سلمان سالم- الوسط البحرينية-
في السنوات العشر الأخيرة ازداد انتشار مرض السرطان بأنواعه المختلفة، حيث يصل عدد المصابين بالمرض الذين تسجلهم وزارة الصحة سنويًّا ما بين 426 و483 حالة، في الوقت الذي تسجل سنويّا ما يقارب 230 حالة وفاة، أي بمعدل 19 حالة وفاة شهريًّا، لا ريب في أن عدد المصابين بالمرض كبير جدا لو قارناه بعدد سكان البحرين، ولا نبالغ إذا ما أسميناها بالظاهرة الخطيرة التي تقلق المجتمع البحريني، حتى علق البعض على هذه الظاهرة، قائلين إن انتشار مرض السرطان في البحرين هذه الأيام أصبح كانتشار مرض الأنفلونزا، كناية عن كثرة المصابين بهذا المرض وليس لسهولة علاجه، والمخيف في الأمر أنه ينتشر بين الشباب والأطفال من الجنسين (الإناث والذكور) خصوصاً، ووزارة الصحة لم نجد لها رأياً جدياً حتى الآن في هذه الظاهرة المرضية الخطيرة، ولم نر منها أي اهتمام يذكر في مجال الوقاية من هذا المرض الفتاك.
كنا نأمل من الوزارة أن تجري الدراسات العلمية المعمقة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء انتشار هذا المرض الخبيث في أوساط المجتمع، نعتقد أن الكفاءات والخبرات الطبية البحرينية التي تمتلك القدرة على البحث والدراسة متوافرة كما نعتقد في البلاد، والمختبرات والأجهزة الطبية الحديثة التي تساعد الأطباء الإستشاريين على البحث والتقصي للتوصل إلى الأسباب الحقيقية لإنتشار هذا المرض القاسي، فتأخر الوزارة عن إجراء البحوث العلمية الجدية في هذه القضية يثير الدهشة والاستغراب عند الكثيرين من أبناء البلد، قبل أيام قليلة شيعت إحدى القرى أحد شبابها الأبرار إلى مثواه الأخير ، بعد إصابته بمرض السرطان قبل عدة أشهر ولم يتمكن الأطباء بمجمع السلمانية الطبي من السيطرة عليه قبل انتشاره في مساحات واسعة من جسده، وبعد وصول حالته المرضية إلى مرحلة خطير جدا، نقله أهله إلى خارج البلاد ، لعلهم يحصلون على علاج ناجع ينهي معاناة ابنهم البار أو يقلل من خطورة المرض الذي أخذ يلتهم جسد ابنها بسرعة فائقة، ولكن سعي العائلة لم يكلل بالنجاح وانتقل ابنها إلى جوار ربه.
قد يكون التأخير في تشخيص المرض مدة طويلة هو السبب الذي أدى إلى وصوله إلى هذا الحد من الانتشار في جسده، الذي يصعب السيطرة عليه طبيًّا في الخارج ، وقد تكون هناك أسباب أخرى مرتبطة بنوعية العلاج الذي تلقاه في البحرين، قد لا يستطيع أحد الجزم بحدوث تقصير في التشخيص والعلاج ما لم يكن هناك الدليل الواضح الجلي بوجودهما، ولكن يستطيع الكل أن يسأل وزارة الصحة، هل قامت بإجراء بحوث ودراسات علمية مستفيضة لمثل هذه الحالات المرضية الخطيرة، للتعرف على أسباب حدوثها بهذه الكثرة اللافتة؟ إذا كانت بالفعل قد أجريت دراسات علمية على هذه الظاهرة المرضية غير المعهودة سابقا بهذا الحجم، لماذا لم تطلع المجتمع على نتائجها حتى هذه اللحظة؟ لكي يقووا أنفسهم منه إذا كانت الأسباب ناتجة من بعض المأكولات أوالمشروبات أو من غيرهما، ما ينشر عن المواد المسرطنة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا في بعض المأكولات وحلويات الأطفال وبعض المشروبات والعصائر التي تباع في أسواق وبقالات البحرين ، وفي المقابل يجد الناس وزارة الصحة صامتة عن هذه القضية التي تنسب إلى مراكز طبية متعددة، ولم تكلف وزارة الصحة نفسها التأكد من تلك المعلومات المزعجة التي تنشر في أوساط المجتمع، ناهيك عن بعض الممارسات الخاطئة التي تمارس بصورة واسعة في المطاعم وفي حفلات الزواج وفي إعداد الولائم وفي المخابز، وفي جميعها تستخدم مواد البلاستيك، مثل الصحون والملاعق أو الأكياس.
فعلى سبيل المثال، الخباز يضع الخبز بعد إخراجه مباشرة من الفرن أو التنور في كيس مصنوع من البلاستك، وقد أثبتت التجارب العلمية أن هذه الممارسة الخاطئة تجعل الخبز مسرطنا، وأنها على المدى القريب أو البعيد تضر بصحة الإنسان، وقد تسبب له أمراضاً خطيرة من ضمنها مرض السرطان، وقس على ذلك أكثر الوجبات الحارة التي تقدمها المطاعم للناس والوجبات الحارة التي تقدم إلى المهنئين في الأفراح، والتي يستخدم فيها الصحون البلاستيك حال تقديها، فلهذا نجد لزاما أخلاقيا وإنسانيا على الجهات المعنية بصحة الإنسان في البحرين أن يكون لها رأي واضح في هذه الممارسات الضارة، وأن تعمل على حماية المجتمع ووقايته من الأمراض الخطيرة، كمرض السرطان والعياذ بالله، بالتأكيد أن أعداد الضحايا ليست هينة بالنسبة لبلدنا البحرين، من المفترض أن نرى اهتماما كبيرا وعاجلا وتحركا واسعا من الجهات المسئولة بهذا الموضوع الخطير، وتكون هناك مراقبة صحية دقيقة للمقاهي التي تقدم لشبابنا الشيشة بكل تلوثاتها وأضرارها الصحية، وكذلك مراقبة جادة للمواد الغذائية والأشباس والعصائر والمشروبات وحلويات الأطفال والممارسات الخاطئة في استخدام مادة البلاستيك، وفي حال ثبت بالدليل العلمي وجود مواد ضارة على صحة الإنسان في أية سلعة، يمنع استيرادها إلى البحرين، ويمنع الخبّازون من وضع الخبز في حال إخراجه من التنور في أكياس البلاستيك، وكذلك النخج (النخي) والباقله، لوقاية المجتمع من مخاطر هذا المرض الخبيث، الذي أصبح مصدر قلق للكثيرين في البلاد، لا بد من القيام بحملة توعوية وتثقيفية واسعة، يشارك فيها بالإضافة إلى وزارة الصحة جميع مؤسسات المجتمع المدني؛ لأن الموضوع خطير جدا ولا يقبل التأخير أو التأجيل أو التسويف، ناهيك عن التجاهل والتغافل وعدم الاكتراث، فالآن البحرين بحسب ما صرحت به وزيرة الصحة تحتل المركز الثاني على مستوى المنطقة في نسبة الإصابة بمرض السرطان، فبدل أن نبحث عن عبارات لا قيمة لها صحيا، لنهون من مخاوف الناس من نسبة انتشار هذا المرض، فعلينا جميعا البحث عن مختلف طرق الوقاية منه.