أحمد شوقي- راصد الخليج-
كما أن للجسم مناعة تقي من الامراض والفيروسات، فإن للدول واقتصادها ومجتمعاتها ايضا مناعة تقيها من المستجدات والطوارئ وما يمكن ان نطلق عليه الاوبئة السياسية والاقتصادية.
ولا شك وان اقتصاديات دول الخليج ووفقا للتقارير الدولية المعتبرة تعاني من مخاطر مستجدة متعلقة بقطاع الطاقة، وهو العمود الفقري لاقتصاديات هذه الدول.
ومع بروز مستجدات مثل فيروس كورونا، بدت هناك مخاطر مضاعفة، حيث يعاني اقتصاد الخليج من تطورات هذا الفيروس وتداعياته الاقتصادية بشكل مركب، حيث يعاني على خلفية علاقات الخليج بالصين من جهة، ومن الجهة الاخرى، توجد معاناة من وصول الفيروس لدول الخليج وتداعيات تفشيه المحتملة على الاقتصاد بشكل منعزل عن العلاقات مع الصين.
وهنا نحن بحاجة لالقاء بعض الضوء على تقارير اقتصادية حديثة، كاشفة لجانب من هذه التداعيات:
1- أكد بيل فارين- بريس من "بتروليم بوليسي انتليجنس” لوكالة فرانس برس إنه "ليس هناك شك أن للفيروس تأثيراً كبيراً على طلب الصين على النفط".
وأضاف "في حال استمرت عمليات الحجر الصحي في الربع الثاني، فإن الأمر سيبدو أكثر خطورة وسيكون له تأثير أعمق على الاقتصاد الفعلي".
وقد حققت التجارة غير النفطية بين بكين ودول مجلس التعاون الخليجي نموا من مجرد عدة مليارات قبل عقدين من الزمن لتصبح نحو 200 مليار دولار العام الماضي.
وتعرض قطاع السياحة بالفعل لضربة قوية بسبب الفيروس.
إذ زار أكثر من 1,6 مليون سائح صيني دول الخليج في عام 2018، معظمهم توجهوا إلى مدينة دبي التي كانت تأمل بأن يتجاوز عددهم المليون سائح صيني في عام 2020.
ولكن صار من النادر رؤية سياح صينيين حتى في دبي مع إيقاف شركات الطيران الرحلات الجوية، وإغلاق العديد من المدن الصينية.
2- منذ 30 من يناير، بعد شهر على اكتشاف المرض، هبطت أسعار النفط نحو 20%، ما أدى إلى تفاقم الوضع في الخليج.
منذ عام 2014، تسبب انهيار أسعار النفط بخسارة اقتصادات الخليج مئات المليارات من الدولارات.
ورأت الباحثة الين والد، التي ألفت كتابا عن السعودية أن الدول المنتجة للطاقة، التي قامت بالفعل بتخفيض انتاجها لإنعاش الأسعار، تواجه الآن "أزمة مزدوجة" تتمثل في انخفاض الأسعار بالإضافة إلى الصدمة الاقتصادية.
وأكدت والد في تعليق في بلومبرغ إن "خفض الأسعار في وقت تقلص فيه الانتاج، تهدد بصدمات اقتصادية قد تؤدي في حال استمرارها لفترة طويلة إلى عدم استقرار سياسي وإقليمي تم تجنبه خلال الانخفاض الحاد الأخير".
3- حذرت مؤسسة "كابيتال ايكونوميكس" المالية الاستشارية من التأثير طويل الأمد للفيروس الذي قد يؤدي إلى حدوث انكماش اقتصادي كبير.
وقال تقرير صادر عن المؤسسة "المخاوف من تفشي فيروس كورنا المستجد أثرت على أسعار النفط وقلصت التوقعات على المدى القريب لدول الخليج".
وبحسب التقرير فإن "انخفاض أسعار النفط والخفض الإضافي المحتمل لانتاج النفط سيشكل عقبة كأداء امام النمو في بداية 2020".
وترى والد أنه في حال تأكيد المخاوف من فيروس كورونا المستجد، "ستواجه الدول المنتجة مثل السعودية وروسيا والإمارات أسعارا منخفضة إلى جانب انخفاض الانتاج"، ما سيؤثر على الإيرادات والقدرة على تقديم الخدمات.
