العربي الجديد-
زاد عدد القضايا المرفوعة ضد الأطباء في محاكم الكويت بسبب الأخطاء الطبية داخل المستشفيات، ويزداد عدد المتضررين منها وسط صراع بين أهالي الحالات الذين يحمّلون الأطباء مسؤولية هذه الأخطاء، وبين النقابات الطبية التي تعتبرها ملازمة لعمل الطبيب، وتطالب الحكومة بحماية الأطباء.
حالات تقصير
إلى ذلك، أثارت حادثة وفاة الطفلة "هاجر المطيري" البالغة 5 سنوات، في إبريل/ نيسان الماضي، الرأي العام في البلاد، حيث تعرضت لحادث سيارة مع والدتها ونقلت على أثره إلى مستشفى "العدان"، جنوبي البلاد.
وذكر التقرير الطبي الخاص بها أنها كانت "مضطربة الوعي، والعلامات الحيوية مضطربة، وبالكشف الظاهري عليها تبين وجود كدمة أعلى الصدر والبطن" وعليه، تقرر إدخالها إلى العناية المركزة لإصابتها بالنزيف الداخلي، قبل أن يسمح لها الأطباء بالخروج بعد يوم واحد والذهاب إلى المنزل، لكنّ الآلام عاودتها مرة أخرى وتوفيت في بيتها.
وقرر والد الطفلة رفع قضية على وزارة الصحة وعلى طبيب الطوارئ المشرف على حالتها بتهمة الإهمال الطبي والخطأ في التشخيص والذي أدى إلى القتل الخطأ، كما طالب بإقالة وزير الصحة بعد فشل لجنة التحقيق في الوصول إلى نتيجة نهائية حتى الآن.
ولم تكن حالة "هاجر" الوحيدة من بين الحالات التي يتهم فيها أهالي المرضى الأطباء بارتكاب أخطاء تؤدي إلى الوفاة، فقد توفيت الطفلة "درة الحرز" وعمرها 13 عاما، عقب إصابتها بتشنجات نتيجة حقنها بإبرة مخدرة تمهيدا لإزالة كيس دهني خلف أذنها قبل أسابيع.
ووجه نواب في البرلمان الكويتي أسئلة متلاحقة لوزير الصحة "باسل الصباح"، الذي شكل لجان تحقيق محايدة تضم أطباء من داخل الوزارة وخبراء من خارجها.
إجراءات غير كافية
وقال النائب "سعدون حماد العتيبي" وفقا لـ"العربي الجديد"، إن هذه الإجراءات لا تبدو كافية، وعلى الوزير أن يصلح من عمل المستشفيات التي تحولت إلى مقابر، بحسب تعبيره.
ويثير أعضاء البرلمان موضوع الأخطاء الطبية عقب وفاة النائب السابق "فلاح الصواغ"، في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، حينما تعرض لخطأ في التخدير أدى إلى وفاته قبل عملية مقررة لإزالة وشفط الدهون، لكن الطبيب الوافد الذي أجرى العملية غادر البلاد بسرعة، فيما جرى الاكتفاء بمعاقبة طاقمه الطبي بالحسم المالي.
وبحسب إحصاءات إدارة الطب الشرعي في الإدارة العامة للأدلة الجنائية، فإن عدد قضايا الأخطاء الطبية يصل إلى 450 قضية شهريا، بارتفاع يقدر بنسبة 900% في السنوات الـ13 الأخيرة، وأن فريقا مختصا من المحققين يتولى أمر البحث في هذه القضايا التي غالبا ما تكون كيدية أو للبحث عن تعويضات.
أسباب ارتفاع الأخطاء الطبية
وعن سبب زيادة الأخطاء الطبية وعدد القضايا المتعلقة بها في الأعوام الأخيرة، يقول الطبيب "لؤي الأحمد"، إن ذلك لا يرجع إلى تدهور الوضع الطبي، بل إلى ازدياد العمليات البسيطة في المستشفيات الحكومية والخاصة، خصوصا عمليات التجميل، ومن بينها حقن الشفتين وغيرها.
وأوضح للصحيفة أن هذه العمليات يزداد فيها التعرض للأخطاء الطبية بسبب دخول التجارة والطمع والجشع فيها، ما يؤدي إلى استخدام مواد رخيصة أو غير مرخصة فيها.
من جهته، يقول الطبيب "مشاري المطيري"، إن على من هم خارج المجال الطبي أن يروا الموضوع من ناحية أخرى، إذ ليس هناك قانون للأخطاء الطبية في الكويت حتى الآن، والأطباء الذين تحدث معهم حوادث وأخطاء أثناء العمليات يحاكمون وفق قانون الجنايات، أي أن الطبيب الذي يخطئ طبيا فإن تهمة القتل في انتظاره.
في السياق ذاته، يقول مدير أحد المستشفيات لـ"العربي الجديد"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن كثيرا من العمليات لم يعد من الممكن إجراؤه بسبب رفض أطباء التخدير أداء عملهم وتخدير المرضى خوفا من القضايا المتلاحقة التي يتهمون بها.
يضيف: "غياب قانون طبي واضح في الكويت ينظم العلاقة بين الأطباء والمرضى ويعطي الأطباء خصوصيتهم في التعامل مع الناس والموت والمرض وغيرها، أدى إلى تراجع القطاع الطبي في الكويت بشكل كبير، وإلى تخوف الأطباء من إجراء العمليات".