محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
على مدار الساعة يعمل الموظفون والعاملون في الوزارات والهيئات الحكومية السعودية المختلفة على إزالة مخلفات حجاج بيت الله الحرام خلال موسم الحج وبعده، والتخلص منها بطريقة يدوية وآلية صديقة للبيئة.
وتستخدم السعودية خلال إدارتها أكبر تجمع بشري في العالم بمنطقة محدودة، خططاً وبرامج لإدارة مخلفات الحجاج والتخلص منها، سواء في يوم النحر، وإزالة آثار أكثر من مليوني رأس من الأغنام، أو رفع النفايات على مدار الساعة.
وفي حين تم رفع أكثر من 70 ألف طن نفايات من المشاعر المقدسة في أيام الحج الخمسة بالعام الماضي، بواسطة فريق متكامل يضم 14 ألف عامل، تم رفع وإزالة 103800 طن من النفايات منذ بداية شهر ذي الحجة حتى اليوم الثاني عشر منه هذا العام، في حين لم تعلن حصة أيام الحج فقط من بين الإجمالي.
وخلال موسم الحج تصل كمية النفايات الطبية إلى 6 غرامات يومياً لكل حاج، في حين تفوق كمية النفايات الطبية المتولدة من جميع الحجاج 14 طناً يومياً، وفقاً لدراسة سابقة أعدها "معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة".
إدارة النفايات
يعمل المركز الوطني لإدارة النفايات في السعودية "موان"، على رفع الوعي وإثراء السلوكيات الإيجابية لدى الحجاج، وذلك من خلال تفعيل مبادرة إعادة تدوير النفايات؛ حفاظاً على البيئة واستدامة حمايتها من مسببات التلوث.
وتكون مهمة المركز، وفقاً لما جاء على موقعه الإلكتروني، حصر البيانات، ووضع خطة الأساس لمنظومة إدارة النفايات في مخيمات المشاعر، مستهدفةً استبعاد المرادم، إضافة إلى رفع مستوى الوعي بإدارة النفايات لدى الحجاج وتطبيق مبدأ فصل النفايات من المصدر، إلى جانب الاستفادة من الإحرامات في إعادة التدوير.
وهذا العام أعلن المركز عن تنفيذ عديد من المبادرات الرئيسة التي تهدف إلى توفير بيئة صحية ونظيفة للحجاج طوال فترة الحج، وتنظيم قطاع إدارة النفايات والارتقاء به في أطهر بقاع الأرض، حسبما أعلن "موان" هذا العام.
ومن بين المبادرات، مبادرة "المخيم النموذجي في إدارة النفايات" التي تركز على تطبيق معايير الإدارة المستدامة للنفايات الصلبة في مخيمات الحجاج، وذلك بهدف تقليل إنتاج النفايات من مصدرها، وتعظيم الاستفادة من الموارد قدر الإمكان وإعادة تدويرها، علاوةً على ذلك توعية الحجاج وموظفي المخيمات حول معايير الاستدامة وتشجيعهم على تطبيقها.
ويشتمل "المخيم النموذجي" على جهاز تحويل بقايا الطعام إلى محسنات التربة، ويُستخدم لأول مرة داخل المشاعر المقدسة، ويتميز بقدرته الفائقة على استيعاب نحو 200 كيلوغرام من بقايا الطعام وتحويلها إلى كمية من السماد تقدر بـ10% من الطعام المدخل في الجهاز، خلال 12-18 ساعة فقط، ويعمل بكل ديناميكية وأمان دون أي انبعاثات أو روائح تصدر منه في أثناء عملية التدوير.
مبادرة "إحرام مستدام" تستخدم للعام الثالث، وتستهدف التثقيف بأهمية إعادة التدوير وكيفية الإسهام في الحفاظ على البيئة من خلال جمع وفرز مخلفات منسوجات الحجاج من إحرامات ووسائد وبطانيات ومفارش، ثم إعادة تدويرها وتوزيعها، ويتوقع جمع 50 طناً من الإحرامات وأكثر من 300 ألف وسادة.
أما مبادرة "إنشاء وتشغيل خلية هندسية لمعالجة النفايات الصلبة المتولدة من ذبائح المسالخ" فتعمل على معالجة أكثر من 12 ألف طن من نفايات ذبائح المسالخ خلال هذا الموسم.
وفي العام الماضي، دشنت شركة "الزمازمة" مبادرة مختصة بإعادة تدوير مخلفات الكراتين، وتوفير ضواغط بمناطق توزيع عبوات ماء زمزم في مساكن الحجاج، وذلك لأول مرة في موسم الحج.
وإلى جانب ذلك، تدعو السلطات السعودية الحجاج إلى اتباع الممارسات والسلوكيات ذات الأثر الإيجابي على البيئة، في أثناء أداء مناسكهم، بهدف الحفاظ على صحة البيئة والصحة العامة، في كل من مكة المكرمة، والمشاعر المقدسة، والمدينة المنورة.
وتنتشر في المسجدين الحرام والنبوي والمشاعر المقدسة طواقم نقل النفايات بمختلف أنواعها، وترحيلها إلى مجمعات خاصة ثم إعادة تدويرها أو التخلص منها.
