الخليج أونلاين-
بعد تطعيم عدد كبير من سكان بعض الدول الخليجية كالبحرين، والإمارات، ودول أخرى كمنغوليا وتشيلي وغيرهما، باللقاحين الصينيين "سينوفاك" و"سينوفارم"، بدأت تزداد حالات الوفاة والإصابات في هذه البلدان، وهو ما يثير الشكوك حول فعاليتهما في مواجهة المرض.
وأمام الشكوك حول فعالية اللقاحات الصينية، باشرت البحرين بإعطاء جرعات معززة من لقاح "فايزر" المضاد لفيروس كورونا المستجد، للمعرَّضين للخطر من مواطنيها، حتى ولو كانوا قد تلقوا اللقاح الصيني، وفقاً لما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" (الأربعاء 30 يونيو).
وكيل وزارة الصحة البحرينية، وليد خليفة المانع، أكد أن السكان ممن هم فوق 50 عاماً، والذين يعانون السمنة والأمراض المزمنة، تتم توصيتهم بالحصول على جرعة أخرى من لقاح "فايزر"، بعد ستة أشهر من تلقيهم لقاح "سينوفارم" الصيني بشكل كامل.
وعلى خُطا البحرين، بدأت الإمارات التي تشهد زيادة في الوفيات والإصابات، أيضاً بإعطاء لقاح "فايزر" المضاد لفيروس كورونا المستجد، كجرعة معززة لمن كانوا قد تلقوا لقاح "سينوفارم" الصيني، وهو ما يؤكد الشكوك حول فعاليات اللقاحات الصينية.
وأكد مسؤول في مؤسسة "مبادلة" الصحية بأبوظبي أن الجرعات المعززة للقاح متاحة لتلقيها بعد مرور ستة أشهر من تلقي الجرعة الثانية من اللقاح الصيني.
اعتراف صيني
أنتجت الصين أربعة لقاحات محلية تم إقرارها للاستخدام العام، وطورت بطريقة تقليديةٍ أكثر من غيرها، حيث يطلق عليها اسم لقاحات ميتة؛ لاستعانتها بخلايا فيروسية ميتة لكي تضع الجهاز المناعي للجسم وجهاً لوجه أمام الفيروس، في حين أن "فايزر" تستعين بتقنية ما يُعرف بـ"مرسال الحمض النووي الريبي".
وخضعت جميع اللقاحات الصينية لتجارب خارج البلاد، ولكن أظهرت انخفاض فعالية تلك اللقاحات دون نسبة الـ50%، فيما تشترط منظمة الصحة العالمية نسبة فعالية تتجاوز 50% لاعتماد أي لقاح.
ورغم أن منظمة الصحة العالمية أعلنت موافقتها على استخدام اللقاح المضاد لكورونا "سينوفاك" في حالات الطوارئ، ليكون ثاني لقاح صيني يدرج على قائمة المنظمة للقاحات المضادة لكورونا بعد لقاح "سينوفارم"، فإن هناك شكوكاً حول مدى فعاليتها.
وخرجت أصوات صينية تؤكد عدم فعالية اللقاحات بشكل كبير، حيث أكد مدير المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية، جاو فو، أن "اللقاحات الصينية توفر مستوى منخفضاً من الحماية".
وفي تصريح لصحيفة "غلوبال تايمز" الرسمية الصينية، في أبريل الماضي، قال فو: "معدلات الحماية لجميع اللقاحات في العالم تكون أحياناً مرتفعة، وأحياناً منخفضة، كيفية تحسين فعاليتها مسألة يجب أن يدرسها العلماء في أنحاء العالم".
وبيَّن المسؤول الصيني أن تحسين عملية التحصين باللقاحات قد تتطلب تعديل عدد الجرعات وطول المدة الزمنية، مقترحاً دمج لقاحات مختلفة لزيادة فعالية اللقاحات الصينية.
وإلى جانب فو، كشف جين دونغ يان، أستاذ علم الفيروسات الجزيئي في جامعة "هونغ كوإن"، أن "فعالية اللقاحات الصينية قد لا تكون عالية بما يكفي لوقف انتشار الفيروس في المجتمع، مما يجعل مناعة القطيع بعيدة المنال".
وفي تصريح نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، وصف جين لقاحي "سينوفاك" و"سينوفارم" بغير الجيدين.
ولفت الخبير الصيني إلى أن "مُصنعي لقاحي سينوفارم وسينوفاك يتحملون مسؤولية تطوير اللقاح، سواء من خلال زيادة المادة الفعالة في الجرعة أو إضافة جرعة ثالثة إلى برتوكول التطعيم أو غير ذلك من الإجراءات".
