اقتصاد » احصاءات

ولي العهد السعودي يبحث عن شراكات تكنولوجية ضخمة.. لكن العوائق كبيرة

في 2018/05/24

ترجمة شادي خليفة - فوربس-

تعد المملكة العربية السعودية هذه الأيام بلدًا في حالة اضطراب، ويسارع ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» الزمن في مهمة لتسريع تحويل المملكة المحافظة إلى اقتصاد حديث، وهو يدفع نحو التكنولوجيا كمساعد رئيسي ومحرك للتحول.

ويتضمن مخططه الطموح للإصلاح، «رؤية 2030»، تركيزا أكبر على التكنولوجيا، وفي حين أنه يحاول فتح الاقتصاد ويتحرك بعيدا عن كونه دولة تعتمد بالكامل تقريبا على النفط، يهدف «بن سلمان» إلى إنشاء نظام مزدهر لتكنولوجيا المعلومات في البلاد.

ولتحقيق هذه الغاية، قام بتجميع عدد كبير من الصفقات لتعزيز طموحات البلاد في مجال التقنية العالية، بما في ذلك الشراكة مع «جوجل» لبناء مركز كبير للتكنولوجيا في المملكة، وتعزيز خدمات الأمن السيبراني الوطنية مع «رايثيون».

ويغازل الأمير اللاعبين الكبار في وادي السليكون بقوة أيضا، وفي شهر أبريل/نيسان، التقى الأمير خلال جولته الواسعة في الولايات المتحدة مع مؤسس «أمازون» والرئيس التنفيذي لها «جيف بيزوس»، والرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت» «ساتيا ناديلا»، والمؤسس المشارك لشركة «جوجل» «سيرغي برين».

وزار هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وناقش السفر للفضاء مع «ريتشارد برانسون»، وفي غضون ذلك، تجري «سناب شات» محادثات لفتح مكاتب لها في المملكة، وكذلك «آبل» و«أمازون».

التكنولوجيا تخلق الوظائف

وفي شهر مارس/آذار، أعلن «سوفت بنك» عن مبادرة بقيمة 200 مليار دولار لبناء أكبر مشروع لتوليد الطاقة الشمسية في العالم في السعودية، حيث من المتوقع أن يؤدي نمو صناعة الطاقة الشمسية إلى توفير 100 ألف وظيفة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي السعودي بمقدار 12 مليار دولار.

ويقول «حسن حيدر»، الشريك في «ستارت آبز 500»، وهي شركة لاستثمار رأس المال في وادي السيلكون، وتستثمر في الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «لقد حان الوقت للتركيز على التكنولوجيا لتنمية المنطقة. ومع تذبذب أسعار النفط، لم تعد الحكومات والصناعات التقليدية قادرة على الوفاء بدور صاحب العمل واستيعاب العدد المتزايد من الخريجين الشباب الجدد».

وأضاف: «لا يوجد مسار أفضل لمستقبل المملكة العربية السعودية من ذلك الذي يتم الانخراط فيه بنشاط مع التكنولوجيا والشركات الناشئة من قبل الحكومة من الأعلى إلى الأسفل».

وتنتشر الشركات الناشئة في البلاد، وتغذي زيادة الاستثمار المحلي، وتعمل الرياض على تخفيف العوائق التنظيمية، بما في ذلك القيود على ملكية الأجانب التي أبقت المستثمرين بعيدا لفترة طويلة، بينما تسعى المملكة لنقل التكنولوجيا من خلال استثمارها البالغ 45 مليار دولار في صندوق «سوفت بنك»، الذي يصب المال في الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم.

حتى إنها أعلنت خططا لإنشاء مدينة عملاقة ذات تكنولوجيا عالية تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، تدعى «نيوم»، والتي يديرها الروبوتات بدلا من البشر، وتم منح الجنسية السعودية لروبوت يدعى «صوفيا» العام الماضي.

وتهدف البلاد إلى أن تكون مركزا للابتكار في الشرق الأوسط، كما يقول «خالد الخضير»، مؤسس شركة «غلو وورك»، وهي شركة ناشئة كانت في طليعة تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة السعودية، ويجلب هذا شعورا بالأمل للشباب السعوديين الذين يمثلون غالبية السكان.

وقال «الخضير»: «نظرا لأن غالبية سكاننا، أكثر من 70%، تقل أعمارهم عن 35 عاما، فإن التحول الرقمي في البلاد سيخلق مجموعة من الوظائف الجديدة، وسيكون من الأهمية بمكان تحويل اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد المعرفة».

