محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
مع انتشار جدري القرود في دول الخليج العربي والعالم، بدأت حكومات خليجية وعالمية، التطعيم ضد المرض الذي تسبب في وفاة عدة أشخاص وإصابة الآلاف بأكثر من دولة.
ومع استمرار تسجيل حالات مصابة بالمرض، وعدم توافر كميات وافية من التطعيمات، أعلنت منظمة الصحة العالمية في يوليو الماضي، حالة طوارئ عالمية؛ للحد من تفشي جدري القردة الذي انتشر في أكثر من 60 دولة، وأدّى إلى وفاة بعض الحالات.
وأعلنت المنظمة رصد 27 ألف حالة مؤكدة للعدوى، معظمها في أوساط المثليين من الرجال، في 88 بلداً، لغاية 6 أغسطس 2022، وفق ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وخليجياً رُصد المرض في الإمارات والسعودية وقطر، وقالت السلطات الصحية بالدول الثلاث إنها اتخذت التدابير اللازمة كافةً للبحث والتقصي وبحث المخالطين؛ لمنع انتشاره.
ويعد جدري القرود من الأمراض المعدية التي عادةً ما تكون خفيفة ومتوطنة في أجزاء من غرب ووسط أفريقيا، وهو فيروس نادر شبيه بالجدري البشري.
وتشمل أعراض المرض الحمى والصداع والطفح الجلدي الذي يبدأ على الوجه وينتشر إلى باقي أجزاء الجسم، وهو ينتشر عن طريق الاتصال الوثيق، لذلك يمكن احتواؤه بسهولة نسبياً من خلال تدابير مثل العزلة الذاتية والنظافة الشخصية.
تطعيم خليجي
تعد البحرين أولى دول الخليج العربي التي بدأت تحديد مواعيد تلقِّي التطعيم الاختياري المضاد لفيروس جدري القردة لجميع المواطنين والمقيمين.
وأعلنت وزارة الصحة البحرينية (الخميس 11 أغسطس الجاري)، عن فتح باب التسجيل للحصول على التطعيم الاختياري.
وأكدت الوزارة وجود كميات محدودة من التطعيم حالياً مخصصة للفئات ذات الأولوية حسب البروتوكولات الطبية المعتمدة، مبينةً أن الاستعدادات اللوجستية كافة قائمة لتأمين سلاسل إمداد التطعيمات، في ظلّ الطلب العالمي عليها.
وتشمل الفئات المذكورة العاملين الصحيين الذين يتعرضون للمصابين أو عيناتهم والمخالطين القريبين من ذوي الخطورة العالية.
وبينت أن الشحنات القادمة للتطعيم ستخصَّص للذين يرغبون في أخذ التطعيم المضاد اختيارياً من المواطنين والمقيمين، بشكل مجاني.
إلزامية التطعيم
يؤكد المختص في العلوم الطبية والأحياء الدقيقة سامي خويطر، أن مرض جدري القرود لا يحتاج إلى تطعيم إلزامي في دول العالم، ولكن بعض الحكومات اتجهت إلى التطعيم مع شعورها بالخطر على حياة سكانها.
ويقول خويطر في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "بريطانيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي بدأتا تطعيم سكانهما ضد مرض جدري القرود، لأن هناك إصابات مرتفعة لديهما، ولكن يمكن لمن لا يحصل على التطعيم العيش بسلام ودون أي خوف".
ويستبعد أن تلجأ دول الخليج العربي إلى تطعيم سكانها بشكل كبير ضد مرض جدري القرود؛ لكون تلك الدول لم تسجل إصابات مرتفعة بالمرض، والعدد المعلن عندها محدود جداً.
ويوضح أن مضاعفات المرض ليست خطيرة كفيروس كورونا، ويمكن التعامل معها من الفرق الطبية والسيطرة عليه، لذا لا تحتاج جميع الدول إلى تطعيم سكانها بالمرض.
ويبين أنه يوجد عديد من اللقاحات التي أُنتجت سابقاً لدى بعض الدول، ووزارات الصحة التي تريد تطعيم فئات من سكانها يمكنها تقديمها لهم.
اللقاحات المتوافرة
وحول اللقاحات المتوافرة، أكدت المسؤولة الطبية بوحدة التأهب لمخاطر العدوى والوقاية منها بمنظمة الصحة العالمية، بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط، شيرين النصيري، أنه تمت الموافقة على لقاح جديد ضد فيروس جدري القردة، لكنه لم يتوافر بعد على نطاق واسع خارج المخزونات الوطنية، مبينةً أن الوضع الوبائي للمرض آخذ في التطور.
وقالت النصيري خلال حوار سابق لـ"الخليج أونلاين": إن "عدم توافر اللقاح على نطاق واسع، سببه أن هذا المرض لم يكن يحظى بأولوية دولية من قبل، وهذا الأمر يمثل أولوية بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية؛ لأنه من بين الأمراض التي تحتاج إلى مزيد من جهود البحث العالمية والتخطيط، للتأهب ومزيد من العمل".
وبينت أنه ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القرود، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحاً لعامة الجمهور بعد أن أُوقف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم.
ولفتت إلى أن بعض البلدان لديها لقاح الجدري كجزء من المخزونات الوطنية، حيث من المرجح أن يفضي التطعيم المسبق ضد الجدري إلى أن يتخذ المرض مساراً أخف وطأة.
موافقة أوروبية وأمريكية
أتاحت أوروبا عام 2013، وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 2019، لقاح "Jynneos" ضد جدري القرود، وهو مخصص للوقاية من المرض لدى البالغين الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر، والذين هم أكثر عرضة للإصابة بأي من الفيروسين.
ويتم إعطاء لقاح "Jynneos" على جرعتين تفصل بينهما 4 أسابيع، ويحتوي على فيروس اللقاح الحي، ويعد جيداً في حماية الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالمرض من الإصابة قبل التعرض له، ويمكنه أيضاً تقليل شدة المرض بعد الإصابة.
كما أتاحت أوروبا لقاح "ACAM2000"، وهو لقاح أقدم ضد الجدري وتمت الموافقة عليه من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2007 للحماية من مرض الجدري.
ويعتمد هذا اللقاح أيضاً على فيروس اللقاح، ولكن نسخة فيروس اللقاح في لقاح "ACAM2000" قادرة على التكاثر في خلايا الشخص.