وتأكيداً لحديث الخبراء الصينيين حول عدم فعالية لقاحات بلادهم، أعلنت شركة "Shanghai Fosun Pharmaceutical" الصينية، أنها ستعمل مع شركة بويتنيك الألمانية، التي ساهمت في تصنيع لقاح "فايزر"، على إنتاج ما يصل إلى مليار جرعة لقاح سنوياً.
كما أظهرت دراسة في صربيا، نشرتها "فورين بوليسي"، إلى أن "29% من المشاركين الذين بلغ عددهم 150 شخصاً، لم تنتج أجسامهم أية مناعة ضد كورونا بعد تلقي سينوفارم الصيني".
لقاحات فعالة
وفي خلاف حول ما يتم تناقله حول اللقاحات الصينية، يرى أستاذ علم الأمراض البروفيسور عبد المنعم لبد، أنها "فاعلة بدرجة جيدة، وآمنة؛ لكون وباء كورونا منبعه دولة الصين، التي هي أعلم بالمرض".
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول لبد: "الصين لديها تقدم في علم الفيروسات، وعلماؤها هم أقدر الناس على صناعة لقاحات فعالة".
وتقوم فكرة اللقاحات، كما يوضح لبد، على "إحداث التهاب محدود بجسم الإنسان، ولكن في حالة تضاعف هذا الالتهاب يمكن أن يتسبب في أضرار لصحة الإنسان".
وتركت جميع اللقاحات المصنعة لمواجهة كورونا- وفق لبد- أعراضاً وآثاراً جانبية على متلقيها، كـ"فايزر"، إلى جانب اللقاحات الصينية، بمعنى أن الأعراض متوقعة.
وحول الجرعات المعززة التي أعطتها دول كالإمارات، والبحرين، لمن تلقوا اللقاحات الصينية، يوضح أستاذ علم الأمراض، أن ذلك "يعد خطيراً؛ لكونه قد يُحدث تفاعلات ضارة".
من جهته، يقول البروفيسور عبد الرؤوف المناعمة، أستاذ علم الميكروبات وسفير الجمعية الأمريكية للميكروبيولوجي: إن "لقاح سينوفاك يعمل عن طريق استخدام جزيئات فيروسية معطلة (غير قادرة على التكاثر)، لتعريض جهاز المناعة في الجسم للفيروس دون المخاطرة بردّ فعل خطير للمرض".
ويضيف المناعمة في حديث لـ"الخليج أونلاين"، أن "تقنية إنتاج هذا النوع من اللقاحات معروفة ومعمول بها منذ سنوات طويلة، لذا يعتبر اللقاح آمناً بشكل كبير، وظروف تخزينه عادية لا توجد له متطلبات نقل وتخزين مثل تلك التي تلزم للقاحات الحية أو التي تستخدم الحمض النووي الريبوزي".
وبيّن أن أحد عيوب هذا النوع من اللقاحات، أنه "لا ينشّط جناحي المناعة للإنسان؛ بل ينشّط واحداً منها والمتعلق بإنتاج الأجسام المضادة، بينما الشق المتعلق بالمناعة الخلوية (الخلايا التائية) لا تنشط، لأن الفيروس لا يتكاثر داخل الجسم".
ويشير إلى أن لقاح "سينوفاك" خضع للمرحلة الثالثة من التجارب في بلدان مختلفة؛ وأظهرت البيانات المؤقتة من التجارب الأخيرة في تركيا وإندونيسيا أن "اللقاح كان فعالاً بنسبة 61.25٪ و65.3٪ على التوالي"، فيما في البرازيل -يضيف المناعمة- أفاد باحثون في البداية، بأنه "كان فعالاً بنسبة 78٪ في تجاربهم السريرية، لكن في يناير 2021 تراجع الرقم إلى 50.4٪، وذلك بعد تضمين مزيد من البيانات في حساباتهم".
أما بالنسبة للأمان فيقول المناعمة: إنه "أجريت بعض الاختبارات على أكثر من 1000 متطوع، أظهر بعضهم فقط إجهاداً بسيطاً أو انزعاجاً، لكن ليس أكثر من 5٪".
ويختم حديثه بالقول: "باختصار، اللقاح الصيني تم بتقنيات معروفة وله ميزة الأمان العالية والتخزين السهل؛ مما يؤهله للبلدان النامية والفقيرة، لكن مدى فعالية اللقاح ما زال قيد الدراسة، وتضارب كبير في الأرقام".
وأمام التشكيك في فعالية اللقاحات الصينية، ورغم وجود تأكيد صحي صيني لفعالية اللقاحات، سارعت حكومة بكين إلى القول إن ادعاءات بعض وسائل الإعلام الغربية ضد فعالية لقاحات بلادهم تفتقر إلى الأساس العلمي وتشوه الحقائق.
ونقلت صحيفة "ليانخه زاوباو" السنغافورية (الثلاثاء 29 يونيو)، عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون، قوله: إن "مثل هذه الادعاءات ليست سوى تشويه للحقائق واتهامات مثيرة".