حنين ياسين - الخليج أونلاين-
تتباين مؤشرات أسواق العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي بين الانتعاش والاستقرار والهبوط الحادّ، متأثرة بسلسلة عوامل سياسية واقتصادية تعيشها هذه الدول خلال السنوات الأخيرة؛ من أبرزها الأزمة الخليجية التي اندلعت قبل نحو عام، وموجة الغلاء الناتجة عن فرض رسوم وضرائب جديدة خاصة بالسعودية والإمارات.
يتصدّر السوق العقاري القطري بقية الأسواق الخليجية من حيث النمو، متأثراً بارتفاع معدلات السياحة، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، والنمو الاقتصادي الذي كان الأعلى في المنطقة خلال 2017، بينما يعيش سوق العقار في الكويت وسلطنة عُمان حالة من الاستقرار مع توقعات بتحقيق انتعاش خلال العام الحالي.
في المقابل تشهد أسواق العقارات في السعودية والإمارات والبحرين حالة من التراجع؛ بعد أن لحقت بها خسائر كبيرة بسبب فرض ضريبتي القيمة المضافة والسلع الانتقائية، واستحداث الرياض لرسوم جديدة على العمالة الأجنبية، فضلاً عن قطع العلاقات مع قطر وخروج المستثمرين القطريين من هذه الدول.
"الخليج أونلاين" رصد حالة أسواق العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي، ويستعرض في السطور التالية أوضاع هذه الأسواق ومؤشرات نموها أو انحدارها.
- قطر
يواصل مؤشر سوق العقارات القطري نموه المتصاعد رغم الحصار الذي تفرضه السعودية والإمارات والبحرين ومصر على الدوحة منذ نحو عام.
ويعكس الانتعاش الذي يعيشه سوق العقار القطري مدى قوة اقتصاد الدوحة ونجاح السياسات القطرية في مواجهة إجراءات الحصار.
وخلال عام من الحصار حافظ قطاع العقارات القطري على معدلات نمو عالية وتداولات عقارية وسيولة كبيرة.
وبلغ حجم التداولات العقارية، منذ فرض الحصار وحتى نهاية أبريل الماضي، مستوى 26.8 مليار ريال قطري (7.36 مليارات دولار)، مسجّلة بذلك ارتفاعاً على أساس سنوي بنسبة 3%، قياساً بالفترة ذاتها من يونيو 2016 وحتى أبريل 2017، وفق بيانات أوردتها صحيفة "الوطن" القطرية، في تقرير نشرته بالسادس من الشهر الجاري.
كما قفزت الصفقات العقارية منذ فرض الحصار بنسبة 8%، مرتفعة من 3380 صفقة عقارية؛ خلال الفترة من يونيو 2016 إلى أبريل 2017، لتصل إلى مستوى 3653 صفقة عقارية؛ خلال فترة الحصار من يونيو 2017 إلى أبريل 2018، وفقاً لرصد للبيانات والإحصاءات العقارية الصادرة عن وزارة العدل القطرية.
وأظهر مؤشر أسعار العقارات الصادر عن مصرف قطر المركزي استقراراً في أسعار العقارات خلال الربع الأول من العام الجاري.
وسجّل مؤشر أسعار العقارات بنهاية الربع الأول من العام الجاري مستوى 252.08 نقطة مقارنة بمستوى بلغ 252.78 نقطة بنهاية 2017.
من جانبها أكّدت مؤسسة "ريسيرش آند ماركتس" العالمية للأبحاث أن سوق العقارات في قطر سينتعش ويشهد نمواً كبيراً خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتوقّعت المؤسسة استمرار النمو القوي لسوق العقارات حتى حلول فعاليات كأس العالم 2022 المزمع عقدها في قطر، والتي ستُحدث فارقاً كبيراً في ذلك القطاع المهمّ، وتجذب المزيد من المستثمرين الأجانب إلى الدوحة.
وأضافت في تقرير نشره موقع "ناسداك" الاقتصادي العالمي أن الجهود التي تبذلها الدوحة لتنويع الاقتصاد؛ عبر دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومشاريع تطوير البنية التحتيّة، سيكون لها مردود إيجابي جداً على نمو الاقتصاد، وبصفة خاصة على سوق العقار.
وقالت: إن "سوق قطر العقاري سيشهد انتعاشاً في التأجير والمبيعات على حدٍّ سواء، وسيتوسّع بقطاع العقارات السكنية والتجارية والتجزئة والفنادق".
