طه العاني - الخليج أونلاين-
تخوض السلطات الأردنية منذ سنوات مواجهات مع عصابات تهريب المخدرات القادمة عبر الحدود السورية، حيث أصبح الأردن معبراً للمخدرات باتجاه دول الخليج وغيرها.
ويعلن الأردن بين فينة وأخرى نجاحه في إحباط محاولات تهريب وتجارة المخدرات من خلال منع حالات التسلل، ورصد أوكار التخزين والتوزيع داخل أراضيه عبر مداهمات أمنية واعتقالات.
طائرات مسيّرة
وفي تطور خطير هو الأول من نوعه، أعلن الأردن، في أكتوبر 2021، إحباط محاولة تهريب مخدرات بواسطة طائرة مسيرة (درون) قادمة من الأراضي السورية، لتتوالى بعدها بيانات إسقاط مزيد من تلك المسيّرات.
وصرّح مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، بأنه "من خلال الرصد والمتابعة تمت السيطرة على الطائرة وإسقاطها، وبعد تفتيش المنطقة عثر على كميات من المواد المخدرة".
وعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية، استطاع الجيش الأردني إحباط مئات عمليات تهريب المخدرات، وصادر مئات آلاف المواد المخدرة، معظمها من حبوب "الكبتاغون"؛ التي تعد سوريا وحلفاؤها أبرز مصدّريها.
وحذّر الجيش الأردني من أن عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية باتت منظمة؛ بعدما أضحت تستعين بالطائرات المسيرة وتحظى بحماية المليشيات المسلحة.
وأطلق الأردن، في يناير 2022، تحذيرات رسمية للنظام السوري بضرورة العمل على وقف تهريب المخدرات، في حين وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية الرئيس بشار الأسد بأنه زعيم "الكبتاغون" في المنطقة.
ويشير الخبراء إلى أن اختيار الطائرات المسيّرة في التهريب يعود إلى إجراءات الحماية المشددة على الحدود، حيث أصبحت الطرق التقليدية غير فعالة، في ظل تشديد الحماية على الحدود البرية.
وتصاعدت وتيرة الحملة الأردنية ضد مهربي المخدرات؛ بعد توجيهات أصدرها الملك الأردني عبد الله الثاني، في 11 سبتمبر 2021، شدد من خلالها على ضرورة تكثيف الجهود لمكافحة آفة المخدرات، وجعل ذلك ضمن أولويات عمل الأجهزة الأمنية.
استهداف الخليج
وتؤكد السلطات الأردنية أنها تعمل على منع تحويل أراضيها إلى ممر لعبور المواد المخدّرة، حيث إن 85% من المخدرات التي تضبط معدة للتهريب إلى خارج البلاد.
ويؤكد مراقبون أن معظم المواد المخدرة التي تضبط في الأردن هي مهيأة لإعادة التصدير إلى دول الخليج وغيرها.
وحول ذلك قال رئيس الجمعية الأردنية لمكافحة المخدرات موسى الطريفي: إن "الأردن يخوض معركة المخدرات نيابة عن دول الخليج، وتحديداً السعودية؛ لأن غالب المواد التي تضبط تكون في طريقها إليها".
ونقل موقع "عربي 21" عن الطريفي تأكيده وجود "تنسيق دائم بين عمّان والرياض حول هذه المشكلة، وتعاون استخباري وعسكري وعملياتي، وربما دعم مادي سعودي للأردن".
وأوضح الطريفي أن ما يضبط من المخدرات المهرّبة إلى الأردن لا يتجاوز 50%، وهذا يعني أن البلاد تبقى معبراً لإيصال المخدرات إلى الدول الأخرى.
وترجّح مصادر مطّلعة وجود تنسيق بين الأجهزة الأردنية المختصة ودول الخليج لمكافحة تهريب المخدرات عبر الأراضي الأردنية؛ وسط مطالبات من دول المنطقة والمجتمع الدولي لمساعدة الأردن في هذه المواجهة.
وضبطت السلطات السعودية، في 4 مارس 2023، أكثر من مليوني حبة مخدرات "كبتاغون" كانت مخبأة في شحنة خضار وفواكه، في منفذ الحديثة البري التابع للسعودية على الحدود مع الأردن.
وأعدمت السعودية، في 13 مارس 2023، مواطناً أردنياً بعد اعتقال دام 9 سنوات؛ لإدانته بتهريب شحنة مخدرات في منطقة تبوك شمال المملكة، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس".
ويعتقد الصحفي الاستقصائي عبد الغني العريان أن الطائرات المسيرة التي تعدل ومن ثم تستخدم لتهريب المخدرات "ستغزو الخليج وربما العالم".
ويرجع "العريان" ذلك في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن المهربين يأخذون مراكز متنقلة من سوريا إلى الأردن ومن الأردن إلى دولة مجاورة أخرى.
ويبين أن مدى اكتشاف تلك الطائرات ضعيف جداً، حيث تعدل الطائرات لتصبح غير مرئية للرادارت أو لأجهزة الاستطلاع، مشيراً إلى أن دول الخليج تعتبر المستهدف الأول في منظور النظام السوري ورديفه النظام الإيراني.
تراجع ملحوظ
وكشفت تقارير عن تراجع ملحوظ في عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية في الآونة الأخيرة، حيث كان الأردن يُستخدم منطقة انطلاق لشحنات المخدرات المهربة من سوريا باتجاه دول الخليج.
ويعزو تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، في 23 أبريل 2023، هذا التراجع إلى توجه عديد من الدول العربية إلى إعادة ترميم علاقاتها مع النظام السوري والتقارب معه.
ونوّهت بأنه في الفترة التي سبقت التقارب العربي مع النظام، أي ما قبل وقوع الزلزال المدمّر، في 6 فبراير الماضي، كانت الحدود السورية الأردنية تشهد نشاطاً كبيراً بعمليات تهريب المخدرات عبر بادية السويداء باتجاه الأردن ودول الخليج العربي.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن الحدود السورية مع الأردن لم تشهد عمليات تهريب مخدرات منذ بداية أبريل 2023، حيث كانت العملية الأخيرة في 31 مارس الماضي.
ويرجّح، بحسب المرصد، أن المسؤولين عن عمليات تهريب هذه الآفة قد تلقوا الأوامر بالتوقف بعد الزيارات الأخيرة للعاصمة دمشق من قِبل مسؤولين عرب، على غرار وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن وآخرين.
ومطلع مايو 2023، وافق النظام السوري على العمل مع الأردن والعراق، الشهر المقبل؛ للمساعدة في تحديد مصادر إنتاج المخدرات وتهريبها عبر حدودها، وذلك بحسب بيان ختامي عقب اجتماع وزراء خارجية عرب في العاصمة الأردنية عمّان.
وذكر البيان أن دمشق وافقت على اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف التهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، بعد أن بحث وزراء خارجية سوريا ومصر والعراق والسعودية والأردن سبل إنهاء الصراع السوري المستمر منذ 12 عاماً.