تخوض دولة الكويت حرباً على محاولات إغراقها بالمخدرات؛ إذ تتحرك السلطات بقوة لتأكيد جاهزية الأجهزة الأمنية المختصة لمواجهة محاولات عصابات الجريمة المنظمة لإغراق الدولة الخليجية بالمخدرات بواسطة التهريب.
وتؤكد وزارة الداخلية الكويتية "استمرارها في تقفي أثر مروجي المخدرات والملوثات العقلية، ومعاقبتهم؛ لتحصين الشباب من هذه الآفة الفتاكة".
وتزداد مشكلة المخدرات في الكويت خطورة على الرغم من العقوبات الشديدة المطبقة بحق المخالفين، التي قد تصل حد الإعدام. وبحسب إحصاءات كويتية فإن أكثر من نصف القضايا التي تنظر فيها المحاكم الكويتية تتعلق بالمخدرات.
وذكرت الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني في الوزارة في بيان حديث لها، أن دور الأسرة "محوري وأساسي في حماية الأبناء من الانزلاق في تلك الهاوية"، مشددة على أهمية "رقابة ولي الأمر لأبنائه، والتعرف على أصدقائهم، ومداومة التوجه إليهم بالنصح والإرشاد بشكل مستمر".
وتشير إلى بذلها جهوداً كبيرة في إحباط محاولات تجار وعصابات المخدرات التي تهدف إلى تحويل الكويت إلى مخزن ومعبر دولي للمخدرات، "لكن يقظة الأجهزة الأمنية المعنية ساهمت في خفض معدلات الجريمة على كل المستويات، ومنها المخدرات".
وإلى جانب عملها الميداني في ضبط المجرمين وتوقيف المتعاطين، تلفت وزارة الداخلية إلى تنفيذها حملات توعوية موسعة، بالتعاون مع جميع وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، والجهات والمؤسسات المعنية والمهتمة بهذا الشأن، بالإضافة إلى عمل برامج تلفزيونية وإذاعية وإقامة الندوات والمحاضرات التوعوية من أجل توعيه المواطنين والمقيمين بخطر آفة المخدرات.
ولا تزال المشكلة الرئيسية التي تواجه الحرب التي تشنها الكويت ضد المخدرات تتمثل في ساحلها البحري البالغ 290 كيلومتراً طولاً، والمواجه لإيران التي تعد ممراً مهماً للمخدرات القادمة من أفغانستان وباكستان في طريقها إلى الخليج وأوروبا.
ونشر موقع "ويكيليكس" برقية سرية بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2009، صدرت عن السفارة الأمريكية في باكو، أشارت إلى أن إيران تعد من أكبر مهربي المخدرات في العالم، فهي أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني، وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم بحسب رواية الدبلوماسيين الأمريكيين.
وقبل سنوات كشفت تقارير إخبارية عن عمليات تهريب ينفذها الحرس الثوري الإيراني مستخدماً مطار النجف لنقل المخدرات من إيران إلى العراق، ومن ثم تهريبها إلى دول الخليج العربي، ولا سيما الكويت والسعودية، ولغرض تمويل بعض أنشطته الاستخبارية والتجسسية، ويعود سبب استخدام مطار النجف إلى أن الطائرات المدنية التابعة للحرس الثوري لا يتم تفتيشها من قبل القائمين على أمن المطار؛ لذا تسهل عمليات التهريب إلى دول الخليج بواسطة هذا المنفذ والمنافذ الأخرى.
والأرقام الخاصة بملف الإدمان مفجعة، فهناك نحو 70 ألف مدمن على المخدرات في البلاد، وثمة 1500 مدمن جديد يدخلون عالم الإدمان والضياع سنوياً، وفق مكتب مكافحة المخدرات التابع لمنظمة الصحة العالمية.
وبلغة أخرى، فإن ثروة الكويت البشرية المتمثلة في شبابها، تأكلها المخدرات، إذ بلغت نسبة الإدمان في المجتمع الكويتي 7%، وهناك 63 شخصاً راحوا ضحية جرعات زائدة من المخدرات العام الماضي وحده، بحسب المصدر السابق.
وانتشار المخدرات في الكويت ذات المساحة (17,820 كم مربع)، وعدد سكان (3.3 ملايين نسمة)، بهذه الصورة، ينذر بخطر شديد، ويزيد من إمكانية تحقيق اختراقات أمنية وعمليات تهريب أكبر.
وتحذر صحيفة القبس من أن 80% من التجار يمارسون نشاطهم الإجرامي من داخل السجن المركزي. ومقابل الـ 70 ألف مدمن في الكويت، لا يوجد سوى مركز حكومي واحد لعلاج المدمنين لا تتجاوز طاقته السريرية 100 شخص.
وفي هذا الصدد قدم النائب الكويتي كامل العوضي اقتراحاً بإنشاء مركز طبي لعلاج الإدمان، موضحاً أنه "لن يكلف، بكل ملحقاته وخدماته، ما تتكبده الدولة من مصاريف سنوية لعلاج المدمنين"، ومشدداً على أن إنشاءه "أصبح ضرورة ملحة لمواجهة التصاعد المخيف في أعداد المدمنين بالبلاد".
وأصبحت ظاهرة انتشار المخدرات في الكويت قضية رأي عام وطني دعيت إلى مواجهتها جميع الجهات الرسمية في الدولة، وخاصة الأمنية، ودعي لمقاومتها رجال الدين.
وشدّد وكيل وزارة الأوقاف، فريد عمادي، على أن دور الوزارة في مواجهة آفة المخدرات توجيهي؛ من خلال خطب الجمعة التي تلقى على المصلين لتوعيتهم على مدار العام، موضحاً أن "الأوقاف تنسّق مع جهات حكومية عدة؛ كالصحة والداخلية، لحماية المدمنين التائبين ضمن مراكز منتصف الطريق التي توجه وترشد وتساعد المدمن التائب لحمايته من العودة إلى الإدمان".
وأحبطت الكويت في أكتوبر/تشرين الأول 2014، تهريب 5 ملايين حبة مخدرة، كان سيوزع نصفها في الإمارات، والنصف الآخر يتوجه إلى السعودية، وتمكن رجال وزارة الداخلية في الإمارات من ضبط المهربين، بعد أن أبلغت الكويت نظيرتها الإماراتية بالشبكة، فضُبط المتهمون في منطقة العين الإماراتية، وصودرت كميات الحبوب المخدرة التي كانت مخبأة في ألواح خشبية.
وترجع السلطات الكويتية زيادة كميات المخدرات الوافدة إلى البلاد إلى كثرة الأجانب في البلاد، وإلى أن غالبيتهم ينتمون إلى بلدان معروفة بزراعة المخدرات وتجارتها وتعاطيها.
ويقول مراقبون إن الإشارة بين الفينة والأخرى إلى ضخامة كميات المخدرات التي يتم ضبطها مهربة إلى داخل الكويت، تعني أن هذه الكميات ليست للاستخدام المحلي، وأن الكويت تستخدم ممراً لتهريب المخدرات إلى دول أخرى.
الخليج اونلاين-