وكالات-
عودة القوات الأمنية اليمنية لممارسة مهامها في مطار جزيرة سقطرى ومينائها، وسحب القوات الإماراتية التي قدمت إلى الجزيرة بعد وصول الحكومة اليمنية إليها، كان ذلك ما نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن نص الاتفاق الذي تم إبرامه برعاية سعودية لحل أزمة الجزيرة؛ لكن يبدو أن القصة لم تنته بعد.
فبحسب مصادر محلية، انسحبت القوات الإماراتية فقط من الميناء والمطار بينما لا تزال متواجدة على أرض الجزيرة، وهو ما فتح الباب أمام تكهنات عن حقيقة الصفقة التي تم إبرامها بعد تدخل الجانب السعودي على خط الأزمة.
ومما زاد الالتباس تغريدة رئس الحكومة اليمنية «أحمد عبيد بن دغر»، أمس الثلاثاء، حين قال: «لم ينتصر أحد ولم ينهزم آخر في هذه المواجهة الأخوية، بل انتصرنا جميعا».
ولم يشر «بن دغر» بشكل صريح عن مصير القوات الإماراتية المتواجدة على أرض الجزيرة، فيما اكتفى بالقول: «اتفاقنا يقضي بعودة الجزيرة إلى وضعها الذي كانت عليه يوم الإثنين قبل الماضي، الموافق الثلاثين من أبريل/نيسان».
ودفع هذا الغموض في المشهد بعض الناشطين لاعتبار أن ما جرى هو عملية طرد لـ«بن دغر» وأعضاء حكومته من الجزيرة، وسط انسحاب شكلي للقوات الإماراتية من الميناء والمطار ورفع الأعلام اليمنية حفظا لماء وجه الحكومة، فيما لم يتغير شيئ جوهري على أرض الواقع.
ويظل السؤال المحوري عن حقيقة الدور الذي لعبته السعودية، حيث يرى مراقبون أنها لا تتصرف كقائد للتحالف وإنما كمتواطئ مع مشروع الإمارات للسيطرة والتقسيم في اليمن، وأن هناك تبادل أدوار بين السعودية والإمارات.
وفي هذا السياق، قالت الناشطة اليمنية «توكل كرمان» في تغريدة لها على «تويتر» إن انضمام القوات السعودية لنظيرتها الإماراتية لم يأت دفاعا عن الشرعية بل لضمان نصيبها في الكعكة».
واعتبرت الناشطة اليمنية أن تصريحات رئيس الحكومة اليمنية شرعنة لما وصفته بالاحتلال الإماراتي، مخاطبة إياه بالقول: «كنت أيضا تشرعن للاحتلال الإماراتي السعودي للجزيرة عبر منشورك وتصريحك أن كل شيء على ما يرام، وأن ما يحدث في سقطرى من الآن وصاعدا تم بطلب من الشرعية ومباركتها وبالاتفاق معها!!».
فهل يستطيع «بن دغر» فعليا أن يعود مرة أخرى إلى سقطرى أم أن الاتفاق غير المعلن يقضي بعدم عودته كما يقضي بعدم انسحاب القوات الإماراتية.
ستار «التدريب»
ووفقا لمصادر تحدثت لـ«الخليج الجديد»، فإن القوات الإماراتية ستستخدم ستار تدريب عناصر أمن محلية لتسلم مهمام الأمن في الجزيرة، كمبرر لاستمرار تواجدها في سقطرى بالتنسيق مع الجانب السعودي.
ويبدو أن استدعاء اسم السعودية للإشراف على عملية التدريب تلك يأتي للتغطية على حقيقة أن الإمارات مازالت تسيطر عمليا على الجزيرة.
ويرى مراقبون أن إعلان السعودية عن توجيهات بالبدء في برنامج إعادة إعمار الجزيرة، هو محاولة لخلط الأوراق، وإظهار المملكة في صورة الوسيط الذي يحل الأزمات وكذلك الصديق الذي يساعد في التنمية وإعادة الإعمار، وكذلك محاولة للتغطية على الوجود العسكري الإماراتي.
فقد كشف السفير السعودي لدى اليمن «محمد بن سعيد آل جابر»، الأربعاء، عن توجيهات من العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» بشأن تفعيل برنامج إعادة الإعمار لمحافظة سقطرى.
ومن اللافت أن رئيس الحكومة اليمنية، غادر سقطرى إلى عدن ومنها مباشرة إلى الرياض، وبينما قالت وكالة الأنباء اليمنية إن زيارة «بن دغر» للرياض هدفها التشاور مع الرئيس «عبدربه منصور هادي» ولقاء عدد من سفراء الدول لدى اليمن، عبّرت مصادر يمنية عن خشيتها من أن يلقى «بن دغر» مصير «هادي» بعد أن تحدثت وسائل إعلام غربية عن أن الأخير يعيش تحت الإقامة الجبرية في الرياض، أو أن يكون هدف الزيارة الحد من تحركات «بن دغر» التي أزعجت الإماراتيين.
وبحسب مراقبين، تعكس عودة «بن دغر» إلى الرياض وعدم البقاء في عدن، حجم الغضب الإماراتي، كما تعكس في الوقت نفسه قلق التحالف من إمكانية نقل نموذج سقطرى إلى عدن التي شهدت أواخر يناير/كانون الثاني عملية انقلابية مسلحة من فصائل مدعومة من الإمارات.
وما لفت أنظار المراقبين أن «بن دغر» أعلن انتهاء الأزمة عبر منشور على صفحته وحسابه في «فيسبوك» و«تويتر»، حيث قرأ البعض في شكل الإعلان أنه يعبر عن أزمة أخرى، فمثل هذا الحدث كان من الطبيعي أن يصدر بشأنه بيان حكومي يعلن انتهاء الأزمة وليس عبر صفحة شخصية وبمقال صحفي تحت توقيع رئيس الوزراء.
ووسط هذا القدر من التعقيد بالمشهد، يدور تساؤل عن مصير الرسالة الرسمية التي وجهتها الحكومة اليمنية لمجلس الأمن وتضمنت اتهامات خطيرة للإمارات.
وإجمالا، يبدو أن الرياض سعت عبر اتفاق حل الأزمة لحماية تجاوزات أبوظبي والتغطية عليها وفق مخطط يقوم على تبادل الأدوار وتقاسم النفوذ والنيل من الدولة اليمنية وكيانها الجغرافي.