قضاء » قوانين

الجدل يعود للكويت بعد وقف تجنيس فئات محددة

في 2024/09/28

متابعات- 

تتوالى القرارات الحكومية في الكويت المرتبطة بسحب الجنسية، إذ شرعت منذ مطلع مارس الماضي في حملة إسقاط جنسيات طالت -حتى الآن- مئات المواطنين، وذلك لأسباب مختلفة، يأتي في مقدمتها "التزوير".

وتوالت المراسيم الصادرة بسحب الجنسية الكويتية، كان آخرها قرار حكومي بوقف التجنيس بشكل كامل، وإلغاء تجنيس أبناء الكويتيات المتزوجات من أجنبي.

ويترتب على سحب الجنسيات في الكويت، بناءً على قانون التجنيس، أن يفقد المجنس حقه في الجنسية الكويتية وسقوطها عنه، حيث نص دستور الكويت على عدم جواز سحب جنسية المواطن الكويتي إلا وفق القانون.

خطوة جديدة

يوم 25 سبتمبر 2024، وافق مجلس الوزراء الكويتي على مشروع مرسوم لتعديل قانون منح الجنسية، نص على وقف منح الجنسية عبر الزواج أو منحها لأبناء الكويتيات من زوج أجنبي.

وذكرت "كونا" أن ذلك يأتي بهدف الحفاظ على الهوية الوطنية، انطلاقاً من مرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام المرسوم الأميري رقم (15) لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية.

وأجاز مشروع المرسوم "سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي كسبها وفقاً لحالات محددة تتعلق بمنحها له بطريق الغش أو التزوير".

وفي اليوم ذاته نقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن مصدر حكومي قوله إن قرار مجلس الوزراء بتعديل قانون الجنسية لا يشمل الحاصلين على الجنسية الكويتية وفقاً للمادة الأولى بـ"التأسيس".

ووفق "القبس"، فإن القرار "ألغى مرور مدة 15 عاماً من الفقرة 13 بالقانون 15 لسنة 1959، التي تنص على سحب الجنسية من الشخص إذا حكم عليه خلال 15 سنة من منحة الجنسية الكويتية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة".

أبناء الكويتيات

وعقب ذلك أعلن مدير إدارة الجنسية والجوازات بدولة الكويت العقيد عبد الرحمن العثمان (26 سبتمبر)، وقف التجنيس بشكل كامل، وإلغاء تجنيس أبناء الكويتيات المتزوجات من أجنبي.

جاء ذلك خلال مشاركة العثمان في برنامج "60 دقيقة" على قناة "الأخبار" الكويتية، حيث أكد إلغاء جميع طلبات الحصول على الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 بعد صدور القانون الجديد.

وأضاف أن القانون الجديد ينص على إلغاء جميع طلبات "إعلان رغبة" نهائياً، إضافة إلى إقرار معاملة "كويتي" لأبناء الكويتيات الأرامل والمطلقات.

كما أشار إلى أن مشروع مرسوم تعديل المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 الخاص بقانون الجنسية الكويتية، جاء من منطلق الحرص على الهوية الوطنية والمحافظة عليها.

وذكر أيضاً أن التأخير في إضافة المولود الكويتي في ملف الجنسية قد يسبب تحقيقاً إدارياً مع الأب، لافتاً إلى أنه "لم يعد يحق للمرأة الكويتية المطالبة بمنح أبنائها الجنسية بعد بلوغهم سن الرشد بعد طلاقها من زوجها الأجنبي".

كما لفت مدير إدارة الجنسية والجوازات إلى أن "هناك مشروعاً قيد الدراسة لتحويل شهادة الجنسية إلى بطاقة ذكية تواكب التحوّل الرقمي".

من جانبه قال العقيد محمد المزيد، مدير إدارة المكتب الفني بإدارة الجوازات: إن "كل شخص تُسحب جنسيته الكويتية ستتم إعادته إلى جنسيته القديمة إن كانت معلومة، وفي حال لم تكن جنسيته معلومة ستُصدر لهم بطاقة خاصة من الجهاز المركزي لتنظيم وضعهم القانوني".

جدل بالشارع الكويتي

لم تمر القرارات الجديدة دون جدل واسع في الشارع الكويتي، فعلى منصة "إكس" رصد "الخليج أونلاين" كثيراً من الآراء، حيث يقول سعود العصفور: إنه "بدلاً من معالجة العبارات المطاطة في قانون الجنسية تتجه الحكومة إلى زيادة مطاطية العبارات والحالات، التي يحق لها سحب حق المواطنة فيها مع استمرار عدم وجود رقابة حقيقية على هذه القرارات المصيرية".