- السعودية
شهد القطاع العقاري السعودي ركوداً ملحوظاً خلال العامين الماضيين؛ متأثّراً بتطبيق ضريبة القيمة المضافة على الصفقات التجارية، واستحداث رسوم على الأراضي البيضاء، إضافة لتخوّف المستثمرين من المخاطرة بالشراء في ظلّ الانخفاضات المتتالية بأسعار العقارات.
وفي أبريل من عام 2017، أقرّت المملكة السعودية ضريبة بنسبة 2.5% تسمّى رسوم الأراضي البيضاء؛ على الأراضي التجارية والسكنية التي لم يتم تطويرها بعد في مدن الرياض وجدّة والمحافظات الشرقية.
وبموجب هذا القانون فإن أصحاب الأراضي التجارية والسكنية التي لم يتم استغلالها، والتي تزيد مساحتها على 10.000 متر مربع، ملزمون بأن يقوموا بتطوير هذه الأراضي خلال 12 شهراً من إقرار القانون لتفادي تطبيق الضريبة عليهم.
وفي نهاية الشهر الماضي، انخفضت قيمة الصفقات العقارية بالسعودية بنسبة 26%، لتصل عند مستوى 12.4 مليار ريال (3.31 مليارات دولار) مقارنة بـ16.8 مليار ريال (4.48 مليارات دولار) خلال الشهر ذاته من العام الماضي.
وجاء الانخفاض خلال الشهر الماضي بنسبة أكبر على حساب قيمة صفقات القطاع التجاري، التي سجّلت انخفاضاً سنوياً وصلت نسبته إلى 34.5%، مقارنة بانخفاض قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 22.9%.
كما أظهرت مقارنة أداء السوق العقارية السعودية، في أبريل من السنة الحالية بالشهر ذاته من عام الذروة العقارية في المملكة 2014، انخفاضاً قياسياً في إجمالي قيمة الصفقات العقارية بلغت نسبته 74.3%.
- الإمارات
بعد قرابة الـ 6 شهور على فرض ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية، ونحو عام على إعلان مقاطعة دولة قطر وفرض حصار عليها، بدأت تتكشّف مؤشرات متعاظمة لأزمة حادّة أصابت أحد أهم قطاعات الاقتصاد في الإمارات.
ومنذ بداية العام الجاري بدأ سوق العقارات الإماراتي يواجه أزمة متدحرجة غير مسبوقة؛ ترتسم معالمها في حالة من الركود والانكماش والتراجع الحادّ في نشاط القطاع عموماً، فمستوى الإقبال على الطلب تراجع بشكل تاريخي، في الوقت الذي تواجه الأسواق حالات إغراق هائلة نتيجة تدافع غالبيّة المستثمرين للتخلّص من عقاراتهم بأي ثمن.
وشهد سوق العقارات المَبيعة في دبي -وهو أحد أعمدة اقتصاد الإمارة- تراجعاً بنسبة 46% في الربع الأول من 2018، بينما تراجع سوق العقارات الجاهزة بنسبة 24%.
ولعل من أبرز الأسباب التي تقف خلف كواليس هذه الأزمة الكارثيّة اضطرار كثير من المقيمين والمستثمرين خاصة إلى مغادرة الإمارات؛ تحت وطأة استمرار تراجع الأوضاع المعيشيّة وارتفاع تكاليف الحياة.
كما تشمل الأسباب الحصار المفروض على قطر؛ فقد كان سوق العقارات -خاصة في إمارة دبي- يعتمد بشكل رئيسي من أنشطته على المستثمرين والمواطنين القطريين، إضافة إلى أن العديد من الشركات العقارية القطرية كانت تعمل في دبي وتوقّفت بفعل إجراءات المقاطعة التي فرضتها أبوظبي على الدوحة.
وفي تقرير نشرته مجلة "الإيكونومست" البريطانية، الشهر الماضي، قالت: إن "دبي بدأت تخسر الشركات والأعمال التجارية والاستثمارات القطرية التي كانت تُنعشها".
ونقلت المجلة عن مسؤولين بوكالات عقارية في دبي قولهم: إن "الأزمة الخليجية ضربت سوق العقارات بدبي، إذ إن المستثمرين القطريين كانوا من كبار المستثمرين في العقارات بالإمارة، وإنهم اشتروا عقارات قيمتها 500 مليون دولار، في العام الماضي 2016".
ووفقاً لإحصائية صادرة عن الأمانة العامة في مجلس التعاون الخليجي، العام الماضي، فقد بلغ عدد العقارات التي يملكها القطريون في الإمارات 1458 عقاراً.
