متابعات-
في مجتمعات يصلّي أفرادها يوميا جنبا إلى جنب، ويحيّون بعضهم البعض بحرارة بقبل على الخد وبملامسة الأنف، يواجه سكان الخليج صعوبة في التأقلم مع المتغيرات السريعة جدا الواجب اتباعها لحماية أنفسهم من "كوفيد-19".
وسُجّلت في الخليج أكثر من 800 إصابة بالفيروس، أكثرها في قطر (337).
واتّخذت السلطات في هذه الدول المجاورة لإيران، حيث تسبّب الفيروس بوفاة مئات، قرارات دراماتيكية في فترة قصيرة رغم عدم تسجيل وفيات، بالمقارنة مع دول أوروبية وآسيوية انتشر فيها المرض على نطاق أوسع، موقعا آلاف الضحايا.
الأحد كالجمعة
من الكويت إلى مسقط، مرورا بالرياض والدوحة ودبي، بدت الحركة في أول أيام الأسبوع الأحد ضعيفة مقارنة بما تكون عليه عادة، فتراجعت حركة السيارات بشكل كبير، وخلت الأسواق التقليدية من ازدحامها المعتاد، وقلّت أعداد الزبائن في المراكز التجارية.
وقالت "أمل الهاشم" (45 سنة) التي تعيش وتعمل في شركة إعلامية في دبي منذ أكثر من 15 سنة: "الأحد كالجمعة، كأنها نهاية الأسبوع وليست بدايته".
واتّخذت الكويت أكثر الاجراءات صرامة بين جاراتها، وهي ثاني بلد فقط بعد إيطاليا يغلق حدوده تماما، ويعطل الحركة فيه في ما يشبه حظر تجول غير معلن، فعُلق السفر التجاري بدءا من منتصف ليل الجمعة السبت، وأغلقت المتاجر، وأعطي الموظفون إجازة لاسبوعين.
وبدا الطريق باتجاه مطار الكويت الدولي خاليا صباح الأحد.
وحُرم عشاق المشي من السير على الواجهة البحرية في منطقة السالمية التي عادة ما تكتظ صباحا خصوصا في مثل هذه الفترة من السنة حين تكون درجات الحرارة منخفضة.
وقد استخدمت الشرطة طائرات مسيّرة لحث الناس على العودة الى منازلهم بلغات عدة.
وفي السوق الرئيسي في الدوحة، تراجعت أعداد الزبائن بشكل كبير في الأزقة وداخل المتاجر، بينما بدت مراكز تجارية في الرياض شبه فارغة إلا من الباعة.
وتنتشر في مدن الخليج المراكز التجارية الكبرى التي يزورها آلاف المواطنين يوميا، للترفيه وتناول الطعام ومشاهدة الأفلام.
وأغلقت دول الخليج جميعها دور السينما ومراكز الترفيه والألعاب، لكنّها منعت كذلك تقديم الشيشة التي تتمتع بشعبية كبيرة بين السكان.
"أصافح؟"
في ظل تزايد الإصابات، يقول سكان في مسقط إنّ هناك نوعا من "الخوف والهلع" مما سموه "فوبيا كورونا"، حيث أوقف غالبية الناس المصافحة والتقبيل، وحرص كثير منهم على حمل مواد التعقيم وغيرها.
لكن في الرياض، لا يزال "أبو عبدالرحمن"، يخجل من عدم المصافحة والتقبيل على الخد، على الرغم من إدراكه بأن الفيروس ينتقل من شخص إلى آخر بهذه الطريقة تماما.
وقال رجل الأعمال الستيني: "أصافح وأقبّل؟.. أم لا؟.. لا أدري.. أحاول ألا أقوم بذلك، لكنني أخجل.. ماذا لو مد يده هو أولا؟".
وكانت دول الخليج دعت مواطنيها إلى الاكتفاء بالتحية، وعدم السلام باليد أو بالقبل، وملامسة الأنف، كما هي الحال في الإمارات وقطر.
وعلى غير العادة، شرعت الديوانيات في الكويت في استخدام الفناجين الورقية لتقديم القهوة العربية.
وعادة ما كانت تعج الديوانيات بالزوار الذين يتبادلون فيها حتى وقت متأخر من الليل النقاش حول مختلف الموضوعات المحلية أو الدولية.
الصلاة في البيت
لم تنحصر الإجراءات المرتبطة بالفيروس بالمقاهي والمتاجر فقط، بل امتدت إلى دور العبادة في مجتمعات محافظة تطبّق الشريعة الاسلامية.
وبعدما علّقت السعودية أداء العمرة خشية تفشي الفيروس، نصحت مواطنيها بعدم المشاركة في الصلاة الجماعية في المساجد في حال الشعور بأي من أعراض المرض، وفي حال الخوف الشديد من انتقال "كوفيد-19".
لكن الكويت اتّخذت خطوة إضافية، معلنة إيقاف خطبة وصلاة الجمعة، وكذلك الجماعة لجميع الفروض، في المساجد، مع الاكتفاء برفع الأذان، في قرار تاريخي في بلد يصلي مئات آلاف من سكانه يوميا جنبا إلى جنب في الجوامع.
والسبت، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد مسجلّة من شوارع خالية، يتردّد فيها صوت المؤذن وهو يكرّر "ألا صلّوا في بيوتكم، ألا صلّوا في بيوتكم".
وفي الكويت والسعودية والبحرين وعمان، يتبع مئات آلاف السكان المذهب الشيعي.
ويسافر العديد من هؤلاء إلى إيران لزيارة أماكن يعتبرونها مقدّسة لديهم. وتعود غالبية الإصابات في الخليج لأشخاص عادوا من إيران.
ولم تحدث أي اضطرابات بين أصحاب المذاهب المختلفة على خلفية الإجراءات التي اتخذت، وبينها مثلا منع الدخول والخروج من منطقة القطيف السعودية في شرق المملكة التي تسكنها غالبية من الشيعة.
وقالت العضو في البرلمان البحريني "زينب عبدالأمير": "هذا وقت الوحدة على المستويين المحلي والعالمي.. لا مكان للكراهية والغضب".