محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
سيطرت حالة من الخوف والرعب على سكان العالم، مع بدء انتشار فيروس جدري القرود، وهو ما جعل دول الخليج العربي على أهبة الاستعداد له، من خلال تطبيق إجراءات وقائية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد جرى الإبلاغ عن 92 حالة مؤكدة و28 حالة يشتبه في إصابتها بجدري القرود من 12 دولة، معظمها أوروبية، مشيرة إلى أنها تتوقع ظهور مزيد من حالات جدري القرود على مستوى العالم
وفي المنطقة، وثقت دولة الاحتلال الإسرائيلي تسجيل حالة واحدة من المرض، وهو ما يؤكد احتمالية تسجيل دول خليجية إصابات منه خلال الفترة القادمة، خاصةً أن هناك رحلات جوية متبادلة بين الإمارات والبحرين مع الاحتلال.
تحركات خليجية
وأمام المرض النادر، وتسجيل عدة إصابات في العالم والمنطقة، بدأت دول خليجيةٌ الاستعداد للفيروس، واتخاذ إجراءات وقائية، دون إعلان أي دولة تسجيل إصابات حتى الآن.
الإمارات بدأت بتطبيق إجراءات وقائية بشأن فيروس جدري القرود، حيث طالبت هيئة الصحة في دبي ومركز أبوظبي للصحة العامة، التابع لدائرة الصحة، المنشآت الصحية العاملة بضرورة التقصي الوبائي عن مرض جدري القرود
وأصدرت هيئة الصحة بدبي (20 مايو 2022) تعميماً إلى المهنيين الصحيين والمنشآت الصحية العاملة كافة؛ لتعزيز التقصي الوبائي لمرض جدري القرود المستجد الذي انتشر في عدد من الدول.
ونوهت الدائرة على جميع المنشآت الصحية العاملة في الإمارة، بضرورة الإبلاغ عن أي حالة مشتبه بها أو محتملة أو مؤكدة عبر نظام التبليغ الإلكتروني الخاص بالأمراض السارية.
وجاءت تلك الإجراءات، في إطار إجراءات الجهات الصحية في الإمارات الهادفة إلى مكافحة الأمراض السارية والحد من انتشارها؛ لحماية المجتمع والحفاظ على الصحة العامة.
بدورها أكدت وزارة الصحة الكويتية (21 مايو)، أن السلطات الصحية "لم ترصد أي حالات يشتبه بإصابتها به في البلاد"، مؤكدةً أنها "تتابع من كثب، آخر تطورات المرض الفيروسي الجديد ومستجداته في الدول التي تم الإعلان عن إصابات به فيها".
ونقلت صحيفة "القبس" المحلية عن مصادر -لم تسمها- أن الاجراءات المتبعة في العيادات بالمنافذ الجوية والبرية "لم يطرأ عليها تغيير، فالأوضاع الصحية المحلية مستقرة ولا تستدعي اتخاذ إجراءات وقائية أو احترازية زائدة".
وأشارت إلى أن الوزارة على "اتصال مباشر مع منظمة الصحة العالمية؛ لمتابعة مستجدات أي مرض أو وباء، والعمل على تنفيذ التوصيات والقرارات الصادرة عن المنظمة بشأنه؛ للحد من فرص دخوله الكويت".
السعودية بدورها، لم تعلن تسجيل أي إصابة بمرض جدري القرود، مع تأكيدها جهوزيتها التامة للرصد والتقصي والتعامل مع الحالات في حال ظهور أي حالة.
وفي بيان للوزارة (21 مايو)، أكدت أن جميع الفحوصات الطبية والمخبرية متوافرة، إضافة إلى وجود خطة وقائية وعلاجية متكاملة للتعامل مع مثل تلك الحالات في حال ظهورها.
وضمن الإجراءات التي بدأت المملكة تطبيقها، دعوتها السكان إلى اتباع السلوكيات الصحية، والإرشادات التوعوية التي تصدر عن هيئة الصحة العامة، وكذلك في حالة السفر لخارج المملكة والتعرف على الإجراءات الوقائية اللازمة، خاصة في الدول التي تم رصد المرض فيها.
وفي البحرين طالب عدد من النواب بضرورة تشديد الرقابة والأخذ بالإجراءات الوقائية الصارمة والتعامل بحزم وحذر وسرعة؛ لمنع دخول فيروس جدري القرود.
وشدد النواب، خلال جلسة لهم (السبت 21 مايو)، على ضرورة فحص القادمين عبر المنافذ المختلفة، إلى جانب تحذير المغادرين، وتفعيل قائمة "الدول الحمراء"؛ وذلك للحيلولة دون تأثر الدولة بتداعيات هذا المرض.
