وكالات-
تتجه أنظار رجال الأعمال في البحرين، لا سيما الذين يمتلكون مشاريع كان جزء مهم منها قائماً على زبائن سعوديين، بنظرة فيها قلق لما يمكن أن يؤثر به التغيير الجذري الذي تشهده السعودية في جميع مجالات الحياة على البحرين، التي لطالما شهدت علاقات عميقة وحركة كبيرة بالتعامل بينها وبين المملكة أنعشت اقتصادها.
التغيير السعودي غير المسبوق، والذي يشمل المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والمالي، قد يقلق البحرين، إثر توجه السعوديين للسياحة الداخلية من جهة، بعد أن كانت البحرين متنفساً لهم، إضافة إلى قيام الرياض باعتقال عدد من كبار رؤوس الأموال السعودية التي كانت لها استثمارات في البحرين.
وتعيش السعودية هذه الأيام أجواء انفتاح مفاجئة وسريعة تجلت بسماح الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود للمرأة بقيادة السيارة للمرة الأولى في تاريخ المملكة، ما يحقق طموح السعوديات، الذي كان يعتبر عند بعض التيارات "مخالفة شرعية"، وذلك ضمن سلسلة إصلاحات تشهدها المملكة وفق خطة "رؤية 2030".
وتعدّ البحرين وجهة أساسية للسعوديين في مواسم الأعياد والعطل الرسمية، وفيها يقضون أمتع الأوقات مع عائلاتهم، وتزدحم بهم شوارع العاصمة البحرينية المنامة، مثل شارع المعارض الذي يمتلأ بسيارات تحمل لوحات سعودية.
- البحرين الأكثر جذباً
مملكة البحرين تصدرت قائمة الدول الأكثر جذباً للسياح السعوديين في العام 2016، حسب تقرير إحصائي لمركز ماس للدراسات والأبحاث التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
وبحسب التقرير الذي نشرت نتائجه صحيفة "عاجل الإلكترونية" السعودية في (1 يناير 2017)، بلغت نسبة المسافرين إلى البحرين 23% من إجمالي عدد السياح السعوديين، بـ4 آلاف رحلة جوية شملت أكثر من 30 مليون ليلة سياحية، وشمل التقرير 48 دولة تمثل مقصداً للسائح السعودي.
نائب رئيس لجنة السياحة الوطنية السعودية، عبد الرحمن الصانع، أكد في (18 أكتوبر) تصدّر البحرين كوجهة سياحية للسعوديين، بحكم وجود جسر الملك فهد.
ويربط بين السعودية والبحرين جسر الملك فهد، الذي أنشئ في العام 1986، وشكل نقطة تحول في تاريخ العلاقات بين البلدين، والتي كانت ولا تزال تتمتع بقرب وصلات أسرية بين العديد من العائلات البحرينية والسعودية.
- ترفيه بديل
العديد من المشاريع والفعاليات الترفيهية تعمل عليها الهيئة العامة للمعارض والسياحة في البحرين، لجذب السياح والزوار، ولكن الآن بعد توجه السعودية لتطبيق رؤيتها الجديدة، وتعزيزها للفن والفعاليات الاجتماعية والترفيهية، ما يشجع السعوديين على إمضاء العطل الصيفية والمناسبات فيها، قد يسير نحو تقليل السياحة نحو البحرين.
وتحظى السعودية بنشاط إعلامي يعطي أهمية كبيرة للثقافة والفن، وبه هامش من الحرية والانفتاح على العالم الخارجي، رغم الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها هيئة الترفيه العامة في المملكة على خلفية إقامة حفلات مختلطة بين الجنسين تخللها غناء ورقص.
- تنمية السياحة الداخلية
وحول تنمية السياحة الداخلية في السعودية، قال نائب رئيس لجنة السياحة السعودية، عبد الرحمن الصانع، لصحيفة "سبق": "السعودية البلد شبه القارّة حباها الله بتضاريس متنوعة، وطقس متفاوت الحرارة، وشواطئ تمتد لأكثر من 1500 كيلومتر على الخليج العربي شرقاً والبحر الأحمر غرباً، وتلك هي أهم عناصر الجذب السياحي بالعالم".
وأشار إلى "منطقة عسير بجبالها الشاهقة، وغاباتها الجميلة، ومدينة أبها أول إطلالة محلية سياحية على مدار 4 عقود، وتأتي كذلك مدينة جدة التي تعدّ الأولى في جلب السياحة المحلية على مستوى المملكة، تليها مدن المنطقة الشرقية خاصة مدينة الخبر".
وبين أنه "في رؤية المملكة 2030 سيكون هناك تحول نوعي وكبير في توطين السياحة، بل وجلب سياح من الخارج". متوقعاً أن ينخفض الإنفاق السياحي الخارجي، وما يسمى الهروب الجماعي للسعوديين للسياحة خارج المملكة، إلى أقل من نصف العدد حالياً، مما سيوفر ملايين العملات الصعبة التي سيتم توظيفها داخل المدن السعودية.
ومن المزمع إنشاء العديد من المشاريع المستقبلية، والتي تنعش السياحة الداخلية.
الصانع، طالب بـ"برامج وفعاليات ترفيهية التي تعد إحدى أهم المقومات السياحية حول العالم، ومن أهمها الترفيه من الفنون وغيرها، والسينما، والمسرح، والحفلات الفلكلورية أو الطربية، بما يتلاءم مع طبيعة المجتمع". مؤكداً أن "الأمور بدأت تنفرج بشكل طبيعي، وظهر ذلك في حفلات ذكرى اليوم الوطني التي أقيمت مؤخراً، ولاقت نجاحاً شعبياً كبيراً".
وبالمحصلة؛ فإن الأوضاع الاقتصادية للبحرين وبنظرة حسابية بحتة ستشتد أزمتها بشكل عكسي، أي كلما زاد الانفتاح في السعودية ووجد السعوديون ما كانوا يجدونه في البحرين، فإن المنامة ستواجه أزمة على الأقل في مدخول السياحة التي كانت تصلهم من السعودية.