الخليج أونلاين-
تعد أحد الأسلحة الفتاكة في حال خرجت عن السيطرة، مع تسببها بإضعاف المجتمعات ونشر حالة من الخوف وعدم الاستقرار؛ لكونها تنتشر كالنار في الهشيم بأوقات الأزمات، إنها الشائعات التي تعمل الحكومات على محاربتها وضبط مروجيها وفق القوانين.
وفي زمن جائحة فيروس كورونا الذي انتشر في الدول الخليجية، عملت حكومات قطر، والكويت، وسلطنة عُمان، والسعودية، والبحرين، والإمارات، على نشر الوعي بين المواطنين والمقيمين بهدف الحفاظ على مجتمعاتهم من ترويج الشائعات والأخبار المضللة والأكاذيب.
وتجرم قوانين الدول الخليجية المختلفة مروجي الشائعات والمعلومات المضللة في أوقات الأزمات والحياة الطبيعية، تصل إلى حد الحبس المشدد وفرض غرامات مالية باهظة كإجراء رادع؛ بسبب ضررها الكبير على المجتمعات.
ومنذ بداية وصول فيروس كورونا إلى الدول الخليجية اعتمدت حكومات تلك الدول شفافية عالية في نشر جميع المعلومات الخاصة بالمرض، وإشراك الجمهور الداخلي في جميع ما يتم الكشف عنه من أعداد للمصابين أو المتوفين، وكذلك المتعافين؛ لسد الباب أمام أي أحد لترويج الشائعات.
وعملت السلطات الرسمية على تقديم إيجاز صحفي بشكل يومي يشمل جميع المعلومات اليومية والتحديثات الخاصة بالمرض؛ من خلال لجان الطوارئ المختلفة التي شكّلتها مع وصول فيروس كورونا المستجد.
وانتشر فيروس كورونا المستجد بدول الخليج، مع توسُّع انتشاره في إيران، بسبب وقوعها بالضفة المقابلة للخليج العربي ووجود حركة تنقُّل واسعة بينهما.
تحذيرات قطرية
وفي قطر أطلقت وزارة الداخلية تحذيراً لجميع المواطنين والمقيمين بعدم المشاركة في نشر أو تداول الشائعات، معتبرة ذلك "أمر في غاية الخطورة وقد يعرض المسؤول عنه للمساءلة القانونية".
ولمحاربة الشائعات تعمل وزارة الداخلية القطرية على استدعاء من يقوم بنشرها وتداولها، مشددة على أنها ستتخذ كافة الاجراءات القانونية بحقهم، مع تأكيدها في الوقت عينه لاستقاء المعلومات من مصادرها الأصلية، وتجنب التعامل مع الشائعات والقصص مجهولة المصدر.
وتعاقب المادة "6" من قانون الجرائم الإلكترونية القطري بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على 500 ألف ريال (137.3 ألف دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً عن طريق الشبكة المعلوماتية لنشر أخبار غير صحيحة بقصد تعريض سلامة الدولة أو نظامها العام أو أمنها الداخلي أو الخارجي للخطر، كما يعاقب القانون كل من أنشأ وسائل تقنية المعلومات للغرض نفسه.
ويعاقب القانون في قطر بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبالغرامة التي لا تزيد على 2500000 ريال (الدولار = 3.64 ريالات قطرية)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من روج أو بث بأي وسيلة تلك الأخبار غير الصحيحة بذات القصد.
إجراءات كويتية
ومع بداية أزمة فيروس كورونا حذرت الكويت مبكراً من ترويج الشائعات، إذ أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، أنس الصالح، أن الداخلية وبالتعاون مع وزارة الإعلام عمدت إلى تحريك دعاوى قضائية بحق مروجي الشائعات المتعلقة بتداعيات كورونا، والتي تسببت في إحداث حالة من الهلع بين صفوف المواطنين والمقيمين.
وستقف الدولة الكويتية حسب "الصالح" بالمرصاد لمروجي الشائعات، مشدداً على أنه لن يكون هناك أي تهاون مع الشائعات والأخبار غير الصحيحة؛ لكونها تعد عبثاً بالأمن الصحي وتؤدي إلى إثارة الهلع بين المواطنين.
ودستورياً ينص القانون رقم 31 لسنة 1970 على أنه يعاقب بالحبس المؤقت الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات كل كويتي أو مستوطن في الكويت أذاع عمداً في الخارج أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد.
"ويعد بث أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة خارج البلاد على نحو يؤدي إلى تداول انتشارها بين عدد غير محدد من الناس متى كان، من شأن ذلك إضعاف هيبة الدولة واعتبارها والإضرار بالمصالح القومية للبلاد، بصرف النظر عن الباعث على ذلك وما يترتب عليه من ضرر لا يشترط وقوعه بالفعل، بل يكفي احتمال وقوعه"، وفق القانون الكويتي.