سلالة ضعيفة
وحول مرض جدري القرود، يؤكد المختص في العلوم الطبية والأحياء الدقيقة سامي خويطر، أنه فيروس يصيب الإنسان، واكتُشفت أول حالة له عام 1970في قرد.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول خويطر: "هذا الفيروس من عائلة الجدري، أي إن المادة الوراثية (DNA)، وهي مستقرة جينياً أي إنه لا يتحول أو يتطور".
وحسب خويطر، يوجد للفيروس تطعيم متاح سابقاً، وعائلة فيروسات جدري الإنسان تعالجه بنسبة 85%، مشيراً إلى أنه "تم إيقاف التطعيم؛ لعدم اللزوم".
ويقلل خويطر، من خطورة الفيروس، وشدة المرض، خاصةً أنه منتشر منذ عشرات السنوات في أفريقيا دون أي جديد له، ولكنه حالياً بدأ الانتشار عالمياً.
وحسب المختص في العلوم الطبية والأحياء الدقيقة، فالمرض خفيف الأعراض في معظم الحالات، ولكن نادراً ما قد تشتد في بعض الحالات وتصل إلى وفيات ما بين 1-10%.
ولا ينتقل الفيروس، كما يوضح خويطر، إلا من خلال الاحتكاك المباشر بين سوائل الجسم من مصاب إلى غير مصاب، لذلك فرصه في الانتشار ضئيلة.
جرعة تفاؤل
بدوره قال اختصاصي الأمراض الفيروسية الكويتي د.محمد أبل، إن الإصابة السابقة بالجدري والتطعيم السابق ضده "قد يعطيان حماية ضد الإصابة بجدري القرود على الأغلب بنسبة قد تصل إلى 85%، وقد تمتد هذه الحماية مدى الحياة".
وأضاف"أبل" في تصريحات لصحيفة "الأنباء" الكويتية: "قد تتشابه في شكل الطفح الجلدي، ولكن فيروسات الجدري وجدري القرود (عائلة الجدري) تختلف عن الجدري المائي أو العنقز (عائلة هيرپيز)".
وبيّن أن تطعيم الجدري المائي "لا يحمي ضد الجدري وجدري القرود، وكذلك الإصابة السابقة بالعنقز لا تحمي من الإصابة بجدري القرود".
وأوضح أن فترة حضانة الفيروس في الجسم قد تمتد من 10 إلى 14 يوماً، كما أن الإصابات تتفاوت في شدتها، وكثير من الإصابات لا تظهر عليها الأعراض، وتتشافى ذاتياً من دون أي علاج، وقد تحدث هناك حالات خطيرة تحدث معها مضاعفات.
وحول الطفح الجلدي، بيّن أنه قد يظهر بعد عدة أيام من ظهور الأعراض، ويشبه إلى حد ما، طفح الجدري، ولكن بشكل أخف حدة، وقد يترك آثاراً بعد التشافي.
ما هو المرض؟
يعد جدري القرود أحد أشكال مرض الجدري الجلدي، وهو مرض تم القضاء عليه عام 1980، ويعتبر من الأنواع الأقل انتقالاً وفتكاً، كما أن أعراضه أكثر اعتدالاً.
وينتقل المرض عن طريق اللعاب وإفرازات الأنف والطفح الجلدي الناتج عنه، وكذلك استخدام الأدوات المشتركة مثل الفراش والمناشف إلى جانب العلاقات الجنسية؛ الشاذة منها بوجه خاص.
وبحسب منظمة الصحة العالمية يُنقل فيروس جدري القرود إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية، ولكن انتشاره على المستوى الثانوي محدود من خلال انتقاله من إنسان إلى آخر.
وتصنف المنظمة الأممية فيروس جدري القرود بأنه مرض نادر يحدث أساساً في المناطق النائية من وسط أفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة.
ولا يوجد أي علاج أو لقاح متاح لمكافحة المرض رغم أن التطعيم السابق ضد الجدري أثبت نجاعة عالية في الوقاية أيضاً من جدري القرود، حسب المنظمة.
ويستمر المرض عادةً مدة أسبوعين إلى 4 أسابيع، ويمكن أن تظهر أعراضه خلال فترة تتراوح بين 5 و21 يوماً بعد الإصابة.
كما نقلت وكالة الأمن الصحي البريطانية عن الدكتور كولين براون مدير العدوى السريرية والناشئة في الوكالة، تأكيده أن أعراض جدري القرود تبدأ بمزيج من الحمى والصداع وآلام الظهر والعضلات والقشعريرة والإرهاق وتضخم الغدد الليمفاوية.
وحسب بيان للوكالة (10 مايو 2022)، فتضخم الغدد الليمفاوية يعد العرض الأبرز الذي يساعد الأطباء على تمييز جدري القرود من جدري الماء أو الجدري، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ويتسبب جدري القرود في ظهور طفح جلدي مزعج يميل إلى التطور بعد يوم أو يومين أو ثلاثة، وغالباً ما يبدأ من الوجه ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.