كامل جميل - الخليج أونلاين-
وُصف اعتراف شركة الصناعات الدوائية الأمريكية (فايزر) أمام البرلمان الأوروبي بأنها لم تختبر قدرة لقاح كورونا الخاص بها على منع انتقال العدوى قبل طرحه في السوق، بأنه "قنبلة" و"فضيحة"؛ لكون الشركة كانت تكذب على العالم الذي اعتمد قسم كبير من سكانه لقاح "فايزر" للتصدي لجائحة "كوفيد 19"، خاصةً دول الخليج التي اعتمدت فايزر لقاحاً أساسياً لسكانها.
وظهر خلال مقطع مصور عضو البرلمان الأوروبي روب روس، وهو يطرح على المسؤولة التنفيذية في شركة فايزر، جانين سمال، سؤالاً عن اختبار لقاح الشركة قبل طرحه في الأسواق.
وأجابت جانين بشكل مقتضب وواضح: "لا، كما تعلم كان علينا أن نتحرك ونجاري سرعة العلم لفهم ما يحدث في السوق".
المقطع انتشر بشكل واسع على مستوى العالم، وأخذت التعليقات الناقدة والمتهمة للشركة تنساب بشكل يزداد اتساعاً، ما جعل المغردين يتحدثون عن "فضيحة" و"كذب" واتهامات أخرى وجهوها للشركة الأمريكية الكبيرة.
غضب على مواقع التواصل
لم تدَّعِ الشركة خلال تجاربها السريرية -التي تم التصريح باستخدام اللقاح بناءً عليها- أن اللقاح يمنع نقل العدوى بل يقلل من الاحتمالية فحسب.
وعلّقت عضو البرلمان الأوروبي كاثلين فان برمبت، قائلة: "سنتابع هذه القضية باهتمام كبير، هناك عدة جوانب من عقد فايزر تستحق النظر فيها".
وأكدت النائبة، في سلسلة تغريدات ضرورة معرفة سبب كون العقد الأكبر هو الأقل شفافية، وأضافت: "نحن بحاجة إلى فهم سبب إلزام الاتحاد الأوروبي بشراء 1.8 مليار لقاح من فايزر، بغضّ النظر عن الاحتياجات، وبصرف النظر عما إذا كان لاعبون جدد أفضل قد دخلوا السوق".
بدورها، غردت الباحثة راشيل شراير: "عندما أصبحت اللقاحات متاحة للمرة الأولى، كانت رسائل الصحة العامة واضحة، لا نعرف ما إذا كانت توقف نقل العدوى، ويجب على الناس الاستمرار في اتخاذ الإجراءات الاحترازية".
وانتقد الطبيب عادل السيد على "تويتر" ما روجته شركة فايزر خلال الجائحة، وقال: "الغرض من جواز سفر اللقاح كان إجبار الناس على التطعيم".
اعتماده خليجياً
بتاريخ الاثنين 23 أغسطس 2021، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الموافقة الكاملة على استخدام لقاح "فايزر" رسمياً، وأكدت أنه "بات آمناً"، وهو ما جعل "فايزر" أول لقاح مضاد لـ"كورونا" ينال هذا الإقرار.
حينها وعلى الفور سارع الرئيس الأمريكي جو بايدن، لدعوة مواطنيه للحصول على لقاح فايزر، وقال في تغريدة: "في حين استوفت كلّ اللقاحات الثلاثة ضد كوفيد، المعايير المشدّدة لإدارة الغذاء والدواء للاستخدام الطارئ، فإن موافقة إدارة الغذاء والدواء هذه ستزيد الثقة بأنّ هذا اللّقاح آمن وفعّال. وإذا كنتم لم تأخذوا اللقاح بعد، فهذا هو الوقت المناسب للقيام بذلك".
لكن دول الخليج العربي كانت سباقة في اعتماد "فايزر" منذ الإعلان عنه في نوفمبر 2020، حيث بدأت حملات التطعيم المكثفة للمواطنين في نهاية ذلك العام، أي قبل تأكيده رسمياً من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
وحتى يوم الإعلان عن القضاء على الفيروس التاجي وإلغاء جميع الإجراءات المتبعة لمواجهته، كان لقاح فايزر الأكثر موثوقية بين دول الخليج ومؤسساته الصحية.