ويرى أن ذلك "استمرار لمعاناة الناس مع القرارات المنفردة التي تصاغ بطريقة غير سليمة، في ظل غياب الرقابة الشعبية مثل قوانين أمن الدولة لسنة 71 وغيرها".

ويقول: إن "إلغاء سقف المدة -إذا صحت الأنباء- التي يمكن سحب الجنسية المكتسبة في حال ارتكاب جريمة مخلة، يلغي الهدف الأساسي الذي وضعت من أجله، وهو إيجاد فرصة لاندماج المتجنس وأبنائه بالمجتمع، ومن دون أن يصبح هاجس السحب عقوبة ملازمة لا سقف لها".

فيما هاجم النائب والوزير السابق شعيب المويزري القرارات الحكومية قائلاً: "إن ذلك مؤشر خطير وكارثي، ويتنافى مع الواقع والعقل والمنطق، مع تأكيد أن كل الذين اكتسبوا الجنسية بالغش أو التدليس أو التزوير ليسوا مواطنين، ولا تُطلق عليهم صفة المواطنة، ومحاسبتهم ومن سهل لهم التزوير واجب".

وأضاف: "أما وضع قائمة لحالات يجوز سحب الجنسية فيها فهذا أمر لا يمكن القبول به مهما كانت الجريمة التي ارتكبها، فالخائن إذا ثبتت خيانته يُعدم، ومرتكبو الجرائم الأخرى يتم عقابهم وفقاً للقانون، لكن تجريد أو نزع وسلخ المواطن من الانتماء لوطنه أمر لا يملكه أحد، سواء الحكومة أو أي مسؤول فيها".

أما المحامي منصور يوسف السويلم فيرى أن تعديل القانون "لم يأتِ بجديد سوى إلغائه للقيد الزمني الذي يتعين على المتجنس خلاله عدم ارتكاب جريمة مخلة بالشرف والأمانة"، مشيراً إلى أن الغاية "هو اختبار المتجنس مدة زمنية بعد منحه الجنسية".

ويضيف: "يعد سحب الجنسية على أثر ارتكاب المتجنس جريمة مخلة بالشرف والأمانة بيد وزير الداخلية، فلا يحكم بها القضاء؛ لكونها لا تعد عقوبة تبعية أو تكميلية".

وينتقد صلاح صالح الراشد قرار سحب الجنسية من أبناء الكويتيات، قائلاً: "من حق زوجة الكويتي وزوج الكويتية وابن الكويتي وابن الكويتية جنسية البلد، وهي كارما ومظلمة عظيمة، يشعرها المظلوم الذي لا ترد له دعوة".

ويضيف: "الجنسية ليست هبة، وليست ملكاً لأشخاص، هي استحقاق نصت عليه الدساتير والأعراف والشرائع، كما أنه من حق من تواجد في البلد عقوداً ودرس فيها وعمل بها التجنّس".

بينما تضيف أسيل أمين قائلة: "كل من حصل على الجنسية الكويتية وفق القانون، تأسيس أم تجنيس، هو مواطن كويتي، ما تبتغيه الكويت اليوم تعزيز الانتماء، أما تعزيز التفرقة وفق مواد الجنسية فليس من مصلحة الوطن".

سحب وتعديل الجنسية

كان وزير الدفاع وزير الداخلية ورئيس اللجنـة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، أعلن في أغسطس الماضي، سحب الجنسية من 850 شخصاً، مؤكداً أن عمليات إسقاط الجنسية ستكون مستمرة، وفق تصريحاته لصحيفة "القبس" المحلية.

وفي الـ7 من سبتمبر الجاري، كشفت السلطات الكويتية عن تعديل جنسيات 10 آلاف و256 شخصاً من هذه الفئة إلى جنسياتهم الأصلية منذ عام 2011، وحتى نهاية أغسطس 2024.

وتمثل هذه الإحصائية حصاد عقد كامل من الجهود الكويتية لمعالجة ملف مزدوجي الجنسية، كما أنها تأتي تتويجاً لحملة بدأتها خلال العام الماضي، للتصدي لظاهرة الحصول على الجنسية بغير وجه حق، والتي طالت قرابة ألف مخالف حتى الآن.

وقال مدير إدارة تعديل الأوضاع في الجهاز، العميد محمد الوهيب، في تصريح له في 8 سبتمبر الجاري: إن "6 آلاف و54 شخصاً قاموا بتعديل أوضاعهم إلى الجنسية السعودية، و1188 عدلوها إلى الجنسية العراقية خلال الفترة نفسها".

وأضاف أن "868 شخصاً عدلوا أوضاعهم إلى الجنسية السورية، و131 إلى الجنسية الإيرانية، و53 إلى الجنسية الأردنية، بينما عدّل 1962 شخصاً أوضاعهم إلى جنسيات أخرى".