الخليج أونلاين-
تكشف التقارير الدولية، ومنها ما كشفه المجلس الدولي للتمريض، أن العالم قد يواجه عجزاً في العاملين بالتمريض بحجم 13 مليون ممرض وممرضة بحلول عام 2030، ما لم تُتخذ إجراءات مستعجلة.
وتعتبر السعودية إحدى الدول التي تواجه عجزاً كبيراً في التمريض، وربما يرجع أحد أسباب النقص الحاد في الكوادر البشرية في مجال التمريض إلى نظرة البعض الدونية للمهنة في المقام الأول، ما يحول دون إقبال الذكور والإناث على العمل بها.
وخلال السنوات الأخيرة تزايدت وتيرة الاتجاه السعودي نحو تعزيز البنى التحتية في مجال التمريض، من خلال إنشاء معاهد متخصصة تقدم التدريب في تخصصات طبية نوعية، فهل يعيد ذلك السعوديين نحو هذا التخصص؟
نسبة ضعيفة
في تصريح له، كشف أول بروفيسور سعودي في التمريض، د.أحمد أبو شايقة، عن الاحتياج إلى 40 ألف ممرض سعودي، مشيراً إلى عدم وجود بطالة في مهنة التمريض.
وأوضح في مقابلة مع قناة "الإخبارية" المحلية، أنه يوجد بالسعودية 220 ألف ممرض (سعودي وغير سعودي)، منهم قرابة 80 ألف سعودي، و150 ألفاً من غير السعوديين؛ ومن ثم لدينا نقص في مهنة التمريض بمعدل 40 ألفاً.
أما وزارة الصحة السعودية فقد كشفت، وفقاً لصحيفة "المدينة" المحلية، (20 أكتوبر 2022)، أن نسبة التمريض السعودي في القطاعات الصحية الخاصة فقط (مستشفيات - مجمعات طبية - عيادات) لا تتجاوز 7%.
وقال التقرير إن عدد الممرضين السعوديين بنهاية العام الماضي 2021، في القطاع الخاص، بلغ حوالي 3274 مقارنة بغير السعوديين الذين وصل عددهم إلى 44715 ممرضاً وممرضة.
أما وزارة التعليم السعودية، فقد قالت إن عدد ممارسي المهنة في 2022 وصل إلى 220 ألف ممارس وممارسة بنسبة توطين بلغت 36%، موضحة أن المستهدف في 2030 هو 300 ألف ممارس وممارسة بنسبة توطين 67%.
خطوات للتوطين
بينما سعت المملكة إلى توطين معظم القطاعات المختلفة لم تتجه بشكل مباشر لقطاع التمريض، واكتفت بإجراءات تهيئ لإصدار قرار توطين هذا القطاع خلال السنوات القادمة.
وبينما لجأت بعض المستشفيات والقطاعات الصحية بشكل فردي لتوطين جزئي في هذا المجال، بدأت الحكومة السعودية بإعادة دراسة برنامج الابتعاث الداخلي لتخصص التمريض، حيث كان لافتاً من القرار الذي أصدره وزير التعليم السابق، د.حمد آل الشيخ، بتشكيل لجنة عليا تتكون من 14 جهة ما بين جامعات وجهات أهلية بهذا الشأن.
ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية (سبتمبر 2020)، جاء القرار "إنفاذاً لتوجيهات الجهات العليا بقيام وزارة التعليم بإعادة دراسة برنامج الابتعاث الداخلي لتخصص التمريض (برنامج ولي العهد للتمريض) وتشكيل لجنة لذلك، ونظراً لأهمية بحث الاحتياج المتوقع للقوى العاملة الصحية السعودية في تخصص التمريض خلال العشر سنوات القادمة".
وفي أغسطس 2022، أعلنت وزارة التعليم أن أكثر من 19 ألف طالب وطالبة يدرسون التمريض في الجامعات السعودية، في ظل حزمة من المبادرات والبرامج الداعمة؛ للوصول إلى توطين 67% من ممارسي مهنة التمريض.
وقالت الوزارة: هناك 14681 طالباً وطالبة في الكليات الحكومية، و4474 في الكليات الأهلية، وهناك 25 كلية حكومية و14 كلية أهلية.