ما هو "فايزر"؟
بحسب ما وجده "الخليج أونلاين"، ووفق ما ذكرته تقارير متخصصة سابقة، ومنها الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، يتكون لقاح فايزر من مادة وراثية يعرفها العلماء باسم "الحمض النووي الريبوزي المرسال" الذي تم تعديله بـ"النيوكليوسيد"، التي تحيطها جسيمات نانونية دهنية.
ويحمل لقاح فايزر المادة الوراثية للبروتين الخاص بفيروس كورونا المستجد، ما يجعله قادراً على الارتباط بالفيروس والحد من فاعليته.
يتم إعطاء لقاح فايزر عن طريق الحقن في العضل، وعندها تنقل الكبسولة الدهنية المادة الفاعلة إلى خلايا الجسم، ويتمكن الجهاز المناعي لجسم الإنسان من التعرف بصورة أسرع على الفيروس وينجح في محاربته، ويكوّن أجساماً مضادة له بطريقة فعالة تصل إلى 95% تقريباً.
تنصح منظمة الصحة العالمية وهيئة الأغذية والأدوية الأمريكية بأخذ جرعتين من لقاح فايزر لمكافحة فيروس كورونا، يفصل بينهما 3 أسابيع تقريباً وألا تتجاوز 28 يوماً؛ حتى يتمكن الجسم من تحقيق المناعة الكاملة من فيروس كورونا المستجد.
يبدأ أثر لقاح فايزر في الظهور بالجسم بعد 12 يوماً من أخذ الجرعة تقريباً، لكن الحصول على الحماية الكاملة يتطلب الحصول على جرعتي اللقاح، قبل أن توصي الشركة بجرعة تنشيطية ثالثة.
ورُصدت لـ"فايزر" آثار جانبية، فبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن 63% ممن حصلوا على لقاح فايزر عانوا من الإجهاد والإعياء الشديد، و55% عانوا من الصداع الشديد، و32% واجهوا شعوراً ملحوظاً بالقشعريرة والرجفة، و24% عانوا آلاماً شديدة في المفاصل، و14% واجهوا أعراض حمى وارتفاع درجة الحرارة بشدة، لكن جميع هذه الأعراض اختفت بين 24 و48 ساعة.
الآثار السلبية
د. عبد الرؤوف المناعمة أستاذ علم الميكروبات، يقول لـ"الخليج أونلاين": إن "اللقاحات بشكل عام يمكن أن تقوم بوظيفة أو أكثر من الوظائف التالية: منع الإصابة بالعدوى بنسب متفاوتة، تخفيف حدة الإصابة، منع انتقال العدوى من الشخص الذي يتلقى اللقاح إلى آخرين، أي المساهمة في إيقاف نشر الفيروس".
ويشير "المناعمة" إلى أن حديث المسؤولة التنفيذية في شركة فايزر، جانين سمال، في ما يخص اختبار اللقاح قبل طرحه في الأسواق، يدور حول الوظيفة الثالثة.
وبيَّن أنه "لا بد من الإشارة إلى أنه للحصول على موافقة طارئة، كان على الشركات إثبات أن اللقاحات آمنة وتمنع الأشخاص الذين تم تطعيمهم من الإصابة بالمرض، ولم يكن عليهم إثبات أن اللقاح سيمنع الناس أيضاً من نشر الفيروس للآخرين".
وزاد مستدركاً: "لكن عندما طُرح اللقاح للاستخدام، أظهرت دراسات متنوعة مستقلة، ليست لها علاقة بشركات الأدوية، فعالية نسبية للقاح في منع نشر العدوى".
ويعتقد "المناعمة" أن ما صرحت به جانين سمال "لا يعني أن له علاقة بالآثار السلبية على من تلقوا اللقاح".
وأوضح أن "الاعتماد الطارئ للقاح يتم بناءً على بيانات السلامة والفعالية في منع العدوى"، لافتاً إلى أن الآثار السلبية لهذه اللقاحات "اقتصرت على ألم في مكان الحقن، وبعض الحالات أظهرت ارتفاعاً طفيفاً في درجة الحرارة، لكن لم تظهر آثار سلبية ذات أثر عميق على متلقي اللقاح".