الخليج أونلاين-
تشدّد دول الخليج الخناق على المتردّدين في تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا فتمنعهم من الحج والسفر إلى الخارج ودخول الجامعات ومراكز التسوق، في محاولة جادة منها لتوسيع رقعة التطعيم.
وكانت دول الخليج العربية من بين أوائل الدول في العالم التي حصلت على لقاح كورونا، ضمن خطط حكومية وجداول زمنية محددة، ووصلت إلى أرقام كبيرة في تقديم اللقاحات للمواطنين والمقيمين على أراضيها.
ورغم حرص دول مجلس التعاون الخليجي على توفير اللقاح لمواطنيها والمقيمين وتحصينهم ضد فيروس كورونا، فإن بعض سكان تلك الدول يرفضون الحصول على اللقاح بدعوى أنه غير آمن، وخطير على الصحة، وقد يسبب الوفاة، رغم التأكيدات الطبية والاختبارات السريرية التي أجريت على اللقاحات وأكدت سلامتها؛ ما دفع كثيراً من دول الخليج لإصدار قرارات لإجبار السكان على تلقي اللقاح.
إجراءات صارمة بالكويت
كانت آخر القرارات فيما يتعلق بالتلقيح في دول الخليج بالكويت، بعدما أقرت السلطات ابتداءً من 27 يونيو 2021، منع دخول المولات التجارية والمطاعم والمقاهي والأندية الصحية، لمن لم يتلقوا تطعيماً كاملاً ضد فيروس كورونا المستجد.
وقالت وسائل إعلام كويتية إن وزير الصحة، باسل الصباح، أصدر قراراً نص على "السماح للحاصلين على اللقاح المضاد لفيروس كورونا والفئات المعفاة من تلقي اللقاح بدخول صالات المطاعم والمقاهي (يسمح لغير المحصنين فقط استلام الطلبات)".
كما نص على السماح لهم بالدخول إلى "الأندية الصحية، والصالونات، والمجمعات التجارية الكبرى التي تزيد مساحتها على 6000 م2"، وذلك ابتداء من الأحد (27 يونيو).
ونقلت صحيفة "الأنباء" المحلية عن مصادر حكومية قولها إن من يحمل شهادة تطعيم ذات اللون الأخضر أو البرتقالي سيسمح له بدخول المجمعات والمطاعم والمقاهي، مع الالتزام الكامل بالاحترازات الصحية؛ من كمامات وتباعد، ومنع التجمعات أو السلام بالأيدي.
كما قررت الكويت فرض غرامة مالية على المنشآت المخالفة لقرار منع دخول غير المحصنين إلى المراكز التجارية والمطاعم والمقاهي والأندية الصحية، فيما لا ينطبق قرار المنع على الجمعيات التعاونية والأسواق الموازية.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن سليمان الغيص، رئيس قسم إزالة المخالفات ببلدية محافظة الجهراء، قوله إن مخالفة قرار مجلس الوزراء بشأن منع دخول غير المحصنين سيعرض المنشأة لغرامة مالية قدرها 5 آلاف دينار كويتي (نحو 16.5 ألف دولار أمريكي).
وقبلها السعودية
أما السعودية فقد بدأت مبكراً تشديد الخناق على المتردّدين في تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا، فتمنعهم من الحج والسفر إلى الخارج ودخول الجامعات ومراكز التسوق، في محاولة مثيرة للجدل لتوسيع رقعة التطعيم.
وتعمل المملكة، البالغ عدد سكانها 34 مليون نسمة (الأكثر خليجياً)، على تسريع حملة التطعيم على مستوى البلاد، في خضم سعيها لإحياء السياحة واستضافة الفعاليات الرياضية والترفيهية التي تشكل حجر الأساس لبرنامج "رؤية 2030" الهادف لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط.
وخلال شهر مايو الماضي، سُمح فقط للمواطنين المحصنين بالسفر إلى الخارج بعدما رفعت المملكة الحظر المفروض على الرحلات الخارجية الذي طُبق العام الماضي مع بداية انتشار الوباء.
كذلك، أعلنت الرياض، في ذات الشهر، أنّ التطعيم سيكون إلزامياً ابتداء من الأول من أغسطس القادم لدخول أي مؤسسات حكومية وخاصة، ومن ضمنها المؤسسات التعليمية وأماكن الترفيه، ولاستخدام وسائل النقل العامة أيضاً.
جاء ذلك بعد أيام فقط من إعلان السلطات أنه سيتم السماح فقط للعاملين في القطاعين العام والخاص الذين تم تطعيمهم بالعودة إلى أماكن عملهم.
قطر.. قيود مستمرة
في أواخر يونيو، أكدت حنان محمد الكواري، وزيرة الصحة العامة في قطر، أن القيود التي تستهدف غير المُطعمين ضد فيروس كورونا ستظل سارية.
وأعربت عن أملها في أن تصل قطر إلى مرحلة مناعة القطيع، خاصة أن التطعيم يُخفّض بشكل كبير انتقال الفيروس، لكنه لا يقضي عليه بالكامل، مُضيفة: "ما سيبدو عليه الأمر بعد سياسات الاختبار ومناعة القطيع، هو شيء لا نزال نعمل عليه، لكننا مُتفائلون بأن تصل معظم البلدان إلى مُستوى التطعيم المطلوب، وحينها سنرى عدد الاختبارات يتراجع وتعود الاقتصادات إلى ما كانت عليه في البلدان المختلفة".