تحديات خاصة
في صحيفة "الوطن" السعودية، يرى الكاتب عبد العزيز الساحلي، أن مهنة التمريض في السعودية "تواجه تحديات خاصة جداً نظراً لأبعادها المختلفة"، وهي التي تدفع الكثير للعزوف عنها.
وأوضح أن من بين تلك التحديات، "العمل الطويل في الأقسام المختلفة والتي تمتد أحياناً كثيرة لـ12 ساعة تثقل كاهل الممرض والممرضة، خصوصاً من لديهم التزامات أسرية، وكذلك المناوبات الليلية التي تمثل هي الأخرى تحدياً للعنصر النسائي".
كما أشار إلى أن من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى النقص الحاد والحرج في عدد الممرضين بشكل طردي، "سلم الرواتب المنخفض"، لافتاً إلى ضرورة إعادة دراسة هذا الأمر.
ويضيف: "الممارس الصحي في الإدارة الصحية لا يقوم بعمل ممرض في أقسام الطوارئ والعناية المركزة والتي تحتاج إلى تركيز شديد وعمل بدني وذهني شاق على مدار الساعة إلا أن اللائحة الصحية تحدد الفئة بنفس الراتب والمزايا وعدم وجود بدلات مثل بدل العدوى أو الخطر وبدل السكن".
ويلفت إلى أن كادر التمريض يتسرب إلى أعمال إدارية أخرى "ويبتعد عن ممارسة التمريض، بسبب هذه النقاط التي تتسبب في زيادة العبء على النظام الصحي ويستنزف الاقتصاد الوطني من خلال زيادة التمريض الوافد على حساب التمريض الوطني".
كما أشار إلى أن سبب عزوف الشباب عن مهنة التمريض يرجع إلى "بذل الجهات المعنية جهوداً كبيرة على برامج التوطين بشكل عام وبالأخص القيادية منها، حيث المميزات وسقف الرواتب المرتفع والسكن والتذاكر وتعليم الأبناء، مقارنة بهذا القسم الذي يحتاج جهداً مماثلاً".
ويضيف: "هناك حاجة كبيرة لعملية إحلال المواطنين وتوطين مهنة التمريض بشكل عاجل، والأسباب كثيرة ومتعددة والصعوبات كذلك تحتاج إلى قرارات حازمة وحاسمة من أجل تعزيز نظام الرعاية الصحية وجاذبية قطاع التمريض حيث الفرص كبيرة والرعاية الصحية مطلب الجميع، وذلك لأجل صنع اقتصاد وطني قوي مستدام بحلول 2030".
خطوات ضرورية
أما الكاتب السعودي عوض العمري، فقد أشار إلى خطوات قال إنه "من الضروري القيام بها، وفي مقدمتها ربط موضوع القوى العاملة الطبية وتوطين الوظائف بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وإلى جانب ذلك، دعا العمري في مقال بصحيفة "الوطن" المحلية، إلى "تحويل الدعم الحكومي من كليات العلوم النظرية وبعض العلوم التطبيقية، مثل طب الأسنان والعلوم، إلى التركيز ودعم ميزانية كليات التمريض، وتبني خطة وطنية لرفع مخرجات كليات التمريض التي يعاني بعضها تردياً كبيراً بالجودة، والتركيز على الجانب التطبيقي والتدريبي بالمستشفيات".
ويؤكد ضرورة "الترغيب في مهنة التمريض، ورفع المزايا وخاصة العملية، ومنها التنسيق مع وزارة الخدمة البشرية لإعطاء مميزات للممرض السعودي مثل أحقية الإجازة الأسبوعية، وعدم تجاوز العمل - بالنسبة للمرضى - بالمناوبات المسائية لنطاق معين".
وأضاف: "كما يجب دراسة تقليص فترة الدراسة التي تبلغ حالياً خمس سنوات؛ سنة تحضيرية وثلاث سنوات دراسية في التمريض، وتتبعها سنة تدريبية تسمى الامتياز، إلى 4 سنوات، مع إلغاء السنة التحضيرية، وعمل خطة تسويقية وإعلانية مكثفة للترغيب بالمهنة، وكسر الحواجز المجتمعية، وإبراز الدور المجتمعي والإنساني المهم".