theweek - ترجمة الخليج الجديد-
على الرغم من أن الكويت تقف بشكل مثير للإعجاب على أعتاب انفتاح جديد يمكن أن يقضي على الفساد بشكل كبير، لكنها تواجه عقبات في الطريق تتمثل في "الثقافة العامة والروتين".
فعندما سن مجلس الأمة (البرلمان) قانون حق الوصول إلى المعلومات عام 2020، بث ذلك الأمل في أن يتم تسليط الضوء على المحسوبية والرشوة ومحاسبة مقترفي هذه الجرائم.
وشكل القانون الذي أقره مجلس الأمة في جلسته المنعقدة بتاريخ 5 أغسطس/آب 2020 "خطوة مهمة لجهة تحقيق الشفافية الإدارية وتعزيز النزاهة والمساءلة في العمل الحكومي وإدارته".
وأسهم القانون، الذي جاء بموافقة 44 عضوا من أصل 55 حضروا الجلسة البرلمانية المشار إليها، في "تحسن ترتيب الكويت على مؤشر مدركات الفساد".
وجاء إقرار القانون نتيجة ضغوط من منظمات حقوقية، مثل "جمعية الشفافية الكويتية"، التي كانت تضغط من أجل هذا القانون منذ عام 2013.
وبسن القانون، انضمت الكويت إلى 119 دولة أخرى لديها مثل هذه القوانين، وأصبحت الدولة العربية السابعة التي تتبنى هيئة تنظيمية متخصصة في هذا الشأن، بعد الأردن واليمن والسودان وتونس ولبنان والمغرب.
إلا أن الهيئة العامة الكويتية لمكافحة الفساد (نزاهة)، تؤكد في دليلها الخاص بتنفيذ القانون، أن الحق في الحصول على المعلومات ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لممارسة حقوق أخرى.
فمن المحتمل أن تكون قوانين الحق في الحصول على المعلومات أو حرية المعلومات "مفيدة لمحاربة الأنشطة الفاسدة التي غالبًا ما تظل بعيدة عن الأنظار"، مثل المدفوعات غير القانونية لكبار المسؤولين والسياسيين من قبل الكيانات الخاصة للتأثير على قرارات الحكومة، والفساد في المشتريات العامة، وتخصيص الوظائف العامة للعائلة والأصدقاء (المحسوبية والواسطة).
لكن بعد عامين على إقرار القانون، لا تزال الكويت تواجه عقبات في الاستفادة من هذا القانون.
فالكويتيون يجهلون وجود مثل هذه القوانين من الأساس، أو حتى المبررات الحقيقية وراءها، وإذا كان الناس لا يعرفون عن القانون، فمن غير المرجح أن يستخدموه لتفاقم المشكلة.
كما لا تزال ثقافة السرية مترسخة في المؤسسات العامة التي تقاوم الاستخدام الفعال للقانون كإجراء لمكافحة الفساد، في ظل شكاوى متعددة من بعض الجهات الحكومية التي "تخل بأحكام هذا القانون بذرائع كاذبة".
وأظهر تقرير حديث لعضو في البرلمان الكويتي أن 37% من الهيئات العامة لم تلتزم بهذا القانون.
ويتطلب القانون أيضًا أن يستند كل طلب معلومات إلى إثبات "مصلحة" مقدم الطلب، وهو ما يعتبره خبراء قانونيون إعاقة فعلية للقانون.
فيستحيل على أي شخص إظهار اهتمامه بالحصول على معلومات عامة إذا كانت هذه المعلومات لا تؤثر على مصلحته.
كما أن المؤسسة العامة التي يُطلب منها الحصول على معلومات لها سلطة تقديرية واسعة غير مبررة في تحديد ما إذا كان شخص ما لديه مصلحة في المعلومات المطلوبة أم لا.
ومن السهل إذن أن تقرر الهيئة العامة ما إذا كانت تعتقد أنه سيتم نشر المعلومات، وبالتالي لن تقدم له هذه المعلومات.
ولا يساعد القانون كذلك في أن آليات الإشراف في القانون والمدة المتوقعة لأي عملية لحرية المعلومات قد تردع الأشخاص عن ممارسة حقوقهم.
وبذلك، يعد القانون "غير عملي"، إلا أنه يبقى "خطوة أولى" في الطريق الصحيح، ولا يزال يتعين بذل المزيد من الجهود لتمكين الناس من المساهمة في عمليات مكافحة الفساد.
كما تعد التعديلات التشريعية عليه ضرورية، بما في ذلك إلغاء "متطلبات المصلحة" وإنشاء آلية إشراف أكثر كفاءة، مثل مفوض المعلومات.
بالطبع، تعتمد هذه الجهود إلى حد كبير على الإرادة السياسية وتشجيع المشاركة العامة في مكافحة الفساد.
وسبق أن قدرت "الجمعية الاقتصادية الكويتية"، العام الماضي، حجم الفساد في البلاد سنويا بـ1.2 مليار دينار (نحو 3.2 مليارات دولار).
ومن آن لآخر، تحيل "نزاهة" مسؤولين وقيادات حكومية إلى النيابة العامة؛ جراء توافر شبهات جرائم فساد.
ومؤخرا، رصدت "نزاهة" مكافأة مالية للمُبلغ عن قضايا الفساد.