نقص المواهب الماهرة

ومن المؤكد أن دافع «بن سلمان» القوي للاستثمارات في التكنولوجيا قد يخلق فرص عمل، ويطور روح المبادرة، ويحول الطلاب الباحثين عن عمل من ذوي الكفاءات العالية إلى منتجين للوظائف، ويطور البنية التحتية الرقمية للدولة.

لكن الوصول إلى هذه المرحلة، وخلق واد للسيليكون في الشرق الأوسط، ليس مهمة سهلة، وسوف يستغرق بعض الوقت، كما يقول الخبراء، ويعتبر نقص الدعم والخبرة في مجال تكنولوجيا المعلومات عقبة كبيرة.

ويقول «هتان ساتي»، مؤسس شركة الاستشارات الإدارية «تريست جيرز»: «نظرا لبعض نقاط الضعف في النظام التعليمي، ونقص شركات تكنولوجيا المعلومات الكبيرة في البلاد، والتي كان من الممكن أن تساعد في بناء الخبرة الضرورية مع مرور الوقت، فإن إيجاد العمال المهرة سيكون تحديا».

ووفقا لتقرير صدر مؤخرا عن معهد التمويل الدولي، فإن السعوديين، الذين يشغلون 19% فقط من الوظائف في القطاع الخاص في بلدهم، يحتاجون إلى تغييرات جوهرية في التعليم وتنمية المهارات.

وكشفت دراسة حديثة أن النقص في المواهب الماهرة سيستمر في عرقلة النمو، بما في ذلك إيرادات سنوية محتملة غير محققة تبلغ أكثر من 206 مليار دولار في المملكة.

وتدرك الحكومة مشكلة نقص المهارات وهي تحاول معالجة المشكلة بشكل مباشر من خلال جذب مستثمرين مثل «أمازون» و«آبل»، وإعلان حوافز لأصحاب المشاريع المحليين.

وبالنسبة للمملكة، فإن الاستثمارات من عمالقة تكنولوجيا المعلومات مثل «آبل» لإنشاء منافذ البيع بالتجزئة الرئيسية، وشركة «أمازون» لبيع خدمات تخزين البيانات والحوسبة، من شأنه أن يعزز خطط الإصلاح التي يقوم بها الأمير في بلد واحدة من أعلى نسب استخدامات الإنترنت والهواتف الذكية في العالم.

ومما لا شك فيه أن لدى المملكة القدرة على دفع ثمن تحولها، خاصة أنها تتطلع إلى استثمار عائدات مبيعات شركة «أرامكو» النفطية في شركات وصناعات جديدة، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا، ما يجعل خطة ولي العهد تبدو محكمة.

لكن نقاط الضعف تكمن في الحجم الصغير للاقتصاد، مع الشركات متوسطة الحجم، وهشاشة السوق، ونقص البنية التحتية، والقطاع الخاص غير الديناميكي أو المتنوع، ما قد يثبط اهتمام جمهور المستثمرين في مجال تكنولوجيا المعلومات لجذب المزيد من الشركات.

لكن هناك فرصة أن يساعد اقتصاد المملكة سريع النمو في خلق نظام بيئي مدعوم بالتكنولوجيا، وقد يكون الاقتصاد السعودي أصغر بكثير من اقتصاد الولايات المتحدة، لكنه لا يزال أحد أكبر 33 اقتصادا في العالم.

والمملكة عضو في مجموعة العشرين، التي تمثل مجتمعة نحو 85% من إجمالي الناتج العالمي، ولقد حدد ولي العهد مجالات حيوية للاقتصاد تعتمد على تكنولوجيا المعلومات، وهو مصمم على الاستثمار في تلك القطاعات.

وفي الوقت الذي يتحرك فيه الأمير، البالغ من العمر 32 عاما، بسرعة في جهوده لإعادة تشكيل البلاد، لا أحد يعرف ما إذا كانت رؤيته ستنجح، لأن التحفظ الاجتماعي لا يزال يشكل تحديا، ويتم سجن المنتقدين على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل منتظم.

ومع ذلك، على مدى الأعوام القليلة المقبلة، نأمل أن يتغير النسيج الاجتماعي السياسي للمملكة بشكل كبير، وقد خلص العديد من الخبراء إلى أن التحول الاقتصادي، من خلال التكنولوجيا، سوف يفشل في إظهار نتائج جيدة، بسبب الانقسامات الاجتماعية العميقة.

وسيحدد الوقت ما إذا كان هؤلاء الخبراء على صواب، على الرغم من أن الفرص ممتازة لأن تتكيف المملكة بشكل جيد مع التغييرات العديدة القادمة، بالنظر إلى أن شبابها يتوقون إلى إصلاحات حقيقية.