محمد أمين - الخليج أونلاين-
تواصل وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية سعيها للارتقاء بالقطاع الصحي، في إطار رؤية 2030، في ظل تحديات عديدة تواجه هذا القطاع.
وتعتبر الوزارة أن المريض هو "مركز النظام الصحي" وليس مجرد جزء فيه، ما يعني أن المنظومة الصحية تتمحور حول تلبية احتياجاته في الوقت والمكان المناسبين.
ولعل أبرز التحديات أمام القطاع الصحي في المملكة، يتجسد في الحد من ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية والذي يتناسب طرداً مع ازدياد العبء المرضي الناتج عن الأمراض المزمنة، إلى جانب ازدياد الطلب على خدمات الفحص الدوري، ورصد عوامل الخطورة والاكتشاف المبكر للأمراض.
وتشهد مستشفيات المملكة في الآونة الأخيرة، تفاوتاً في أسعار الخدمات الصحية المقدمة للمراجعين، على الرغم من عدم احتساب ضريبة القيمة المضافة، باعتبار أن تطبيقها يتم على المقيمين فقط، بينما تُعفى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين من الضريبة.
تباين يصل إلى 40%
ركزت نتائج استطلاع أجرته جريدة "الاقتصادية" ونُشرت نتائجه في 28 يناير الماضي، على أسعار كشوفات الأطباء الاختصاصيين والاستشاريين، ليظهر وجود تباينٍ في الأسعار يصل إلى 40% بين 10 مستشفيات تمت تغطيها في الاستطلاع.
وشمل الاستطلاع كلاً من: "الأطباء المتحدون، سليمان الحبيب، سليمان فقيه، دله، المواساة، الحمادي، السعودي الألماني، التخصصي الطبي، رعاية، محمد الفقيه".
وبحسب البيانات، فإن "الأطباء المتحدون" كانت الأعلى سعراً بمتوسط بلغ 300 ريال (حوالي 80 دولار)، حيث تتراوح أسعار الكشوفات فيها بين 250 إلى 300 ريال.
وفي المرتبة الثانية، حلت مستشفيات "الدكتور سليمان الحبيب" بمتوسط سعر 283 ريالاً (حوالي 75 دولار)، حيث تراوح السعر ما بين 250 و315 ريالاً، فيما جاءت مستشفيات "السعودي الألماني" ثالثاً بمتوسط سعر يبلغ 282 ريالاً، حيث تتفاوت بين 200 و400 ريال، حسب الطبيب المختص ودرجته العلمية والفرع.
وجاءت مستشفيات "محمد الفقيه" رابعاً بمتوسط سعر 282 ريالاً (75 دولار)، حيث تراوح السعر بين 264 و300 ريال، وحلت خامساً مستشفيات "دله" بمتوسط سعر 260 ريالاً (حوالي 69 دولار) بتفاوت أسعار بين 218 و306 ريالات.
وفي الترتيبين السادس والسابع حل كل من مستشفيات "سليمان فقيه" و"التخصصي الطبي" بمتوسط سعر لكشف الطبيب بلغ 250 ريالاً على التوالي (حوالي 66 دولار)، بأسعار تراوح بين 200 و300 ريال لكل منهما.
وحلت مستشفيات "الحمادي" ثامناً، بمتوسط سعر 238 ريالاً لكشف الطبيب (63 دولار)، حيث يتراوح السعر بين 175 و300 ريال، ثم مستشفيات "المواساة" ومستشفيات "رعاية"، بمتوسط سعر 237 و215 ريالاً للكشف على التوالي (بين 57 دولار و63).
إنفاق بمليارات الدولارات
انعكست استراتيجية وزارة الصحة التي تهدف لتحسين خدمات الرعاية الصحية للمواطنين وتوفير أفضل أشكال الرعاية، على حجم إنفاق المستهلك فيما يخص المنتجات الصحية والخدمات الطبية (يُقصد بها المنتجات الصيدلانية والأجهزة والمعدات الطبية وخدمات المستشفيات والعيادات الخارجية، إلى جانب الخدمات في المراكز الصحية المدرسية والجامعية).
ويشكل الإنفاق على الأدوية في السعودية حوالي 40% من إجمالي الإنفاق على المنتجات الصحية والخدمات الطبية، بينما يشكل الإنفاق على الخدمات الطبية حوالي 60%.
وأظهرت بيانات لشركة "يورومونيتور إنترناشيونال" التي تعمل في مجال أبحاث الأسواق الاستراتيجية والتقارير الموثوقة، ارتفاع حجم الإنفاق بنحو 1.4% مقارنة بعام 2022، حيث بلغ خلال العام الماضي 22.3 مليار ريال (5.94 مليارات دولار)، بعد أن كان في العام الذي سبقه 21.99 مليار ريال (5.86 مليارات دولار).
ووفق البيانات، فإن نصيب إنفاق الأسرة على المنتجات الصحية والخدمات الطبية نحو 3340 ريالاً لعام 2023(890 دولار)، بعد أن كان نحو 3346 ريالاً خلال 2022 (892 دولار).
