أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
الشعب البحريني شعب خليجي وعربي عزيز ويستحق حياة وحقوقا أفضل ولا يستحق هذه المعاناة في بلد يتميز بالثراء والتنوع الثقافي والفكري.
والشعب البحريني من أكثر شعوب الخليج ارتباطا بقضايا أمته ومن أكثرها اطلاعا على قضايا الفكر والثقافة وهو شعب متسامح ومحب بطبيعته لأمته وبعيد عن التعصب.
وفي المقابل فإن النظام البحريني يعادي شعبه ويتسم بالانغلاق والتعصب ويوالي النظام السعودي على حساب أمته!
الجديد هذه المرة أن البحرين على أعتاب مرحلة جديدة ستتحول فيها إلى دولة نفطية كبرى، وكما رصد الغرب فإنه وفي الأول من نيسان/أبريل، أعلنت البحرين عن اكتشاف كمية كبيرة من النفط في مياهها الغربية الضحلة جنوب الطريق المؤدي إلى المملكة العربية السعودية.
ورصد سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، أنه وعلى الرغم من أن اكتشاف النفط للمرة الأولى في الجزيرة البحرينية يعود إلى عام 1932، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تقترب فيها كمياته من تلك المتواجدة في السعودية وإيران والعراق والكويت، والتي تملك جميعها احتياطيات تزيد على 100 مليار برميل.
وإذا كان من الممكن تأكيد الكمية التي أعلنت عنها المنامة وقدرها 80 مليار برميل من الاحتياطي المؤكد (أي أنه يمكن استخلاصها في ظل الظروف الاقتصادية والعملياتية القائمة)، فإن إجمالي احتياطها سيقارب ذلك الذي تملكه الإمارات العربية المتحدة والبالغ 97 مليار برميل.
وأضاف هندرسون أنه، إذا تبين أن الكمية المكتشفة كبيرة بقدر ما هو مأمول منها، فإنها ستغير ثروة هذا البلد الذي يعتبر الاقتصاد الأصغر في دول "مجلس التعاون الخليجي"، وأن بوسعها من الناحية المالية أن تغيّر نظرة المصرفيين الأجانب الذين غالباً ما يعتبرون الجزيرة البحرينية مجرد ملحقٍ للسعودية.
يقول سايمون هندرسون:
" في ما يخص السياسة الأمريكية، فمن غير المرجح أن يؤثّر الاكتشاف الجديد على العلاقات الممتازة التي تربط واشنطن بالبحرين أو على واقع تمركز الأسطول الأمريكي الخامس هناك. ولا تزال المخاوف قائمة بشأن سجل حقوق الإنسان في الجزيرة البحرينية، لكن التوتر العلني الذي أضر بعلاقات المنامة مع إدارة أوباما قد تلاشى. وقد وعد الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإجراء انتخابات في وقت لاحق من هذا العام وأعلن عن رؤية الود لجميع الأديان - وهي استراتيجية أدت إلى قيام وفد بحريني من المجتمع المدني بزيارة إسرائيل في عام 2017 على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين البلدين. ومع إمكانية حدوث زيادة هائلة في عائدات النفط، من الممكن أن تصبح البحرين مجتمعاً أكثر إنصافاً في الداخل وطرفاً أكثر أهميةً في الخارج."
وبصرف النظر عن آراء سيمون هندرسون والتي جملها بعبارات منمقة، إلا أن التأمل في السياسات العلنية البحرينية والمتمثلة حديثا في إصدار ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة أمراً بإنشاء "مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي" والذي يضم أعضاء وفد التطبيع مع إسرائيل الذين زاروا الأراضي الفلسطينية المحتلّة قبل أشهر، وبعد أيام من الإعلان الأميركي عن نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل".
وبعد التنبؤات الغربية بأن البحرين ستقود القاطرة الخليجية لتطبيع علني، فإن ثمن الاكتشافات وثمن الموافقة على إستخراجها، وبالتالي إخراج البحرين من دولة ملحقة لدولة نفطية كبرى، يبدو أنه يمر من البوابة الصهيونية على غرار العروش وكراسي الحكم حاليا بالمنطقة.
هل هذا "الصعود البحريني إلى الهاوية" سيشكل تقدما ونهضة لهذا البلد الخليجي والعربي، أم سيزيد الهوة بين الشعب والنظام، وهل سيرضى الشعب القومي المؤمن بقضايا أمته ببعض الرشاوى من السلطة في مقابل المشاركة في ما يسمى صفقة القرن؟.
إنه وضع حرج يتسبب فيه النظام تارة بالرضا لأن يكون تابعا وملحقا بالسعودية، وتارة بالمرور عبر بوابة الصهاينة ليتحول لدولة نفطية كبيرة.