وحذرت والد من أنه "في حال استمرار الوضع لفترة طويلة، فقد تكون لعدم الاستقرار الاقتصادي آثار سياسية".
4- حذرت S&P Global Ratings من أن دول الخليج التي تأثرت بالفعل بضعف أسعار النفط قد تجني المزيد من الألم الاقتصادي من تأثير فيروس كورونا على صادراتها.
وتعتقد وكالة التصنيف أن هناك خطرًا من أن التأثير الاقتصادي للفيروس قد يزداد بشكل غير متوقع مع تداعيات على النمو الاقتصادي العام ، وأسعار النفط والجدارة الائتمانية لبعض الشركات.
وتقدر S&P أن دول مجلس التعاون الخليجي ترسل ما بين 4٪ و 45٪ من سلعها المصدرة إلى الصين ، مع أن عمان هي الأكثر تعرضًا (45.1٪) والإمارات العربية المتحدة الأقل تعرضًا (4.2٪).
5- بالإضافة إلى تجارة السلع ، يمكن أن يشعر قطاع الضيافة في الخليج أيضًا بتأثير انخفاض عدد السياح الذين يعانون من الفنادق ومراكز التسوق. يمكن تضخيم التأثير بشكل أكبر بسبب الطبيعة العالية الإنفاق للسياح الصينيين.
6- قالت ستاندرد آند بورز أنه إذا شعرنا بتأثير فيروس كورونا الجديد إلى ما بعد مارس ، فإن عدد زوار معرض إكسبو 2020 في دبي قد يكون أقل من المتوقع.
7- واصلت معظم بورصات الخليج خسائرها إذ استمر فيروس كورونا في الانتشار في أنحاء الشرق الأوسط، حيث أعلنت الكويت والبحرين عن ارتفاع في حالات الإصابات الجديدة.
وفقد المؤشر الرئيسي لبورصة دبي اثنين بالمئة ليبلغ أدنى مستوياته منذ يوليو تموز من العام الماضي. وخسر سهم إعمار العقارية 2.7 بالمئة بينما تراجع سهم بنك دبي الإسلامي 2.1 بالمئة.
وواصلت أسهم العربية للطيران المتخصصة في الرحلات منخفضة التكلفة الخسائر من الجلسة السابقة لتغلق على هبوط 2.1 بالمئة، بعد يوم من تعليق الإمارات جميع الرحلات الجوية إلى إيران ومنها لمدة أسبوع على الأقل بسبب انتشار فيروس كورونا هناك.
وتراجع مؤشر سوق الأسهم القطرية 1.6 بالمئة، ليواصل خسائره للجلسة الرابعة على التوالي. ونزل سهم بنك قطر الوطني، أكبر بنوك الخليج، ثلاثة بالمئة وهوى سهم قطر للتأمين 7.9 بالمئة مسجلا أكبر انخفاض منذ منتصف مارس آذار 2018 مع انقضاء الحق في توزيع نقدي.
وخسر المؤشر السعودي الرئيسي 0.6 بالمئة. وهبط سهم مجموعة سامبا المالية 3.2 بالمئة وانخفض سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) المنتجة للبتروكيماويات واحدا بالمئة.
وفي أبوظبي، انخفض المؤشر 0.9 بالمئة جراء انخفاض بنسبة 0.6 بالمئة لسهم بنك أبوظبي الأول، أكبر بنوك الإمارات، وهبوط سهم بنك أبوظبي التجاري 2.9 بالمئة.
8- علقت السعودية الدخول إلى المملكة لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتاً، كاجراء احترازي، ولا نعلم مدة لانتهاء هذا الاحتراز، فهو يتوقف على مدى انتشار الفيروس ومدى السيطرة عليه، ونعلم جميعا ان ايرادات الحج والعمرة هي جانب هام من الاقتصاد السعودي حيث يطلق عليه ""النفط الابيض"، وبحسب تقديرات اقتصادية، فإن إيرادات الحج والعمرة تتجاوز 40 مليار ريال سنويا، تصب أغلبها في صالح شركات من القطاع الخاص، وتمثل نحو 4% من الناتج المحلي، بحسب ما ذكرته "العربية،نت".
هنا نحن امام اختبار كبير لمناعة الاقتصاد الخليجي ومدى صحة خيارات الاعتماد على اقتصاد الريع الذي حذر الكثيرون منه ومن خطورته.