كامل جميل - الخليج أونلاين-
النتائج التي خرجت بها دول الخليج بعد اتخاذها إجراءات صارمة لمواجهة فيروس كورونا وتداعياته، أثبتت تفوقاً كبيراً على مستوى العالم حققته المنطقة الخليجية؛ وهو ما تسجله شهادات مراكز عالمية، آخرها مؤشر الأمن الصحي العالمي الذي أصدره مركز "جونز هوبكنز" للأمن الصحي بالولايات المتحدة.
فالمؤشر وضع قطر بالمرتبة الأولى عربياً والـ49 عالمياً، وعلى المستوى العربي حلت المملكة العربية السعودية بالمرتبة الثانية والـ61 عالمياً، ثم الأردن بالمرتبة 66 عالمياً، فالإمارات بالمرتبة 80، وعُمان بالمرتبة 81، والكويت بالمرتبة 88، ثم البحرين بالمرتبة 92 عالمياً.
وتصدرت الولايات المتحدة الأمريكية التصنيف على مستوى العالم، تلتها أستراليا وفنلندا وكندا، وفي المراتب الأخيرة جاء كل من سوريا في المرتبة 192، تليها كوريا الشمالية واليمن والصومال في المرتبة 195.
خلص التصنيف إلى أن أكثر من 90٪ من البلدان ليست لديها خطة لتوزيع اللقاحات أو الأدوية في حالات الطوارئ، في حين أن 70٪ تفتقر إلى السعة الكافية في المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات، محذراً من أن هذا الوضع يتفاقم كلما زادت المخاطر السياسية والأمنية.
تحديات عالمية
لكن تبقى النجاحات التي حققتها دول الخليج في مواجهة الفيروس غير كافية؛ لكونها على ارتباط بدول أخرى لم تكن إجراءاتها كافية لمواجهة تحديات الفيروس.
هذا أيضاً ما أثبته انتشار المتحور "أوميكرون"؛ فبعد ما يقرب من عامين من انتشار جائحة فيروس كورونا، ما يزال العالم "غير مستعد بشكل خطير" لأي وباء قادم، وهو ما أكده تقرير مؤشر الأمن الصحي العالمي لعام 2021.
مؤشر الأمن الصحي العالمي يصنف 195 دولة وفقاً لقدرتها على الاستجابة للأوبئة، وكانت النسخة الأولى من المؤشر، التي نُشرت في عام 2019 قبل أشهر قليلة من اكتشاف حالات كورونا الأولى، قد خلصت إلى أنه لا توجد دولة مستعدة لمثل هذه الأزمات.
ووفقاً لمؤشر عام 2021، الذي نُشر بواسطة مبادرة التهديد النووي، وهي مجموعة أمنية عالمية غير ربحية، ومركز "جونز هوبكنز للأمن الصحي" في "كلية بلومبيرغ للصحة العامة" في "جامعة جونز هوبكنز"، فإن العالم بشكل عام "ليس أفضل استعداداً".
ووجد التقرير أن أكثر من 90% من البلدان ليس لديها خطة لتوزيع اللقاحات أو الأدوية أثناء حالات الطوارئ، بينما يفتقر 70% منها إلى القدرات الكافية في المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية، فيما ارتفعت المخاطر السياسية والأمنية في جميع أنحاء العالم، وتراجعت ثقة الجمهور بالحكومة.
ولطالما نادى قادة الخليج المجتمع الدولي بالتكاتف لتوفير اللقاحات للبلدان، فضلاً عن مساهمات دول الخليج المالية لدعم الجهود الدولية لمكافحة الأزمة الصحية العالمية.
تلقيح السكان
استناداً إلى تقارير مركز الإحصاء الخليجي، فإن دول مجلس التعاون تواصل بشكل يومي تسجيل زيادات في عدد متلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وقد أتاحت هذه الدول اللقاحات المعتمدة عالمياً بشكل مجاني للسكان، سواء كانوا مواطنين أم وافدين.
