الخليج أونلاين-
مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد في جميع الدول الخليجية، وتسببها بوفاة عدد من الأشخاص وإصابة المئات، بدأت المؤسسات الحكومية الرسمية الخليجية الاتجاه إلى فتح باب التطوع أمام الأطباء والممرضين، والنشطاء، بهدف مساندتها في احتواء المرض، والتخفيف من الضغط على العاملين في القطاعات الحكومية.
ووضعت الحكومات الخليجية عدداً من الاشتراطات قبل قبول المتطوعين في وزاراتها المختلفة وخاصة الصحة؛ وذلك لتجنب انتقال عدوى الفيروس القاتل، مع اتخاذها العديد من الإجراءات الاحترازية في سبيل إنجاح المبادرات التطوعية والمساهمة في وقف حدة انتشار الفيروس.
وارتفع عدد الوفيات بسبب كورونا في دول الخليج إلى 8، بعد تسجيل البحرين 4 حالات، إضافة إلى حالتين في الإمارات وحالتين في السعودية.
وتصدرت دولة قطر الدول الخليجية في الإعلان عن قبول المتطوعين ومبادراتهم، إذ أعلنت وزارة الصحة العامة القطرية فتح باب التطوع لدعم جهودها في إطار الإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا 2019.
وأطلقت حملة التطوع التي حملت عنوان "من أجل قطر"، لتخفيف الضغط على موارد الدولة وشحذ جهود جميع الأفراد للإسهام في الحد من انتشار الوباء.
وسيتم استدعاء المتطوعين، وفق بيان وزارة الصحة القطرية، خلال الأشهر الثلاثة القادمة للبدء بتولي عدة مهام، منها إجراء ممارسات صحية مساعدة، ورفع مستوى الوعي المجتمعي بمخاطر وعوارض الفيروس، بالإضافة إلى تقديم خدمات لوجستية عديدة وغيرها، ومن المقرر توزيع المتطوعين على مختلف المرافق الصحية في الدولة للقيام بالمهام الموكلة إليهم.
وفي تعليقها على ذلك، قالت لولوة بنت راشد الخاطر، المتحدثة الرسمية للجنة العليا لإدارة الأزمات: "في ظل الأوضاع الراهنة وارتفاع معدل الإصابات بفيروس كوفيد-19، نتطلع إلى إسهام المتطوعين لدعم قطاع الرعاية الصحية في قطر، يجب أن تتكاتف جهودنا جميعاً لدعم القطاعين الخاص والعام في قطر في ظل هذه الظروف الصعبة".
ووضعت وزارة الصحة القطرية عدداً من الشروط لقبول المتطوعين، أبرزها أن يكون المتقدم مقيماً في دولة قطر، وأن يكون لدى المتقدم بطاقة شخصية قطرية، وعمر المتقدم بين 20 و45 عاماً.
وسيتعين على المتطوعين، وفق اشتراطات وزارة الصحة القطرية، حضور دورة تمهيدية ساعتين، بالإضافة إلى ساعتين من التدريب المتخصص بالمهام المطلوبة منهم قبل الشروع بتنفيذها.
وسيعمل المتطوعون بنظام المناوبات 14 يوماً على الأقل، موزعة على فترة البرنامج التي تمتد لـ 12 أسبوعاً، ابتداء من نهاية مارس الجاري وحتى نهاية يونيو المقبل، كما سيتم تزويدهم بالأدوات الشخصية الوقائية اللازمة لهم، حسب وزارة الصحة القطرية.
وفي الكويت، أعلنت وزارة الداخلية فتح باب التطوع للمواطنين بالإدارة العامة للدفاع المدني للتدرب على مواجهة حالات الطوارئ واتخاذ جميع الوسائل والإجراءات ضد أي مخاطر.
ويأتي قرار وزارة الداخلية الكويتية في إطار الإجراءات الاحترازية والوقائية لمواجهة فيروس كورونا المستجد وإيماناً بأهمية المشاركة المجتمعية بالنشاطات التطوعية وتوحيد الجهود لتحقيق الحماية المدنية للأفراد في حالات الطوارئ.
وفي السعودية، أطلقت وزارة الصحة مبادرة "متطوع صحي مستعد"، لتسجيل وتأهيل وتدريب الممارسين الصحيين وطلاب الكليات الصحية، للمشاركة في مناطق المملكة كافة، في خطوة لمشاركة أفراد المجتمع من المتخصصين في مكافحة فيروس كورونا.
وتستهدف المبادرة الأطباء بجميع فئاتهم، التمريض والصيادلة، والمتخصصين من غير الأطباء والفنيين بتخصصاتهم كافة، ومتخصصي الصحة العامة، والإداريين، وأطباء الامتياز، إضافة إلى طلاب السنة الأخيرة في تخصصات الطب.
ووضعت وزارة الصحة السعودية عدداً من الشروط لقبول المتطوعين، أبرزها متطلبات البرنامج التدريبي، وأهلية المتطوع صحياً وملاءمته للعمل، والاستعداد والتفرغ للعمل وقت الحاجة.
ولتجنب خطر نقل العدوى للمتطوعين، ستنقل الجهة المشرفة على المبادرة برامج تدريبية عن بعد تشمل دورة لتأهيل المتطوعين في مهارات التطوع والتواصل مع الآخرين، ودورة مكافحة العدوى في المنشآت الصحية، إضافة إلى دورة تأهيلية في التعامل مع فيروس كورونا.
كما أطلقت الإمارات مبادرة "مدينتك تناديك" للتطوع، من خلال تطبيق "يوم لدبي"، لإتاحة المجال أمام أفراد المجتمع للمشاركة في عدد من الأنشطة التطوعية، كلٌّ في مجال خبراته ومعارفه، بهدف دعم الخدمات الصحية والخدمات المجتمعية خاصة لكبار السن، والمساهمة في مساعدة المجتمع لمواجهة انتشار جائحة كورونا التي ترتفع يومياً.
