لا يقتصر غزو الدول والشعوب على الجوانب العسكرية باحتلال وطمس هوية أرض وشعب، بل يصل ذلك الغزو إلى أكبر وأخطر من الجانب العسكري، وهو الغزو الاجتماعي، بتدمير أي مجتمع من خلال إيصال المخدرات بكل صنوفها إلى هذا المجتمع، وذلك سعياً وراء إسقاط المجتمع في أتون المخدرات والضياع وفقدان العقل، وهو الذي خصه الله سبحانه بمخلوقاته البشرية دون غيرهم من المخلوقات الأخرى.
ويبدو من خلال اكتشاف كميات الحبوب المخدرة التي يصل أعدادها إلى الملايين أن هناك مؤامرة دنيئة قذرة على مجتمعنا وشبابنا من الذين يمكن اصطيادهم في شباك هذه الآفة المدمرة، وإلا ما تفسير هذه الضبطيات التي لم تشهد لها الكويت مثيلاً في كمياتها، واختيار الكويت سوقاً لتسويق هذه الآفة اللعينة التي ما دخلت إلى مجتمع إلا ودمرته وقضت على زهرة الشباب فيه، تلك مؤامرة بالمعنى الحقيقي لها مع سبق الإصرار، ولولا عناية رب العالمين ورحمته بنا ولولا يقظة رجال الأمن والجمارك لكانت هذه الكميات المدمرة قد غزت الشباب ودمرتهم أكثر مما عليه بعضهم اليوم من تعاطي هذه المخدرات وانعكاساتها على حياتهم ومستقبلهم.
مواجهة غزو المخدرات للكويت لا تتوقف على اكتشافها واصطياد من حاول إدخالها لنا، تلك هي أبجديات المواجهة، وبالتالي فإن الأهم بعد كل ذلك إنزال العقوبة الرادعة التي تجعل من يفكر في تهريب المخدرات أن يختار له مكاناً وشعباً آخر غير الكويت، فالإعدام في مثل هذه الجرائم مطلوب وبأسرع وقت، حتى يكون الجاني عبرة لغيره، وحتى نضمن سلامة ونظافة المجتمع من أي محاولة لإدخال أي نوع من المخدرات إليه.
لقد فقد العديد من الشباب وغيرهم أرواحهم بعد أن دخلوا في نفق هذه الآفة المظلم، وأضاعوا حياتهم حين وجدوا من يغريهم بتعاطيها، وحين غابت عنهم مؤشرات الوعي ليكونوا ضحايا تجارة سوداء قاتلة، أراد فيها المروجون كسب الأموال ونشر الفساد الأخلاقي بين الشباب وإضاعة قيمهم الرفيعة التي هي ركيزة استقرارهم واستقامة الحياة لديهم.
يوسف الشهاب- القبس الكويتية-