محمد بتاع البلادي- المدينة السعودية-
• كلما سمعت خبراً عن نجاح أجهزتنا الأمنية في إحباط دخول كمية مليونية من حبوب الكبتاجون تبادر إلى ذهني تساؤلات مهمة : كم حبة من هذا البلاء المدمر تتجاوز الحدود وتدخل للبلاد يومياً ؟! .. وكم عدد المصابين بإدمان هذا السم في الداخل لكي تدخل كل هذه الأرقام المليونية ؟! وما هو عمق هذه التجارة القاتلة في مجتمعنا ؟ والمهم : الى أين ستسير بنا هذه الأرقام المتصاعدة ؟!
• كل الجرائم مخالفة للفطرة الإنسانية بالتأكيد ، لكن الجرائم المرعبة التي أصبحنا نسمع عنها مؤخراً مثل قتل الآباء والأمهات ، ونحر الأبناء والإخوان والأقارب ، والقتل حرقاً وسحلاً وفي أوضاع وطرق لا يجرؤ حتى الحيوان على فعلها هي نتاج طبيعي لانتشار هذه الآفة التي تجاوزت مرحلة ( التجارة غير الشرعية) لتدخل تحت بند الحرب المعلنة على هذه البلاد وأهلها.
• لا أظنني بحاجة لسرد أرقام للدلالة على عمق وخطر ( حرب الكبتاجون) بعد قول اللواء أحمد الزهراني مدير مكافحة المخدرات قبل أيام بأن المخدرات المهربة الى المملكة تمثل كمياتها ( المضبوطة فقط ) ثلثي معدل المخدرات في جميع دول العالم .. ملايين الحبات تصنع داخل وخارج المملكة لأسباب ليست كلها ربحية ، فالهدف الأكبر لهذه الحرب التي يضع أباطرتها 10% فقط من المادة المخدرة و90% مواد سامة ومدمرة للعقل هو التدمير النفسي والأخلاقي للمجتمع ، وتحويل الشباب الى (جرائم موقوتة) قابلة للانفجار في أقرب الناس اليهم في أية لحظة .. وللأسف فإن كثيراً من قضايانا الجنائية والأسرية في المحاكم باتت ترتبط بالكبتاجون ارتباطاً مباشراً مما يؤكد حاجتنا لعاصفة حزم تجاه هذا الخطر الداهم.
• مع كامل الاحترام والتقدير لجهود رجال الأمن إلا أن شراسة الحرب وتطور أساليب (إمبراطوريات الكبتاجون) في لبنان وغيرها ، تتطلب تضافر كل الجهود الوطنية ، فالحرب ليست حرب الجهات الأمنية وحدها ، بل حربنا جميعاً ، لهذا تبدو الحاجة ملحة لأساليب جديدة تعتمد سياسة احتواء الشباب وتحصينهم تربوياً وترفيهياً وصحياً واجتماعياً أكثر من اعتمادها على سياسة ( الدفاع ) والمنع فقط .
• افتحوا الأبواب والنوافذ أمام عقول ونفوس الشباب .. فبعض الشباب تفكيرهم ضيق، وآفاقهم ضيقة لأن فرصهم ضيقة ومجالاتهم وأعمالهم أكثر ضيقاً ، أشعلوا أضواء المسرح فالمسرح يغير ولايتغير ، افتحوا الأندية الرياضية المحتكرة ، فعّلوا أجنحتها الثقافية والاجتماعية التي خنقتها كرة القدم ، افتحوا أبواب العمل التطوعي ، احتووا مشاكل البطالة والعمل ، أشرعوا أبواب الجامعات والتعليم الموازي ، شجعوا على الصناعة والتصنيع.
•أنقذوا الشباب قبل أن يدفعهم الضيق لأن يصبحوا أرقاماً في حسابات تجار الموت، فلن نكسب حرب الكبتاجون حتى يكسب الشباب حروبهم ضد البطالة والفراغ والجهل والسطحية وتكون لهم مكتسباتهم الشخصية التي يدافعون عنها .