قتادة الطائي- الخليج اونلاين-
يشكل الخليجيون أضخم الفئات المسافرة لدول أوروبا وتركيا للعلاج، بتكاليف باهظة؛ بإمكان دول مجلس التعاون الخليجي استغلالها بمؤسسات صحية متقدمة، تحاكي ما هو متوفر لدى دول العالم التي يقصدها مرضى الخليج، من خلال خطط اقتصادية واستثمارية، تدرك معها حجم الفوائد الاقتصادية التي يشكلها قطاع الصحة.
ففي السعودية وحدها تشير بيانات رسمية إلى أن 150 ألف مواطن زاروا تركيا عام 2014؛ لغرض العلاج وزراعة الشعر.
وسافر من دول الخليج العربي عموماً أكثر من 76 ألف سائح للعلاج في تركيا، من بينهم 35 ألف شخص قاموا بإجراء عملية زراعة الشعر، كما يسافر الخليجيون غالباً للقيام بعمليات أطفال الأنابيب، والأمراض النسائية، والعظام، والعلاج الطبيعي، وإعادة التأهيل، بشكل أكبر من غيرها من الأمراض.
تكاليف باهظة
المنتدى السعودي الدولي للرعاية الصحية، الذي عقد في مارس/آذار الماضي، كشف عن أن التكلفة الباهظة التي تدفعها دول الخليج بهدف علاج المرضى في الخارج تصل إلى ما يزيد على 20 مليار ريال سعودي سنويّاً.
وقدرت قيمة السياحة العلاجية بنحو 50 مليار دولار أميركي حول العالم، وتعد منطقة الخليج داعماً رئيساً في ذلك بالأعوام الأخيرة، حيث أسهم تضافر جهودها في تعزيز قطاع الصحة في المنطقة بالمرافق والمنشآت العصرية، وفق أعلى المستويات العالمية لجذب السياح الراغبين بالعلاج.
وبالرغم من الدعوات لاستثمار الإمكانيات الخليجية في العلاج، انطلقت دعوات إلى خفض الكلفة العلاجية في دول الخليج، التي تعدُّ الأغلى عربيّاً، وشددوا على ضرورة التوسع في الاستثمارات الصحية، وإنشاء الجامعات والكليات والمعاهد لمواجهة النقص الكبير الذي تشهده الموارد البشرية في القطاع الصحي بالدول الست، في ظل توفر 20 طبيباً لكل 10 آلاف شخص، وهي نصف النسبة الموجودة في دول أوروبا.
الخليج يواكب الحداثة
6 مدن طبية خليجية عملاقة تتوزع على السعودية والإمارات وقطر والبحرين، قادرة على تعزيز فرص دول الخليج في الدخول بقوة إلى سوق السياحة العلاجية التي تلتهم مليارات الدولارات سنوياً.
ففي السعودية تبرز مدينة الملك فهد الطبية، وهي الأكبر والأكثر تقدماً واستقلالية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تضم المستشفى الرئيس، ومستشفى النساء التخصصي، ومستشفى الأطفال، ومستشفى التأهيل، وتحتوي على 4 مراكز: مركز الملك سلمان لطب وجراحة القلب، ومركز العلوم العصبية، ومركز الأورام، والمركز التخصصي للسكري والغدد الصم.
أما مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض أيضاً، فتحوي كلية للطب، وكليات للتمريض والعلوم الطبية المساعدة، وتتكون من عدة مستشفيات ومراكز طبية متخصصة، وتقدم المدينة خدمات رعاية طبية على أحدث مستوى للمواطنين السعوديين في المنطقة الغربية، وتشمل هذه الخدمات جميع أوجه الرعاية والعلاج للمرضى، إضافة للقيام بزيادة الوعي بين أفراد المجتمع تجاه الوقاية من الأمراض.
وفي دولة قطر تتميز مدينة حمد الطبية كثاني أكبر منشأة للرعاية الصحية في الشرق الأوسط، وتعد المزود الرئيس لخدمات الرعاية الطارئة والمتخصصة في قطر، وأحد أبرز نظام المستشفيات في الشرق الأوسط.
وتكرس المؤسسة جهودها منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن في سبيل توفير أفضل رعاية آمنة وفعالة لكل المرضى، وتدير المؤسسة 8 مستشفيات، منها 5 مستشفيات تخصصية، و3 مستشفيات عامة.
وفي يناير/كانون الثاني 2016 حققت مؤسسة حمد الطبية إنجازاً لافتاً؛ حين أصبحت أول نظام صحي في العالم يحصل على اعتماد اللجنة الدولية المشتركة لجميع مستشفياته في إطار برنامج اعتماد المراكز الطبية الأكاديمية، كما نالت كل من خدمة الإسعاف الوطني، وخدمات الرعاية المنزلية، وخدمات مرضى السكتة الدماغية هذا الاعتماد المرموق منذ العام 2011.