وفي سلطنة عمان، دعت اللجنة الوطنية للشباب في صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ، "من يستطيع من شبابنا للتطوّع والمشاركة في جهود قطاع الإغاثة والإيواء من خلال تعبئة الاستمارة التالية؛ قبل 10 مساءً من يوم الخميس 26 مارس 2020م".
تجارب ناجحة
وبدأت دولة قطر تجني أول نتائج التطوع، التي كان أبرزها ما أطلقته جمعية قطر الخيرية عبر حملتها التي تم ترويجها تحت وسم "متطوع لأجل قطر" للمساهمة في الجهود التي تبذلها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا بحسب معايير وزارة الصحة العامة والجهات المعنية بالبلاد.
وتجاوب القطريون مع المبادرة حيث وصل عدد المتطوعين حتى كتابة هذه السطور إلى 7,460 متطوعاً من المواطنين والمقيمين، من أصل 8 آلاف متطوع تستهدف الوصول إليهم، وفقاً لبيانات مؤسسة قطر الخيرية.
وتأتي هذه المبادرة، وفقاً للمؤسسة، لمساندة المجتمع المدني والاستجابة السريعة لأي عمل في أي وقت، والاستفادة من كل الجهود التطوعية، بتوظيف قدرات المتطوعين للمساهمة في خدمة المجتمع.
ووضعت المؤسسة عدداً من الشروط لقبول التطوع؛ أولها أن يكون المتطوع قطري الجنسية أو من المقيمين بدولة قطر، وألا يقل عمره عن 18 سنة، كما يجب أن يكون لائقاً طبياً لأداء الأعمال المطلوبة منه.
كما تتعاون قطر الخيرية مع وزارتي الصحة العامة والتنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية في تنفيذ حملة توعوية للعمال لحثهم على اتباع الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا المستجد واتخاذ التدابير الاحترازية، حيث ساهمت بتوزيع عدد من المنشورات والفيديوهات التوعوية على العمال بعدة لغات مثل الأوردية والهندية والفلبينية والسريلانكية.
مواهب غير مكتشفة
محمد البنعلي، مذيع لغة الإشارة في قناة "الجزيرة" الفضائية، أطلق مبادرة تطوعية جديدة عبر حسابه في موقع "تويتر"، هدفها تحويل تعليمات وزارة الصحة إلى لغة الإشارة وبثها على وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة الصم والبكم.
وحول مبادرته، يقول البنعلي في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "خرج هاشتاغ في قطر حمل اسم كلنا نتطوع من أجل قطر مع حملات تطوعية دولية، فقمت بالمشاركة به لإفادة إخواني الصم، ولم أنتظر أي أحد لأقدم مبادرتي، فاتخذت قراراً وهو إنتاج فيديو للصم، وإعطائهم إرشادات حول الفيروس".
وأشرك البنعلي الصم في الأزمة التي يعيشها العالم، من خلال التعليمات التي شرحها لهم، وخاصة ضرورة الالتزام بقرارات الدولة ووزارة الصحة حول كيفية تجنب الإصابة بفيروس كورونا، وأهمها عدم المصافحة باليد.
ولا زال التطوع مستمر ...#قطر_تستحق_الافضل pic.twitter.com/jnF7MxcraN
— محمد البنعلي (@albinali_MD) March 25, 2020
وحول لجوء دول الخليج إلى التطوع يرجع البنعلي ذلك إلى أن دول العالم، كالولايات المتحدة والصين، تعمد إلى إنزال جيوشها إلى الشوارع عند الأزمات، وخاصة جنود الاحتياط، ولكن دول الخليج لا تمتلك جنود احتياط فعملت على فتح باب التطوع والاستفادة من المتطوعين في هذه الظروف.
وللتطوع فوائد عديدة، حسب مذيع لغة الإشارة في قناة "الجزيرة"، أبرزها التوفير على الدول، من خلال اعتمادها على أبنائها، واكتشاف مواهب غير مكتشفة، وتعزيز الصحة النفسية للإنسان من خلال العمل وفقاً لموهبته.
وتعد دولة قطر رائدة في التطوع بين دول الخليج، حسب البنعلي، إذ تشترط المدارس بها ضرورة إنهاء الطالب قبل تخرجه من الثانوية العامة تنفيذ عدد من الساعات التطوعية.
وحول حملات التطوع الجديدة التي ظهرت في دول الخليج لمواجهة فيروس كورونا، يوضح البنعلي لـ"الخليج أونلاين"، أن نجاحها يتطلب تنظيمها والبعد عن العشوائية في التنفيذ، وتدريب المتطوعين، وإخضاعهم لدورات تدريبية لكيفية التعامل مع الفيروس، وهو ما عملت عليه قطر.
وفي حالة كانت حملات التطوع غير مدروسة فلن يستفيد منها المجتمع أو تحقق أي تقدم له في مواجهة الفيروس، وفق البنعلي.
وينتشر مرض كورونا حول العالم منذ أواخر ديسمبر الماضي، مجبراً دولاً عديدة على إغلاق حدودها، وتعليق الرحلات الجوية، وفرض حظر التجول، وتعطيل الدراسة، وإلغاء فعاليات عديدة، ومنع التجمعات العامة، وإغلاق المساجد والكنائس.
ووفق إحصائية رصدها "الخليج أونلاين"، حتى ظهر الأربعاء، فإن نحو 425 ألف شخص أصيبوا بالفيروس التاجي حول العالم، توفي منهم نحو 19 ألفاً، وتعافى 109 آلاف و225 شخصاً.