الكاملة عن كل ما ينشر فيه، حتى وإن كان مقالة لغيره أو بيانًا لوزارة أو تيار سياسي.
أما المادة العاشرة فتُخضع الصحف الإلكترونية ووكالات الأنباء الإلكترونية إلى تدقيق الحسابات بصورة مشابهة للصحف المطبوعة، بما في ذلك الاحتفاظ بسجلات مالية ما يتطلب توظيف محاسبين مختصين، وبالتالي زيادة الكلفة على هذه الصحف والوكالات، والتي لجأ أصحابها بالأصل إلى الإعلام الإلكتروني لقلة تكاليفه المالية.
لكنّ أكثر الانتقادات كانت للمادة 16، والتي تحمل مقدم خدمة الإنترنت مسؤولية مخالفة القانون، وإن صدرت من صاحب الموقع، الأمر الذي سيجعل من مزودي الخدمة مراقبين على المحتوى خوفاً من المساءلة القانونية.
ويؤكد إعلاميون أن من قام بصياغة القانون هم ممن كان يحارب حرية الرأي والفكر، ويؤكد أمين سر جمعية الصحفيين الكويتيين «فيصل القناعي» أن «المخاوف من هذا القانون مبررة».
ويقول لـ«العربي الجديد»: «في الأصل لدينا قوانين مشددة على الإعلام، وجاء هذا القانون ليزيد من هذه القيود، وأصبح قانون النشر صعبًا، الصحافة الإلكترونية تساوت في القمع مع النشر الورقي».
وكالات-