وفي 21 يونيو، أعلن رئيس الوزراء القطري وزير الداخلية الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني، أن بلاده لن تسمح بدخول الجماهير لملاعب كأس العالم التي ستقام في العام القادم 2022 دون تلقيهم التطعيم الكامل ضد الفيروس.
وأضاف: "لذلك نجري حالياً مفاوضات مع إحدى الشركات لتوفير مليون لقاح ضد فيروس كورونا من أجل تطعيم بعض القادمين إلى البطولة"، متابعاً: "هدفنا الأساسي من تطعيم بعض القادمين إلى قطر لحضور بطولة كأس العالم هو حماية الصحة العامة للمواطنين والمقيمين، وكذلك حماية الجماهير المشاركة في البطولة".
قيود في البحرين
أما في البحرين فقد قررت الحكومة منع دخول غير المطعمين إلى العديد من الأماكن، أهمها المجمعات التجارية، والمنشآت الرياضية، ومحال الحلاقة والصالونات، أو الحصول على الخدمات الداخلية للمطاعم والمقاهي.
كما قررت منع دخولهم الهايبر ماركت أو السوبر ماركت، أو الصيدليات أو غيرها، إذا كانت داخل المجمعات التجارية.
ومنذ 21 مايو، لم يتمكن سوى من تتجاوز أعمارهم 18 عاماً ممن أتموا 14 يوماً من حصولهم على الجرعة الثانية من اللقاح أو من تعافوا من الفيروس، من دخول المراكز التجارية، مع استثناء متاجر التجزئة والبنوك والصيدليات والمستشفيات.
وقال وكيل وزارة الصحة البحرينية وليد المانع، في تصريحات نشرت على موقع الوزارة على "تويتر": "نحث الجميع (على) الإقبال على التطعيم ومواصلة الالتزام بالإجراءات الاحترازية من أجل البحرين".
إجراءات إماراتية
أما الإمارات فقد قالت، في مايو الماضي، إن التطعيمات ضد مرض كوفيد-19 ستكون إلزامية لمن يحضرون جميع الفعاليات ابتداء من السادس من يونيو الجاري.
وقالت فريدة الحوسني، المتحدثة باسم وزارة الصحة، إن الأمر ينطبق على جميع الفعاليات والمعارض والنشاطات والمناسبات، ومن ضمنها الرياضية والثقافية والاجتماعية والفنية.
وأضافت أنه يجب على الحضور أيضاً إبراز نتيجة فحص سلبية لكوفيد-19 خلال مدة أقصاها 48 ساعة قبل موعد المناسبة.
كما قالت دبي إن التطعيمات ضد فيروس كورونا ضرورية للمشاركة في الحفلات الموسيقية والفعاليات الرياضية والأنشطة الترفيهية وحفلات الزفاف على ألا يتجاوز عدد الحاضرين مئة شخص.
الإشاعات في عمان
وتواجه سلطنة عُمان أيضاً تراجعاً في عدد الأشخاص الذين حصلوا على اللقاحات، حيث تظهر الأرقام الرسمية أن إجمالي المُطعمين باللقاحات المضادة لفيروس كورونا منذ بداية الحملة الوطنية للتحصين، أواخر ديسمبر الماضي، وصل إلى 435 ألفاً و90 شخصاً، بنسبة بلغت 12% .
وبلغ إجمالي المُطعمين بالجرعة الأولى ما نسبته 61%، فيما بلغت نسبة المُطعمين بجرعتين 39%.
وتجاوزت نسبة تطعيم الفئة الأولى (65 عاماً) الـ95%، بحسب وزير الصحة العماني أحمد بن محمد، الذي أكد رفض البعض تلقي التطعيم بسبب الإشاعات، وقال: إن "بعض من رفضوا تلقي اللقاح دخلوا لاحقاً العناية المركزة، وبعضهم توفي بسبب الوباء".
مخاطر رفض التطعيم
وحول الجدل السائد في الخليج فيما يتعلق برفض التطعيم، يؤكد رئيس لجنة الإشهاد التابعة لمنظمة الصحة العالمية بالكويت، الطبيب فهد العنزي، أن التطعيم يعد الحل الوحيد لمواجهة فيروس كورونا في الأوقات الحالية، حيث يعد الحصول عليه ضرورة صحية، على خلاف الحديث عن رفض الحصول عليه.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول العنزي: "رفض المواطنين الحصول على لقاحات كورونا يعني أن المرض سيبقى في مجتمعاتنا مدة طويلة، وسيزيد من انتشاره والتسبب في حالات الوفاة".
وفي حال لم يحصل 70% من عدد السكان في الدول على اللقاحات، وتتشكل مناعة للسكان، كما يؤكد العنزي، فالدول ستعاني من المرض، واستمرار انتقال العدوى بين السكان، لذلك يعد الحصول على اللقاح أمراً ضرورياً.
ويضيف: "لن تسمح دول الخليج باستمرار رفض مواطنيها عدم الحصول على اللقاحات، لكونها تسعى إلى القضاء عليه، والانتهاء من آثاره الصحية والاقتصادية والاجتماعية".
منظمة الصحة العالمية بدورها سبق أن أكدت أن رفض لقاح التطعيم على الرغم من توافره واحد من أكبر التهديدات للصحة العالمية بشكل عام.
وأكدت المنظمة أن هناك 3 ملايين حالة وفاة كل عام بسبب الامتناع من اللقاح، ومن الممكن أن يكون هذا العدد أعلى بكثير.