عكاظ السعودية-
عقدت دائرة القصاص والحدود في المحكمة الجزائية في جدة جلسة جديدة للنظر في تهريب مخدرات إلى داخل سجون جدة باستخدام طائرات تحكم من بعد. ورفضت لجنة قضائية مكونة من ثلاثة قضاة إطلاق سراح أي من المتهمين التسعة بالكفالة في القضية التي تنشر «عكاظ» تفاصيلها وحيثياتها. وفي الجلسة قدم المتهمون دفوعاتهم على لائحة الاتهام في الوقت الذي ارتفع فيه عدد المتهمين إلى تسعة بينهم اثنان من منسوبي السجن يواجهان اتهامات بالتواطؤ مع العصابة.
لا إفراج بالكفالة
المدعي العام طالب بقتل زعيم العصابة مقدما ما يفيد بأنه من أرباب السوابق في حيازة وترويج المخدرات. إلى جانب سابقة حيازة داخل السجن واستقبال مخدرات ومضاربات وسبق أن حكم عليه بالسجن 15 سنة وخرج في عفو عام قبل نحو ست سنوات لكنه لم يرتدع. وقررت اللجنة القضائية تأجيل الجلسة إلى منتصف شعبان القادم بعدما طلب المدعي العام تقديم مزيد من البيانات التي تدين المتهمين وفي المقابل تقدم محامي اثنين من المتهمين بمذكرة إلى المحكمة رد فيها على التهم المنسوبة لموكليه مطالبا بإطلاقهما بالكفالة الأمر الذي رفضته المحكمة.
تحليق بريموت كنترول
وأوضح المدعي العام في مذكرة جديدة أن العقل المدبر لتهريب السموم إلى السجون من كبار تجار المخدرات، وأن اثنين من منسوبي السجن شاركا في الجريمة وتسترا على الجناة وقدما لهم دعما لوجستيا وتسهيلات. وناقشت المحكمة المدعي العام في عدد من الأدلة والقرائن ومحاضر الضبط والتفتيش التي تولتها دائرة المخدرات خلال تحقيقات مكثفة للكشف عن المتهمين في تهريب وترويج مخدرات داخل سجون جدة باستخدام طائرة تحكم من بعد أن تم إطلاقها من مواقف سيارات قريبة من مبنى السجن وتوجيهها إلى أحد العنابر عن طريق «ريموت كنترول» !
تاجر الطائرات اللبناني: الزعيم اشترى 13 في 8 أشهر
فتحت الأجهزة الأمنية تحقيقا مع مقيم لبناني ثبت أنه من جلب الطائرات، وأفاد بأن الطائرة صينية الصنع ويعمل على الاتجار بها منذ نحو عام وتتراوح قيمتها بين أربعة وخمسة آلاف ريال، وتزود بكاميرا تصوير مداها بين 300م عاموديا و500 أفقيا وتزن نحو 400 كيلوغرام. وأفاد اللبناني في التحقيقات أن رجلا من الرياض اشترى منه ثلاث طائرات من هذا الطراز.
وبإعادة التحقيق مع اللبناني اعترف ببيع 13 طائرة من طراز (فانتوم) صينية الصنع للمتهم الأول خلال ثمانية أشهر وبأنه كان يقابل شقيقه ويسلمه الطائرات، وذكر أن المتهم الثالث كان يقوم في بعض الأحيان بتحويل قيمة الطائرات على حسابه البنكي الخاص به في مصرف محلي في حين يتم جلب الطائرات أحيانا من دبي ومن الولايات المتحدة الأمريكية في بعض الأحيان.
وكشف اللبناني إنه باع المتهم الرئيسي في المرة الأولى طائرة واحدة بمبلغ وقدره 6200 ريال ولاحقا طائرتين بمبلغ 13 ألف ريال، ثم ست طائرات طائرات بمبلغ 25 ألف ريال، كما أفاد بأنه باعه قبل سنة أربع طائرات بمبلغ 22 ألف ريال وأفاد في التحقيقات بأنه كان يعتقد أن سبب شراء الطائرات كان لغرض المتاجرة بها وبيعها وأنه ظل يتاجر في مثل هذا النوع من السلع من قبل نحو عام.
المتواطئ يحجز النزلاء في عنابرهم لحظة الهبوط
أحد السجناء أفاد في التحقيقات أنه رأى طائرة تحلق فوق سطح العنبر وتصدر صوتا عاليا، ورصد قرابة ست رحلات مماثلة، ولاحظ أن أحد منسوبي السجن يحرص على حجز النزلاء في العنابر وقت موعد الهبوط. مشيرا إلى أن المتهم الثاني في القضية بدت عليه علامات الثراء وظل ينفق ببذخ شديد في السجن.