ووفق المركز، فإن إجمالي اللقاحات المعطاة بدول التعاون فاقت الـ 90 مليوناً، في حين تراجعت بشكل كبير أعداد الإصابات والوفيات جراء الفيروس، مع فرض الاشتراطات الصحية وحظر دخول العديد من المواقع العامة إلا لمن تلقوا اللقاح.
وأشار المركز إلى أن نسبة التعافي من الفيروس في دول الخليج مجتمعة بلغت 98.9%.
ومؤخراً منحت حكومات خليجية عدداً من الميزات للمحصنين فيما يتعلق بالدخول إلى الأماكن العامة وحضور التجمعات؛ في محاولة لتحفيز بقية السكان على تلقي اللقاح.
وتعتمد دول المجلس عدة أنواع من اللقاحات المعتمدة عالمياً، وقد شارك بعضها في التجارب السريرية على عدد من اللقاحات الروسية والصينية.
أوميكرون والخليج
لمنع انتشار المتحور الجديد "أوميكرون" داخل مدنها فرضت دول الخليج حظراً للرحلات الجوية الذاهبة أو القادمة إلى الدول الأفريقية التي سجلت ظهور المتحور الجديد.
تم تسجيل أول إصابة بسلالة "B.1.1.529"، التي أطلقت عليها لاحقاً منظمة الصحة العالمية اسم "أوميكرون"، في بوتسوانا، يوم 11 نوفمبر 2021، لدى مواطن من جنوب أفريقيا، حيث رُصد العدد الأكبر من المرضى فيها، وتجاوز 80 مصاباً.
وصنفت منظمة الصحة العالمية السلالة الجديدة كإحدى "السلالات الخاضعة للمراقبة"، وقالت: إن "أقدم العينات الموثقة كانت من عدة دول".
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس قال، الأربعاء 8 ديسمبر 2021، خلال مؤتمر صحفي في جنيف: "تشير البيانات الجديدة من جنوب أفريقيا إلى أن أوميكرون يزيد احتمال تكرر الإصابة"، مضيفاً أن "هناك أيضاً بعض الأدلة على أن أوميكرون يسبب مرضاً أقل شدة من دلتا".
للحصول على فكرة أكثر دقة لخصائص المتحورة بسرعة أكبر طلب غيبريسوس من كل البلدان المساهمة في تقييمها من خلال تقديم بياناتها إلى المنظمة. ولمكافحتها بشكل أفضل دعا أيضاً كل الدول إلى مواصلة جهودها لناحية التلقيح وخطوات الوقاية، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
تهديد الجهود الجماعية
اعتماداً على ما صرح به المدير العام لمنظمة الصحة العالمية من شكوك بأن "أوميكرون" قد يكون له قابلية أعلى من المتحورات الأخرى لإصابة الأشخاص الذين سبق أن التقطوا عدوى الفيروس، وكذلك من تلقوا التلقيح، لكنه قد يسبب مرضاً أقل شدة، فإن دول الخليج تكون قد تحصنت بشكل أفضل بتلقيح شبه كامل للسكان.
لكن الإجراءات المتقدمة التي حققتها دول الخليج في هذا الجانب لا تعني أنها ستكون بمنأى عن انتشار المتحور الجديد فيها، حيث سجلت السعودية والكويت والبحرين أول إصابات بهذا المتحور الخطير.
هذا ما يتأكد من خلال تصريح سابق أدلى به لـ"الخليج أونلاين" المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أحمد المنظري.
وقال المظفري: "بصفة عامة تمثل التحورات المقلقة أحد أخطر التهديدات على الجهود الجماعية لدحر الفيروس، حيث إنه كلما زاد انتشار "كوفيد-19" زادت فرص تحور الفيروس، وطالت المدة المطلوبة للسيطرة عليه".
ولفت النظر إلى أنه "حتى الآن ووفقاً للدراسات المبدئية فقد تكون الطفرات المتعددة المصاحبة لهذا التحور ذات تأثيرات أكبر من التحورات السابقة، ولكننا في طور إجراء المزيد من الدراسات التي قد تستغرق بضعة أسابيع للوقوف على حقيقة تأثير المتحور أوميكرون".