لن يستطيع المواطن الكويتي، الذي يتقاضى راتباً بحدود 750 ديناراً (2487 دولارا) أن يجد شقة سكنية في منطقة متوسطة الحال، وذلك بعد أن شهدت الإيجارات السكنية موجة ارتفاع مفاجئة تكاد تلتهم نصف راتب المواطن.
فمتوسط الإيجارات بالعقار الاستثماري للغرفتين وصالة يتراوح الآن بين 290 و340 ديناراً (692 دولارا و1128 دولارا)، بحسب بيانات حكومية صادرة عن وزارة العدل.
وتعود أسباب الارتفاع المفاجئ لقيمة الإيجارات في الكويت إلى دخول عمالة قدّرتها السلطات الكويتية بنحو 100 ألف عامل خلال العامين الماضيين، مما زاد قيمة الإيجارات بنحو 60%، وذلك وفق نظرية العرض والطلب، حيث زاد الطلب على السكن وسط انخفاض في المعروض.
ويرى خبراء عقاريون، أن الأزمة العقارية في الكويت لم تبدأ بعد، فمع دخول المزيد من العمال لتنفيذ مشاريع حكومية بملايين الدولارات مصطحبين عائلاتهم للاستقرار في الكويت بين 5 إلى 10 أعوام ستتفاقم الأزمة العقارية.
يقول توفيق الجراح، الخبير العقاري، إن هناك فجوة متزايدة بين العرض والطلب، في ظل المشاريع الحكومية المليارية التي تتطلب استقدام عشرات آلاف العمال من الخارج، مما يشكل ضغطاً ويزيد من الأزمة الإسكانية في الكويت بشكل عام.
ويضيف الجراح أن الكويت بحاجة إلى أكثر من 10 آلاف بناية سكنية جديدة، لكى تواكب الزيادة السكانية التي تشهدها منذ نحو ثلاثة أعوام، في ظل تجاهل الحكومة الكويتية التوسع العمراني بمقدار الزيادة السكانية التي تزيد بمقدار 4% كل 18 شهراً.
ويعتقد الجراح أن ما دفع ملاك البنايات إلى رفع القيمة الإيجارية من دون انتظار انتهاء مدة العقد (5 سنوات وفق القانون الكويتي)، هو ارتفاع نسبة إشغالها إلى 99% خلال فترة قصيرة جداً لا تتجاوز 26 شهراً.
وبحسب تقديرات اتحاد العقاريين الكويتي، يصل عدد العقارات الاستثمارية الموجودة حالياً نحو 11.7 ألف بناية سكنية موزعة على 19 منطقة في 6 محافظات، 70% منها عقارات قديمة تحتاج إلى تطوير.
ويرى قيس الغانم، أمين عام سر اتحاد العقاريين الكويتي، أن الكويت بحاجة إلى إنشاء مدينة كبيرة أخرى مكتملة الخدمات من مدارس ومستشفيات، في ظل ارتفاع نسبة الإشغال للبنايات السكنية، إضافة إلى أن الوضع الحالي يستدعي تحركاً حكومياً سريعاً من دون انتظار، قبل أن يفوت الوقت.
ويعتقد الغانم أن ضعف وتيرة البناء الجديدة ناجم من عدم تشجيع المستثمرين على إعادة بناء العقارات القديمة، في خطوة قد تساهم في حل جزء من أزمة الإسكان.
ويشير إلى ضرورة أن تطرح الحكومة أراضي سكنية جديدة، وكذلك إمدادها بالكهرباء والماء، حتى يكون هناك إقبال استثماري عليها من قبل المقاولين، لافتا إلى أن هناك العديد من المناطق السكنية مطروحة حالياً بدون أي جدوى منها، نظراً لعدم إيصال الكهرباء والماء والصرف الصحي إليها.
وبحسب آخر إحصائية لاتحاد العقاريين لوحظ ارتفاع متوسط الإيجار الشهري للعقارات بعمر ما بين عامين إلى خمسة أعوام بمعدل 12%، في حين تمثل الشقق المكونة من غرفة وصالة نسبة 24% من حجم السوق، أما غرفتان وصالة فتمثل 55 %، وبذلك تصبح الحصة السوقية لإجمالي هاتين الفئتين الأكثر طالبا 80% من السوق.
ونوه التقرير العقاري لبنك بيت التمويل الكويتي "بيتك"، إلى أن الأسعار تختلف وفقاً للمناطق المختلفة ولنوعية التصميم والتشطيب والموقع، إذ إن عمر العقار يعتبر عاملاً أساسياً في تحديد متوسط القيمة الإيجارية في الكويت.
ويشير التقرير إلى انتشار ظاهرة جديدة بالكويت هي تأثيث العقارات (شقق فندقية مفروشة) خصوصا للعقارات المتميزة، إذ تتحدد القيمة الإيجارية وفقاً للمستويات المختلفة، والأمر الذي يجذب الانتباه هو اتساع دائرة التأجير في المناطق الداخلية التي يقطن فيها المواطنون الكويتيون، مما يجعلها تحت ضغط ارتفاع قيمة الإيجارات باستمرار.
ولم تقتصر الزيادة على العقارات السكنية، وإنما التجارية أيضا، حيث يفيد تقرير بنك بيت التمويل الكويتي، أن متوسط معدل إيجار المتر التجاري للدور الأرضي ارتفع ليصل إلى 45 ديناراً للمتر المربع في مناطق المتوسطة، ويزيد على ذلك ليصل إلى 50 ديناراً في المناطق المتميزة.
العربي الجديد-