إلى ذلك، انتهى التحقيق إلى توجيه الاتهام لتسعة متهمين، واعتبر المدعي العام ما أقدم عليه المتهمون من الأفعال المحرمة شرعا والمجرمة نظاما طبقا لنظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وطبقا لنظام السجون ودور التوقيف. وطلب المدعي إثبات ما أسند إليهم والحكم عليهم بالعقوبات الأصلية والتكميلية التاليتين: الحكم بالقتل تعزيرا لقاء ما أسند إلى المتهم الأول، وعقوبة السجن والجلد والغرامة لقاء ما أسند إلى بقية المتهمين مع تشديد العقوبة عليهم. كما طلب المدعي العام تشديد وتغليظ العقوبة لقاء ما أسند إلى منسوبي السجون والمتعاونين معهم من النزلاء استنادا لنظام السجون ودور التوقيف، مع مصادرة أجهزة الهواتف النقالة المضبوطة مع المتهمين وهيكل الطائرة (فانتوم) المستخدمة في ارتكاب الجريمة. كما طلب كما طلب منع كل من المدعى عليهم من السفر بعد انتهاء تنفيذ عقوبتهم وإبعاد المتهمين من غير السعوديين وعدم السماح لهم بالعودة إلى البلاد.
«فانتوم» لا يمكن الوصول إليها إلا بـ«ماستر كي» !
بدأت مغامرة الجناة بورود بلاغ من رجل أمن في برج المراقبة بالسجن العام في جدة عن مشاهدته طائرة صغيرة تحلق من الشرق إلى الغرب قبل هبوطها على سطح مبنى في عنبري (8 و7) في قسم الإصلاحية. وفي الحال تحركت الجهة المعنية إلى الموقع وعثرت على طائرة (فانتوم) صينية الصنع ذات أربع مراوح وطولها (45 سم) وعرضها (45 سم) تحلق من طريق التحكم من بعد. وعثرت الأجهزة المختصة على ظهر الطائرة على كيس يحوي 1997 قرصا مؤثرا للعقل وزنة الكيس 115جراما مع مادة الحشيش المخدر.
وتبين من المشاهدات الأولية للواقعة استحالة الصعود إلى السطح الذي هبطت فيه الطائرة إلا بواسطة باب واحد مغلق بمفتاح يطلق عليه (ماستر كي) يحتفظ به أحد منسوبي السجن وهو من يتولى فتحه مع أبواب عدة في العنابر الخاصة بالسجن.
الإقلاع من موقف سيارات في مركز تجاري
في تقرير سري أعدته مكافحة المخدرات في جدة، ورد أن المتهم الرئيسي هو العقل المدبر والمستفيد من إدخال المواد المضبوطة إلى السجن العام وأن اثنين من أقاربه ينفذان العملية ويتوليان إدخال الطائرة إلى السجن انطلاقا من مواقف مركز تجاري مجاور. وأن متهما آخر يتولى بيع المحظورات داخل السجن، وأن ثلاثة آخرين يتولون استقبال الطائرة على سطح المبنى أثناء زيارة السجناء.
وتوفرت معلومات لدى البحث والتحري بأن المتهم الرئيسي هو المسؤول عن إدخال المواد المضبوطة إلى السجن بواسطة الطائرة وأن شركاءه في الجريمة نزيلان في السجن (لم يظهر من التحقيق أية دلائل عن إمكان توجيه الاتهام إليهما) غير أنهما يقضيان محكوميتهما في عنبري سبعة وثمانية. كما تبين أن من يعمل على تهيئة هذه الطائرات هو المتهم الثاني وشقيقه المتهم الثالث وفرزت لهما المحكمة أوراقا مستقلة لمحاكمتهما. وكشفت التحقيقات أن المتهم الرئيسي يتولى تسويق السموم في السجن ويتم تحويل عائدها إلى حسابات بنكية في مصارف محلية.
محامي حامل المفاتيح: الجرح دليل البراءة
تقدم محامي أحد المتهمين بطلب الإفراج عن موكله وأفاد في مذكرته بأن المتهم تم توقيفه استثنائيا. معتبرا ذلك «اعتداء على الحريات الشخصية»، خصوصا إذا انتقصت الأدلة والقرائن على الاتهام وعليه فإن استمرار توقيف موكله ليس له ما يبرره ولا ضرار من إخلاء سبيله على العدالة خصوصا أنه موقوف في حين أن جميع الوقائع تشير إلى أنه هو من شارك في ضبط الطائرة التي حملت المواد المخدرة، وتعرض وقتها لإصابة في يده، كما أنه لا تربطه علاقة بأي من المتهمين، ولم يثبت تواصله معهم في ذلك اليوم أو قبله بأي وسيلة من وسائل التواصل، جاء سبب اتهامه لوجوده في الموقع لأداء مهماته في حراسة العنبر الذي استقرت الطائرة على سطحه.
وأفاد المحامي في معرض دفاعه بأن المتهم لا يملك مفتاحا للسطح ولم يسبق له أن صعد عليه وأثبتت التحقيقات ذلك، وقد جاء أمر إيقافه لمجرد شهادات من بعض السجناء وهي شهادات مبنية على الظن والتخمين لا يعتد بها شرعا والشهود أنفسهم من أصحاب السوابق الجنائية، لذا التمس من الدائرة القضائية بالإفراج عن موكله بالضمانات المناسبة، وقررت المحكمة إرجاء البت في المطلب إلى الجلسة القادمة.