صحة » اجراءات

"التكنولوجيا العصبية".. تحديات ومخاطر مرتبطة بالأدمغة يجب الحذر منها!

في 2024/08/23

سليم محمد - الخليج أونلاين-

أصبحت التكنولوجيا لصيقة بكل جوانب حياتنا، من الهواتف الذكية إلى الواقع الافتراضي، وبهذه الابتكارات يصوغ المهندسون والعلماء أبعاد مستقبلنا، ويغيرون سلوكياتنا وعاداتنا، وتمكننا من القيام بأشياء لم نتخيلها من قبل وتجعلنا أكثر قوة وذكاء.

ولم تعد التكنولوجيا بذلك المفهوم الواحد، بل أصبح لها كثير من التفرعات، ومنها التكنولوجيا العصبية، وهي تكنولوجيا ثورية تحمل وعوداً غير مسبوقة للبشرية متعلقة بتحسين جودة الحياة.

وفي خضم هذه الثورة التكنولوجية، يجد الإنسان نفسه محاصراً بمخاطر كبيرة قد تؤثر على حياته العملية والعقلية في الوقت نفسه.

إذ حذّرت منظمة أمريكية غير حكومية، في أبريل الماضي، من الأخطار المرتبطة بـ"التكنولوجيا العصبية" على عامة الناس، عبر تسويق أجهزة قادرة على تسجيل نشاط الدماغ، أو حتى التأثير عليه، من دون ضمانات كافية للمستهلكين.

هذه التحذيرات دفعت ولاية كولورادو الأمريكية، لإصدار قانون لحماية سرية "البيانات العصبية"، وفق ما أعلنه المؤسس المُشارِك لمؤسسة "نورورايتس فاونديشن" جاريد جينسر، في مؤتمر صحفي هو الأول من نوعه في العالم عموماً.

ما التكنولوجيا العصبية؟

يمكن وصف التكنولوجيا العصبية بأنها عبارة عن محاولة البشر المذهلة لربط العقول البشرية بالآلات وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، وتوجد أساليب مختلفة لتطبيقها، علماً أن بعض هذه الأساليب "جراحية".

حيث استطاعت تحسين نوعية قدرات وحياة الأشخاص المصابين بأمراض عصبية مختلفة، بدءاً من الصرع ومرض باركنسون إلى الألم المزمن.

وربما تزرع هذه الأجهزة ذات التقنية العصبية في البشر المصابين بالشلل، مما يمنحهم القدرة على التحكم بالهواتف وأجهزة الكمبيوتر والأطراف الصناعية بأفكارهم وحدها.

وتتضمن واجهات الدماغ الحاسوبية الجراحية زرع أقطاب كهربائية دقيقة، أو أنواع أخرى من مواد التكنولوجيا العصبية مباشرةً داخل الدماغ، أو حتى دمجها في الأنسجة العصبية في المخ، بهدف التمكين من الإحساس المباشر، أو تعديل النشاط العصبي.

في عام 2017، استخدم "رودريجو هوبنر مينديز"، وهو مصاب بشلل نصفي، التكنولوجيا العصبية لقيادة سيارة سباق بعقله.

وفي الآونة الأخيرة، استطاع جهاز تقني عصبي مزروع بطريقة جراحية فك تشفير حركات الكتابة اليدوية المتخيلة بدقة وسرعة تتطابق مع الكتابة النموذجية، في الوقت الفعلي.

أجهزة "التكنولوجيا العصبية"

تشمل "التكنولوجيا العصبية" عصابات الرأس لتحسين النوم، وسماعات الأذنين التي تساعد على التأمل، وأجهزة استشعار الجمجمة.

وتستطيع هذه الأجهزة جمع البيانات الشخصية جداً وتحليلها بواسطة تطبيق لإبلاغ المستخدم عن أدائه، وفي إمكانها كذلك التأثير على السلوك.

ويرى باحثون أن هذه التكنولوجيا تهدف إلى ربط الأجهزة الإلكترونية بالجهاز العصبي، بما يتيح علاج الحالات العصبية واستعادة الوظائف المتعلقة بالحركة أو التواصل أو البصر أو السمع.

ورغم أن "التكنولوجيا العصبية" لا تزال في فجر رحلتها التاريخية، فإنها أصبحت أكثر شيوعاً في الآونة الأخيرة، مما استدعى الباحثين إلى التفكير في المخاطر التي قد تعقبها، والأخلاقيات التي يجب صونها، والتنظيمات اللازمة، إذ يتحتم التعامل مع الآثار المتعلقة بتطوير ونشر واستخدام هذه التكنولوجيا.

وحول مخاطر استخدامها، يشير باحثون أمريكيون إلى أنه ينبغي أن تأخذ التطبيقات التقنية العصبية بعين الاعتبار العواقب المحتملة على استقلالية الشخص، والخصوصية، والمسؤولية، والموافقة، والنزاهة، والكرامة.

الباحثون حذّروا من التلاعب بهذه التكنولوجيا لإلحاق الضرر ببعض الأشخاص، إذ ماذا لو واجه شخص ما تمييزاً وظيفياً سببه إساءة تفسير الخوارزميات -المشغلة تطبيق التكنولوجيا العصبية- البيانات العصبية المتعلقة بهذا الشخص؟ أو ماذا لو حصل المجرم على البيانات العصبية السابقة أو الحالية لوزير الدفاع، وسرق معلومات سرية للغاية؟

وبناءً على ذلك، تزداد المخاوف الأخلاقية عندما لا نكتفي فقط بمراقبة البيانات العصبية لشخص ما، وإنما نعمل على تفسيرها وفك شفرتها، مع ما يترتب على ذلك من حساسية وخصوصية عقلية.

وتستطيع هذه الأجهزة جمع البيانات الشخصية جداً، وتحليلها بواسطة تطبيق لإبلاغ المستخدم عن أدائه، وفي إمكانها كذلك التأثير على السلوك.

أخلاقيات التكنولوجيا العصبية

بدورها حذّرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، في يوليو الماضي، من أن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز التطور في مجال التكنولوجيا العصبية يشكل تهديداً للسرية العقلية للأفراد، وأعلنت خلال مؤتمر بمقرها في باريس، عن عملها على وضع "إطار أخلاقيات" عالمي يتعلق بحماية حقوق الإنسان في مواجهة التكنولوجيات العصبية.

وفي يونيو 2023، وافقت الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي لليونسكو على اقتراح المديرة العامة بإجراء حوار عالمي لوضع إطار أخلاقي لقطاع التكنولوجيا العصبية، وذلك لما يشهده هذا القطاع من نمو سريع، ويفتقر إلى التنظيم إلى حدّ كبير، وقد يشكّل تهديداً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

ونوهت اليونسكو بأنه في ظلّ الافتقار إلى حواجز أخلاقية واقية، تسفر هذه التقنيات عن مخاطر جسيمة، إذ إنّه يمكنها الوصول إلى بيانات الدماغ والتلاعب بها، وهو ما ينتهك الحقوق والحريات الأساسية المتأصلة في صميم مفاهيم هوية الإنسان.

وتمثل التكنولوجيا العصبية -باعتبارها تقنية ناشئة جديدة- تحدياً كبيراً للشركات والباحثين والأفراد، فارضةً عليهم إعادة تأكيد الالتزام بالابتكار المسؤول، إذ بات من الضروري صياغة سياسات حماية تؤدي إلى نتائج مثمرة على المدى الطويل، على المستوى الوطني والدولي.