المستشار القانوني العُماني مهنا المنذري، يؤكد أن قوانين الدول المختلفة جرمت ترويج الشائعات في أوقات الأزمات والحروب والكوارث وانتشار الأوبئة، لخطورتها على الأمن الداخلي والاجتماعي.
ويعاقب القانون الجزائي العُماني، وفق حديث المنذري لـ"الخليج أونلاين"، بالحبس لمدة تتراوح بين 3 أشهر إلى 3 سنوات إلى كل من يروج الشائعات، أو ينشر بيانات مضللة وغير صحيحة في أوقات الأزمات أو انتشار الأوبئة.
كما يعاقب قانون تقنية مكافحة المعلومات العُماني، حسب المنذري، بفرض غرامة مالية قدرها 3 آلاف ريال عُماني (7788 دولاراً أمريكياً) لمروجي الشائعات، والحبس أيضاً لمن يقوم بتداول معلومات غير دقيقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في الأوقات الطبيعية وغير الطبيعية.
ولم تعلن سلطنة عُمان كما يوضح المنذري حالة الطوارئ في البلاد، ولكنها عملت على تنظيم الأسواق لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد، ورغم ذلك يحق للجهات الأمنية استدعاء أي شخص روج معلومات غير دقيقة حول الفيروس، وفقاً للقانون.
وتعمل السلطات العُمانية على بث المعلومات حول الفيروس بشكل يومي للجمهور، ولا تخفي أي معلومة، وهو يتطلب عدم نشر أي شائعة من مصادر غير معروفة، كما يؤكد المستشار القانوني.
عقوبات سعودية
في السعودية حددت سلطات المملكة عقوبات على مطلقي الأخبار المجهولة المصدر، والترويج للشائعات التي تصعّد الهلع لدى المجتمع، وخاصة مع تفشي فيروس كورونا؛ لكونها تمس بالنظام العام،
ووفقاً للمادة (1/6) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية السعودي، فإن إنتاج الشائعات التي من شأنها المساس بالنظام العام، أو إعدادها، أو إرسالها عن طريق الشبكة المعلوماتية، جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن مدة تصل إلى 5 سنوات، وبغرامة تصل إلى 3 ملايين ريال سعودي (الدولار الأمريكي 3.76 ريالات).
ويعد استقاء المعلومة من مصدرها الرسمي، وفق النيابة السعودية، مطلباً وطنياً يرسخ التوعية المجتمعية ويعزز الأمن المعلوماتي.
وتزامن تحذير النيابة العامة مؤخراً مع لجوء بعض الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي إلى بث الإشاعات والأخبار المغلوطة، وخصوصاً ما يتعلق بفيروس "كورونا" المستجد، بحسب صحيفة "عكاظ" السعودية.
قوانين متشابهة
المستشار القانوني العُماني علي الشيدي، يؤكد أن قوانين الدول الخليجية متشابهة في تجريم الشائعات خلال الأوقات العادية والأزمات بشكل خاص، وذلك خاص لما لها من خطورة في زعزعة الثقة بين أفراد المجتمع ونشر بيانات وأخبار مغلوطة.
وفي أوقات الأزمات، وخاصة انتشار فيروس كورونا المستجد، تكون المجتمعات، وفق حديث الشيدي لـ"الخليج أونلاين"، في أمس الحاجة للحصول على معلومات صحيحة تحدد طريقة تعاملها مع الأزمة التي تعيشها.
وخلال فترة انتشار فيروس كورونا المستجد فإن نشر الشائعات حول المرض أو أعداد المصابين أو الإجراءات المتخذة من شأنه بث الذعر بين أفراد المجتمع، وهو ما يشكل تشتيتاً للجهود التي تقوم بها المؤسسات الرسمية، والحديث لـ"الشيدي".
وفي الإمارات تجرم المادة "197 مكرر 2" من قانون العقوبات الإماراتي بالسجن المؤقت لكل من استعمل أية وسيلة من وسائل الاتصال أو وسائل تقنية المعلومات أو أية وسيلة أخرى في نشر معلومات أو أخبار أو التحريض على أفعال من شأنها المساس بالنظام العام.
كما تنص المادة (198) مكرر من قانون العقوبات الاتحادي على معاقبة كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة، أو بث دعايات مثيرة، إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب بين الناس، أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
وفي البحرين عملت السلطات على إغلاق الطريق على انتشار الشائعات؛ بنشر وبث أكثر من 500 تقرير إخباري، و240 حصة تعليمية تلفزيونية، و60 فاصلاً توعوياً للتلفزيون والإذاعة ووسائل التواصل الاجتماعي، لتعزيز الوعي لدى أفراد المجتمع بجهود السلطات بمحاربة الفيروس الفتاك.