وإلى البحرين حيث مدينة الملك عبد الله الطبية، التي تحتضنها جامعة الخليج العربي بدعم من المملكة العربية السعودية، بقيمة مليار دولار، وهو مشروع حيوي وإستراتيجي تنبثق منه عدة محاور؛ أولها خدمة التعليم الطبي، ورفع نسبة التعليم في المنطقة، وثانيها دعم العمل الخليجي المشترك للمساهمة الجماعية.
مدينة دبي للرعاية الصحية أنشئت في الإمارات كأول منطقة رعاية صحية حرة في العالم، ويمكن ذلك ملّاك المستشفيات، وكليات الطب، أو المراكز الترفيهية من امتلاك ما يصل إلى 100% من الأسهم، كما أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة كذلك مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، والتي تحتوي على العديد من مراكز التميّز.
مشاريع مشرقة على الطريق
عدة مشاريع خليجية يتم العمل عليها لتكون في مقدمة المؤسسات الطبية العملاقة في الشرق الأوسط، وهي قيد التنفيذ، حيث تنتظر السعودية عدة مشاريع؛ منها المشروع الصحي الأكبر على مستوى المملكة ودول الخليج، حيث تبلغ تكلفته 6.8 مليارات دولار، ويتكون المشروع من مدينتين طبيتين منفصلتين، الأولى في مدينة الرياض، والأخرى في مدينة جدة.
كما يتم الانتهاء من تنفيذ المملكة لمدينة الملك عبد الله الطبية في مكة المكرمة، وتصل تكلفة المشروع إلى 1.4 مليار دولار، لتصبح ثالث مدينة طبية متخصصة بعد مدينة الملك فهد الطبية في الرياض.
وتبلغ تكلفة مشروع مدينة الملك خالد الطبية في الدمام 1.2 مليار دولار، ويعتبر أحد أكبر أربعة مشاريع في القطاع الصحي بالمملكة، حيث يقام على مساحة إجمالية تبلغ 700 ألف متر مربع، ويشمل المشروع عدة مرافق تابعة للمستشفى، بالإضافة إلى مركز للأبحاث، ويتوقع أن يتم الانتهاء منه عام 2018.
أما في قطر فجار إنجاز مجمع سدرة للطب والبحوث، بتكلفة 2.3 مليار دولار، ويقدم المركز - بالإضافة إلى الرعاية السريرية - العديد من المرافق البحثية والمعامل التابعة له، ومرافق للتعليم الطبي.
ويعد مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي أحد مشاريع وحدة مبادلة للرعاية الصحية، ويقع في جزيرة المارية في أبوظبي، وهو مستشفى متعدد التخصصات، ويتربع على مساحة 409.2 ألف متر مربع، وهو أول فرع لمستشفيات "كليفلاند كلينك" في منطقة الشرق الأوسط، وتبلغ تكلفة المجمع نحو 1.5 مليار دولار.
وفي سلطنة عمان يقع مجمع السلطان قابوس الطبي في ولاية بركاء، في منطقة متوسطة بين العاصمة مسقط ومحافظة الباطنة، وتقدر تكلفة المجمع بـ1.48 مليار دولار، ويتوقع أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع بحلول عام 2016.
يضاف إليها مدينة صلالة الطبية، وتسمى أيضاً بالمدينة الطبية الدولية، بتكلفة مليار دولار، ويتوقع أن تبدأ تشغيل المرحلة الأولى من المشروع في عام 2016، على أن يتم إنجاز المرحلتين الثانية والثالثة في عامي 2018 و2020 على التوالي.
وفي الكويت مستشفى الجهراء الجديد في ضاحية الجهراء، على بعد 20 كم من العاصمة الكويت، وتصل تكلفته إلى 1.2 مليار دولار، ويتضمن المشروع نحو 1171 سريراً موزعاً على 7 مبان، وتصل المساحة الإجمالية للمشروع نحو 426 ألف متر مربع، إضافة إلى مشروع مستشفى جابر الأحمد الصباح، بتكلفة مليار دولار.
تعد تلك المشاريع من الأكبر تكلفة وسعة في بلدان الخليج، ولا تخلو من مشاريع أخرى بإمكانيات أقل من التي تم ذكرها، إلا أنها تشبهها في الجودة والرعاية المميزة، التي ينتظر أن تغلق على بلدان أوروبا وآسيا أبواب السياحة الطبية من مواطني دول الخليج؛ وهو ما يعزز الاقتصاد الخليجي، ويحتفظ قطاع الطب بثقة السكان.