وفي خضم ذلك، أشارت "يورومونيتور" إلى بلوغ الإنفاق العام على الرعاية الصحية في المملكة خلال 2023 نحو 189 مليار ريال، بارتفاع نحو 37%، مقارنة بحوالي 138 مليار ريال لعام 2022.
وارتفع حجم إجمالي سوق الأدوية والمكملات الطبية 6% ليبلغ 36.5 مليار ريال (9.73 مليارات دولار) خلال العام الماضي، مقارنة بـ 34.5 مليار ريال (9.19 مليارات دولار) لعام 2022.
ويُتوقع أن يصل حجم الإنفاق على الخدمات الصحية في المملكة خلال عام 2027 إلى 26.39 مليار ريال (أكثر من 7 مليارات دولار) حيث سيبلغ نصيب الأسرة نحو 3739 ريالاً (حوالي ألف دولار) بنمو سنوي مركب يبلغ 2.9%.
وخصصت المملكة، لقطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية في ميزانيتها للعام الحالي 2024، مبلغ 214 مليار ريال، أي ما يعادل حوالي 57.1 مليار دولار أمريكي.
وتتمثل أبرز مهام القطاع في الخدمات الصحية والإسعافية والتشريعية والأبحاث، إضافة إلى خدمات الضمان، والرعاية الاجتماعية، والثقافية، والإعلامية، والرياضية، والترفيهية، وإدارة برنامج جودة الحياة.
الولادات في المستشفيات الخاصة
لعل من أبرز النقاط التي تم الحديث عنها مؤخراً عند التطرق إلى القطاع الطبي في المملكة، هو قلة عدد الولادات في المشافي الخاصة، وهو ما أظهره تقرير نشرته وزارة الصحة.
ووفق التقرير الذي شمل مواليد عام 2022، فإن مدينة القنفذة سجلت أقل عدد بمواليد الأحياء في المستشفيات الخاصة في السعودية، حيث بلغ عدد الذكور 30 مولوداً ومن الإناث 28 مولودة، تلتها الجوف بـ46 مولوداً و3 إناث، وسجلت منطقة تبوك عدد 504 مواليد ذكور، و505 إناث، بينما سجل حفر الباطن عدد المواليد الذكور 861 مولودا و810 مولودات.
ولمعرفة الأسباب التي تقع وراء ذلك، قال استشاري النساء والولادة، عبد العزيز أحمد في تصريح لوسائل إعلام سعودية، إن قلة الولادات في المشافي الخاصة تتمثل بعدة أسباب أولها ارتفاع تكاليف إجراء العملية القيصرية التي تبلغ قيمتها 10 آلاف ريال (2,666 دولار)، فيما تصل تكاليف الولادة الطبيعية إلى 5 آلاف ريال (1,333 دولار).
وأشار أحمد إلى وجود منشأة خاصة تقوم بتقديم خدمة الولادة القيصرية بـ7 آلاف ريال (1866 دولار)، والطبيعية 4 آلاف ريال (1066 دولار)، لكنه قال: "في كلا الحالتين نجد أن الكثير من الأسر متوسطة الدخل لا تستطيع دفع تلك القيمة فتفضل اللجوء للمنشأة الصحية الحكومية".
ولفت الاستشاري إلى أن الكثير من السيدات يرغبن في الولادة الطبيعية فيجدن أن المستشفيات الحكومية أفضل، موضحاً أن المستشفيات الخاصة تقوم بالمنافسة فيما بينها لتقديم عروض عدة لمن ترغب في الولادة، لكسب أكبر عدد ممكن من الحوامل لديها؛ منها تقسيط الولادة.
وأردف: "تتضمن العروض التقسيط على 36 شهراً للولادة القيصرية بسعر 10 آلاف ريال، ويمكن التقسيط على 36 شهراً على الولادة الطبيعية بـ5 آلاف ريال، وتشمل: فحوصات قبل الولادة، والفحص السريري، وتخطيط نبض الجنين، وفحوصات عند الولادة، وإقامة بغرفة درجة أولى، وفحوصات الجنين، وفصيلة الدم، وتحليل الغدة الدرقية، وفحص الأمراض الاستقلابية".
مواصلة العمل نحو التحول الصحي
تبرز التحديات وتباين الأسعار وحجم الإنفاق الذي تطرقنا له في الفقرات السابقة، الدور الكبير الذي يقع على عاتق وزارة الصحة السعودية، لتحقيق الاستفادة المثلى من المستشفيات والمراكز الطبية في تحسين جودة الخدمات الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي، وهو ما تؤكده رؤية المملكة لعام 2030 في إطار "التحول الصحي".
وتتضمن توجهات هذا التحول، "تطوير القيمة" من خلال احتواء التكاليف وتحسين النتائج والتحكم في الإنفاق على الرعاية الصحية، إلى جانب تطوير الجودة والأداء للموظفين في القطاع الصحي ولمؤسسات الرعاية بشكل عام، إلى جانب تحسين الصحة من خلال العمل على زيادة معدل حياة المواطنين، حيث تسعى رؤية 2030 إلى زيادة متوسط العمر المتوقع للمواطنين إلى 80 سنة.