الخليج أونلاين-
تسعى المملكة العربية السعودية بكل قوة للحد من عمليات التسلل إلى المملكة؛ لما لها من مخاطر وأضرار كبيرة على البلاد، خاصة عبر الحد الجنوبي مع اليمن.
نظراً إلى خطورتها تصنف الحكومة السعودية التورط في تسهيل التسلل، سواء من قِبل السكان أو المقيمين، ضمن الجرائم المُخلَّة بالشرف، وتعتبرها مُوجِبة للتوقيف والمحاكمة.
غالباً يتخذ مواطنون متسللين للعمل في مجالات مختلفة مثل الزراعة والحراسة والرعي وأعمال ومهن عديدة؛ وذلك لرخص أجورهم، لكن بعض المتسللين يمثلون خطراً أمنياً كبيراً، إذ يتسللون لإيصال معلومات وإحداثيات لمليشيا الحوثي باليمن.
هذه الخطورة البالغة تفسر سبب تصريح وزير الداخلية السعودي، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف آل سعود، السبت (3 يوليو 2021)، بأنَّ نقل مخالفي أمن الحدود وإيواءهم أو التستر عليهم يعد تجاوزاً على الأنظمة في المملكة، وهو مصنف ضمن الجرائم الكبرى.
وقال الوزير السعودي على حسابه في "تويتر": "سنتعامل بكل حزم وصرامة مع أي أمر يمس أمن المملكة".
تصريح وزير الداخلية السعودي جاء تعليقاً على ما أعلنته وزارة الداخلية من أن الحملات الميدانية المشتركة للفترة من 24 حتى 30 يونيو الماضي، لضبط مخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود، أسفرت عن ضبط 19.812 مخالفاً.
وكان من بين هؤلاء المخالفين 10295 مخالفاً لنظام أمن الحدود، فيما ضُبط 5 أشخاص متورطين في نقل وإيواء المخالفين.
عقوبة كبيرة تضعها المملكة للمتسللين، وهو ما أكده المتحدث باسم الداخلية السعودية، المقدم طلال الشلهوب، مؤكداً أن عقوبة من يساعد متسللاً في دخول المملكة تصل إلى السجن 15 عاماً، وغرامة مالية قد تصل إلى مليون ريال (266.665 دولاراً).
وأوضح المقدم طلال الشلهوب، في مداخلة مع قناة "الإخبارية" السعودية، في يونيو 2021، أن العقوبة تشمل أيضاً مصادرة السيارة المستخدمة في عملية التسلل والسكن المستخدم لإيواء المتسلل.
رخص الأجور
وفق ما تقوله صحيفة "المدينة" المحلية في تقرير لها، فنظراً إلى كون المتسللين يحاولون العمل والسكن بشكل بعيد عن أنظار الأجهزة الأمنية، يسعى بعض المواطنين إلى استغلالهم للعمل لمصالحهم الشخصية.
ويعمل المتسللون في الزراعة والرعي والبناء والكهرباء والسباكة والنجارة والحدادة, وكثير من الأعمال اليدوية بمبالغ زهيدة.
وينتشر المتسللون بكثرة في الأسواق وفي حلقات الخضر، ويعملون في بيع الأسماك والفواكه والخضراوات.
وبحسب الدراسة التي أعدها الباحث الاجتماعي والناشط في مجال التسلل والمجهولين بمنطقة جازان، طاهر بن شيبان عريشي، على عينة شملت 203 من مجهولي الهوية؛ اتضح أن نسبة ممن نجحوا في التسلل من مجهولي الهوية وصلت إلى 59% عملوا داخل الأراضي السعودية من سنة إلى خمس سنوات، فيما أظهرت الدراسة نفسها أن 40% منهم استقروا أكثر من خمس سنوات.
ويسكن غالبية المتسللين في العراء، كما يتعاون مواطنون في إيوائهم ببعض العِزب المؤجرة مقابل أجر شهري بسيط، كما يسكن بعض المجهولين المتسللين أيضاً في المقابر ومحال العمل التي يوفرها لهم أرباب العمل، إضافة إلى الأودية والأسواق.
خطر أمني كبير
لكن خطراً أمنياً كبيراً يمثله المتسللون المجهولون إلى المملكة بحسب ما تفيد به عديد من التقارير المحلية، من بينها ما قاله الكاتب والمحلل السياسي سلمان الشريدة وفقاً لصحيفة "الجزيرة" المحلية، من أن مليشيا الحوثي لا تستهدف أمن المملكة والأعيان المدنية فيها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة فحسب، بل أيضاً من خلال كل الطرق المخالفة للقانون الدولي والإنساني.
ومن بين هذه الطرق، وفقاً للكاتب، "العمل على تسلل بعض الأفراد اليمنيين والأفارقة إلى الأراضي السعودية، ويعدّون قنابل موقوتة ويشكلون خطراً على الأمن الوطني، لتسريب المعلومات وتهريب الأسلحة والمخدرات".
ووفق الصحيفة نفسها، يقول محمد بن سعيد البشري عضو مجلس الشورى السابق: إن "موضوع التسلل في المملكة يكسب طابعاً خاصاً، بعضه لأسباب معيشية وكسب لقمة العيش، وبعضه - وهو الأخطر - لمآرب أخرى لا يفقهها إلا من وظَّفهم وساعدهم لعبور الحدود البرية والبحرية للمملكة".
وأشار إلى أنه "بغض النظر عن الدوافع فإنَّ خطر وضرر المتسللين إلى المملكة أعظم مما يتصوره البعض".
ويبقى تسلل الحوثيين هو الأكبر خطراً من بين حالات التسلل إلى المملكة وفق ما يؤكده متخصصون، من بينهم اللواء قناص آل سوار، الذي أكد في تقرير لصحيفة "الرياض" المحلية، أن الجريمة المنظمة أصبحت مستوطنة في اليمن.
وأضاف: إن هذا الاستيطان يبدأ "من تهريب المخدرات وتهريب السلاح، وتهريب المتسللين عبر الحدود والبحار، والاتجار بالبشر".
وكذلك "إرسال نقاط مهمة للحوثيين، من قِبل عصابات تم تجنيدها في الغرف المظلمة، تعمل وفق أجندات خارجية وطائفية استخباراتية، بهدف إشغال المملكة بالمتسللين في اتجاه والقيام بعمليات في اتجاهات أخرى"، وفق آل سوار.
وشدد قائلاً: "على كل مواطن غيور أن يعي أمن الوطن ويتخلى عن العاطفة في توفير المأوى أو العمل أو التستر أو النقل لأي شخص لا يحمل بطاقة عمل نظامية ودفع الأموال للمتسولين".