هاني الفردان- الوسط البحرينية-
بدأت هيئة الكهرباء والماء حملة «شرسة» منذ العام 2008 على المواطنين والمقيمين الذين يرفضون تسديد فواتير الكهرباء المتأخرة، والتي قيل إن إجمالي قيمتها يصل في ذلك الوقت إلى 200 مليون دينار، بسبب رفض نحو 26 ألف مشترك التسديد.
وزير الطاقة عبدالحسين ميرزا نفى بشدة في جلسة مجلس النواب (13 مايو/ أيار 2014) وجود أي استثناءات لأحد بشأن دفع فواتير ومتأخرات الكهرباء، قائلاً: «لا يوجد استثناءات، وأقولها أمام المجلس، ليس عندي خبر عن أية إعفاءات، إذا يوجد فأنا لا أعرف عنها، ومعي هنا نائب الرئيس التنفيذي ويستطيع أن يؤكد لكم أنه في هيئة الكهرباء لا يوجد أي استثناءات أو إعفاءات، ونحن نطبق القانون على الجميع».
ديوان الرقابة المالية الصادر مؤخراً، كشف الكثير في هذا الجانب المتعلق بعدم تسديد فواتير الكهرباء وكذلك قطع التيار عن المتخلفين، وفي ظل تأكيدات الوزير بعدم علمه على أقل تقدير بوجود «استثناءات»، فقد أكد ديوان الرقابة المالية «وجود مشتركين متأخرين عن سداد مبالغ كبيرة للهيئة، منذ فتح حساباتهم لديها، دون وجود اتفاقيات مبرمة بشأنها، وتبين من خلال نظامها الآلي عدم قيامهم سابقاً بسداد أي مبلغ، كما لم يتم إنذارهم أو قطع الخدمة عنهم، أو رفع قضايا ضدهم حتى نهاية مارس/ آذار 2015».
كما كشف التقرير عن «وجود مشتركين لديهم حسابات نشطة متأخرين عن سداد مبالغ كبيرة للهيئة، إلا أنهم يقومون وبشكل غير منتظم بدفع مبالغ غير محددة مسبقاً، ولا توجد اتفاقيات مكتوبة بشأنها، كما أن المبالغ المدفوعة من قبل بعضهم ضئيلة ولا تتناسب مع حجم المبالغ المستحقة عليهم، ما قد يستوجب من الهيئة الانتظار سنوات عديدة لاستكمال تحصيلها».
كما لاحظ ديوان الرقابة المالية «عدم اتباع آلية واضحة وإجراءات موحدة لتحديد من يتم قطع الخدمة عنهم ومن يتم إرجاعها إليهم، حيث تبين القيام بقطع الخدمة وبتأخير ناهز عدة سنوات، عن بعض المشتركين من أصحاب الحسابات النشطة والذين عليهم مبالغ متأخرة للهيئة، بينما كان البعض الآخر من الذين لديهم مبالغ متقاربة معهم في المتأخرات، في الاستمرار بالانتفاع بالخدمة، من دون وجود مبرر واضح لاستثنائهم من عمليات القطع، وعلى رغم أن العديد منهم لم يقوموا بسداد أي مبلغ، أو أنهم قاموا بسداد مبالغ بسيطة منذ فترات طويلة».
بعد ديوان الرقابة المالية، لا يمكن لأحد، أياً كان، أن يتحدث عن عدم وجود «استثناءات» في قطع التيار الكهربائي عن المتخلفين من التسديد، إذا ما ركزنا كثيراً في رد الهيئة، على التقدير الذي كشف عن وجود استثناءات لحسابات الأسر الفقيرة وعدد من الحسابات المعنية بالشركات والمؤسسات الكبيرة، والتي يتم تسديدها شهريّاً عند صدور الفواتير بحسب ما ورد في التقرير. فالهيئة تتحدث عن استثناء الأسر الفقيرة وحسابات لشركات ومؤسسات كبيرة!
وزير الطاقة يؤكد اتباع هيئة الكهرباء آليات ومعايير واضحة على جميع المتخلفين عن السداد، دون أية اعتبارات أخرى، فيما ديوان الرقابة المالية يؤكد هو الآخر عدم وجود تلك الآلية، مع وجود متخلفين عن السداد لم يسددوا من قبل أي مبلغ للهيئة ولم تقطع عنهم الكهرباء حتى الآن.
من حق المواطن الفقير الذي يهدد كل يوم بقطع تيار الكهرباء عنه أن يسأل؛ من هم هؤلاء الذين لم يسددوا أبداً أي مبالغ لهيئة الكهرباء ومازالت الخدمة تصلهم بـ«المجان»؟
المسألة حساسة جداً في ظل غياب الشفافية في مسألة المسددين وغير المسددين لفواتير الكهرباء، فهناك فئات كثيرة تشكك في صحة ما يقال، من أنه لا استثناءات في عملية التسديد ولا تجاوزات، ولا اعتبارات ولا أفراد أو مؤسسات لا تسدد أبداً قيمة استخدامها الكهرباء والماء.
الواقع المتداول، وكذلك تقرير ديوان الرقابة المالية، يؤكدان وجود تلك الاستثناءات في قطع التيار الكهربائي، وملاحقة البسطاء وترك الآخرين، والذين من المؤكد أنهم ليسوا من البسطاء، فلذلك لا يطالهم القانون ولا قطع الكهرباء.