اقتصاد » احصاءات

منغّصات الاقتصادات الخليجية

في 2017/03/13

جملة من المزعجات المنغصات تواجه بعض وحدات الاقتصادات الخليجية، لاسيما قطاع إنتاج وتصدير النفط، خصوصاً في ما يخص هاجس مراقبة الأسعار اليومية للنفط الخام في الأسواق العالمية، وقطاع صناعة النقل الجوي والخدمات اللوجستية المساندة الذي أصاب نجاحات هائلة على المستوى التنافسي الدولي في السنوات القليلة الماضية.

بعض هذه المزعجات يتعلق باللا يقين الذي أضحت عليه العلاقات الاقتصادية التي تقيمها دول العالم مع الولايات المتحدة في عهدها الرئاسي الجديد، وبعضها يتعلق بالضغط المتواصل الذي تمارسه مخرجات سياسات تغير المناخ على الوقود الأحفوري لا سيما النفط.

ففي 2 فبراير 2017 أصدرت كلية «إمبريال» في لندن، و«مبادرة تقصي الكربون»، وهي مركز أبحاث، أصدرا دراسة أكدا فيها أن السيارة الكهربائية ستتكفل بإخراج مليوني برميل من النفط من سوق الاستهلاك العالمي في عام 2025، في استعادة لسيناريو خسارة الفحم ل 10% من حصته السوقية، وما أدت إليه تلك الخسارة من انهيار صناعة استخراج الفحم في الولايات المتحدة، والى تبخر 108 مليارات دولار من قيمة شركات طاقة الفحم الأوروبية خلال الفترة من 2008 إلى 2013، كما جاء في الدراسة.

إزعاج آخر يتمثل في تصاعد مضايقة سلطات الطيران المدني في الولايات المتحدة وكندا وبلدان الاتحاد الأوروبي لشركات الطيران الخليجية، لا سيما الإماراتية والقطرية اللتان توسعتا بشكل مذهل، وتحولتا إلى أكبر منافس على أسواق النقل الجوي لشركات الطيران الأمريكية والأوروبية الغربية الكبرى التي ظلت تتربع على عرش هذه الصناعة التي تدر أرباحاً هائلة على الشركات وعلى موازنات بلدانها، ناهيك عن أثرها المضاعف في قطاعات اقتصادية وخدمية أخرى.

وكانت شركات «دلتا أير لاينز»، و«أميريكان أير لاينز غروب»، و«يونايتد كونتيننتال هولدينجز» قد مارست ضغوطاً على إدارة أوباما لدفعها لتقليص نشاط شركات الطيران الخليجية وتحديداً الاتحاد، والقطرية، وطيران الإمارات، بزعم تلقيها إجمالاً ما يصل إلى 42 مليار دولار على شكل دعم حكومي وامتيازات أخرى. ووعدت وزارة الخارجية الأمريكية بمناقشة الموضوع مع كل من قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي 1 فبراير 2017، توجه الرؤساء التنفيذيون لثلاث شركات طيران أمريكية كبرى هي يونايتد، ودلتا، وأميريكان، بشكوى إلى وزير الخارجية الأمريكي الجديد ريكس تيلرسون يدّعون فيها أن شركات طيران الإمارات والاتحاد والقطرية قد تسببت في إخراجها من أسواق الشرق الأوسط والهند بسبب تلقيها دعماً حكومياً وصل إلى حوالي 50 مليار دولار منذ عام 2004، مكنها من اتباع ممارسات إغراقية على حد زعم الشركات الأمريكية الثلاث.

أين تكمن المشكلة؟ المشكلة تكمن، على ما نعتقد، في أن الولايات المتحدة لديها 120 اتفاقية أجواء مفتوحة موقعة مع 120 دولة، وأن بعض شركات طيرانها الرئيسية التي فشلت في مواكبة السوق وتحديات المنافسة، تحتج اليوم على اتفاقيتي الأجواء المفتوحة المبرمة مع كل من دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتطالب السلطة السياسية الجديدة في بلادها بإعادة التفاوض على هاتين الاتفاقيتين، معولة في ذلك على شعار الرئيس ترامب (أمريكا أولاً).

وقد وصلت حملة الحمائية في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي حدّ طلب اتحاد الطيارين الجويين الأمريكيين من وزيرة النقل الجديدة إلين تشاو إلغاء أو تعليق الترخيص الذي منحته الوزارة في عهد أوباما لشركة «نورويجيان أير إنترناشيونال»، الفرع الإيرلندي لشركة «نورويجيان أير شاتل».

وتأكيداً لما نذهب إليه في تفسيرنا للمشكلة، فإننا نحيل المهتم والمتابع لهذه القضية الحساسة، إلى شهادة فريدريك سميث رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «فيديكس» للشحن المتعددة الجنسية أمام لجنة المواصلات في مجلس النواب الأمريكي بتاريخ 1 فبراير 2017، والتي أكد فيها أنه: يتعين الالتزام باتفاقيات الأجواء المفتوحة، وأنه لا يمكن الإخلال بها بحجة حماية شركات الطيران الأمريكية الكبرى من المنافسة، فقط لأنها لم تعتد الأنماط الجديدة من التحديات التي أذهبت هيمنتها التقليدية على صناعة النقل الجوي.

كانت تلك إفادة فريدريك سميث الذي كان يتحدث باسم ائتلاف شركات الطيران والشحن الأمريكية الذي يضم شركات مثل أطلس أير، وهاواين أير لاينز، وجت بلو وغيرها، والتي تدعم سياسة الأجواء المفتوحة باعتبارها الأساس الموضوعي للنمو والتوسع وخلق الوظائف للأمريكيين... وللحديث صلة.

د. محمد الصياد - الخليج - الشارقة-