ويتم تدوير النفايات في المشاعر المقدسة عن طريق ضواغط خاصة وخزانات أرضية حيث يتم تفريغهـا فور خـروج الحجاج من المشاعر، إذ تخصص السلطات السعودية آلاف العاملين، ما بين فني وصحي وإداري وعامل، للقيام بأعمال النظافة والإشراف عليها.
بدء تفريغ الحاويات
بعد تنظيف أمانة مكة منطقة المشاعر المقدّسة مع التركيز على مشعرَي عرفة ومزدلفة بعد مغادرة الحجاج لهما، إضافة إلى الحدود الخارجية لمشعر مِنى، انطلقت مع صباح يوم الثالث عشر من ذي الحجة المعدات الثقيلة في مِنى بعد خلوه من الحجاج، للبدء بأعمال تفريغ الحاويات والصناديق الضاغطة وإزالة المخلفات المخزنة، وذلك على فترتين صباحية ومسائية.
وتم تخصيص عددٍ من فرق رش ومكافحة الحشرات واستخدام المبيدات لتغطية المنطقة بالكامل عقب مغادرة الحجاج لها، حسبما أعلنت أمانة العاصمة المقدسة يوم 19 يونيو 2024.
والمرحلة الثانية من الخطة تتضمن أيضاً تفريغ الصناديق الضاغطة والمخازن الأرضية التي تمّ تخزين وكبس النفايات بها خلال أيام التشريق، والبالغ عددها 113 مخزناً أرضياً و1135 صندوقاً كهربائياً ضاغطاً للنفايات يستوعب الصندوق الواحد أكثر من 8 أطنان.
وجنّدت نحو 13500 عامل؛ نصفهم في مكة المكرمة، والنصف الآخر في المشاعر المقدسة، على مدار 24 ساعة بنظام الورديات وهم مجهزون بالمعدات اللازمة بالكامل مثل القلابات والضواغط والبوبكات وغيرها من الآليات التي تعمل بتقنيات عالية.
وتستخدم السلطات عديداً من المعدات والآليات سهلة الاستخدام، مثل العربات الصغيرة، التي يستخدمها عمال النظافة بسهولة؛ نظراً إلى ازدحام المنطقة وضيق المساحات وسط الحجاج، حيث تتميز هذه العربات بسهولة سحبها ومرونتها في التحرك بالمناطق التي يصعب الوصول إليها بالسيارات.
مخلفات الأضاحي
خلال موسم الحج ينحر الحجاج أكثر من مليوني رأس من الأغنام ومختلف أنواع الماشية، وهو ما يتطلب خططاً للنظافة والتخلص من مخلفات الأضاحي.
وتعمل السلطات السعودية، وفق تأكيدات المتحدث الرسمي لأمانة العاصمة المقدسة أسامة زيتوني، على ذبح الأضاحي بطريقة آمنة في المجازر الخمسة المخصصة لهذه المهمة في مكة المكرمة.
وتلتزم السعودية، حسب تصريح زيتوني في وقت سابق، بجميع المعايير والترتيبات الآمنة، وتستخدم فيها أحدث الأدوات من أجل الحفاظ على الصحة العامة.
وتشرف السلطات على أعمال النقل والتخلص من المخلفات بطريقة الطمر البيئي الآمن والإشراف على نظافة المجازر ووحدات الذبح والتخلص من مخلفات الذبح بالطرق الصحية، وفقاً لزيتوني.
كما تتخلص السلطات السعودية من المخلفات الحيوانية الناتجة من ذبح الأضاحي ميكانيكياً عبر محطة التخلص الآمن التي أقامتها هيئة تطوير مكة المكرمة ويشرف عليها حالياً شركة كدانة للتنمية والتطوير، المملوكة للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
وتلامس مخلفات الأضاحي حد العشرة آلاف طن تقريباً، ويتم التعامل بشكل صحي معها؛ حيث تتضمن "الكرش والحواشي والكوارع وغيرها"؛ نظراً إلى خطورتها على الصحة العامة في حال عدم التعامل معها بشكل آمن، من أجل سلامة بيئة المشاعر والحجاج.
مخلفات الجمرات
وكذلك يرمي الحجاج خلال أيام التشريق الثلاثة، ما يزيد على ألف طن من الجمرات، بدءاً من الجمرة الصغرى فالوسطى ومن ثم الكبرى.
وبعد الانتهاء من رمي الجمرات تتجمع في قبو منشآت جسر الجمرات، حيث ترفع أنظمة آلية الحصى بسيور ضخمة تسحب الحصيات الموجودة، بعد تجميعها في حوض الجمرات الثلاثة.
ويحتوي كل حوض منها على نظامين لرفع كل ما يلقى في قاع الجسر وبسرعات مختلفة، إلى جانب أبواب يجري التحكم فيها آلياً في فتح وغلق وتحديد مسار الحصى وكمياتها، كما يتميز النظام بحساسات فرز لفلترة ما يلقى من غير الحصى وعزله.
وساعد نظام الرفع الآلي في تسريع تخزين الحصوات في قبو منشآت الجسر، ويعمل النظام -من خلال بوابات إلكترونية في طوابق جسر الجمرات- على نقلها إلى عربات الضواغط التي تنتظرها في عمق المنشأة التي في أسفل الجسر.
ويتم بعد ذلك التخلص من الحصى -باعتبارها نفايات- في المرامي المعتمدة، وتقدر الكميات التي يتم التخلص منها طبقاً للإحصاءات الرسمية بنحو ألف طن سنوياً.