كما وصل عدد المستثمرين القطريين في السوق العقاري في دبي إلى 1006 مستثمرين عام 2016، ولامست قيمة الاستثمارات العقارية القطرية في دبي وحدها نحو ملياري درهم إماراتي (542.4 مليون دولار)، بحسب تقرير لدائرة الأراضي والأملاك في دبي، صادر في يوليو 2017.
- الكويت
يشهد سوق العقار الكويتي حالة من الاستقرار، مع توقّعات بأن يحقّق مزيداً من النمو خلال العام الجاري، حيث إنه ما زال الوجهة الاستثمارية الأكثر أمناً نظراً إلى عوائده السنوية المرتفعة التي تصل إلى نحو 8%.
وسجّل السوق العقاري الكويتي العام الماضي نحو 11 مزاداً ضخماً، حقّق أغلبها أرقاماً وُصفت بأنها الكبرى تاريخياً.
وأظهرت بيانات حكومية، نهاية العام 2017، أن حجم المزادات التي عُقدت منذ بداية العام قُدّر بنحو 490 مليون دولار، بعضها عقدته الحكومة ممثّلة بوزارة العدل، وأخرى عقدتها شركات تجارية تابعة لبنوك إسلامية.
ومن المتوقع أن يشهد القطاع الاستثماري العقاري بالكويت نمواً بنسبة قد تصل لـ4.5%، وذلك بعد حالة الاستقرار التي شهدها أخيراً، بحسب وكالة الأنباء الكويتية الرسمية.
ونقلت الوكالة عن المدیر العام لشركة "عذراء" العقاریة، میثم الشخص، قوله: إن "المؤشرات الاقتصادیة المحلیة بشأن أداء القطاع العقاري المحلي خلال العام الحالي متفائلة بأداء السوق، لا سیما مع توقعات صندوق النقد المعنیّة بنمو الاقتصاد الكویتي خلال سنة 2018، مما یصبّ في خانة انتعاش السوق العقاري".
وأضاف الشخص: إن "أي نمو اقتصادي یمرّ دائماً عبر بوابة الاستثمار والعقار"، متوقّعاً ارتفاع تداولات القطاع السكني في النصف الثاني من العام الجاري.
وتوقّع أن يشهد القطاع الاستثماري نمواً بنسبة ما بین 3 إلى 4.5%، وذلك بعد حالة الاستقرار التي شهدها أخیراً.
ولفت إلى أن القطاع التجاري العقاري شهد خلال العام الماضي إبرام عدد قلیل من الصفقات بأحجام كبیرة في القیمة.
وفي السياق توقّع التقرير الشهري لشركة "مدن الأهلية العقارية"، الصادر في أبريل الماضي، عودة السوق العقاري المحلي للتحسّن، وارتفاع مجمل التداولات لما يقرب من 3 مليارات دينار كويتي (نحو 10 مليارات دولار) خلال 2018، مقارنة بنحو 2.4 مليار دينار (نحو 8 مليارات دولار) خلال العام 2017.
وذكر التقرير أن المؤشرات الأولية وتعاملات الربع الأول من العام الحالي تعزّز التوقعات الخاصة بتحسّن العقار بمعدل قد يزيد عن 20%.
وأوضح أن متوسّط التداولات الشهرية لقطاع العقار في الكويت من المرجّح أن يرتفع تدريجياً ليصل إلى 250 مليون دينار كويتي (828.17 مليون دولار) في المتوسط، مقارنة مع متوسط بلغ نحو 200 مليون دينار (662.54 مليون دولار) شهرياً العام الماضي، وذلك بدعم من العقار التجاري بصفة رئيسية.
- سلطنة عُمان
يكتسب سوق العقارات في سلطنة عُمان زخماً، ولا سيّما داخل المجمّعات السياحية المتكاملة، حيث ارتفع الطلب على العقارات العُمانية في السنوات الأخيرة بشكل كبير، ما أدّى إلى ارتفاع أسعارها أيضاً بسبب الفجوة بين العرض والطلب.
وتبلغ القيمة التقديرية لمشاريع البناء النشطة في سلطنة عُمان نحو 194.7 مليار دولار، بحسب ما أفاد تقرير أصدرته العام الماضي شبكة معلومات البناء والتشييد العالمية "بي إن سي".
وتشكّل المشاريع النشطة بالسلطنة 10% من عدد المشاريع النشطة في دول مجلس التعاون، ومن حيث القيمة تمثّل مشاريع البناء هذه 9% من إجمالي القيمة التقديرية لجميع المشاريع النشطة بدول الخليج.
ويتراوح العائد على الاستثمار العقاري العُماني ما بين 15 إلى 30%، وفق ما ذكرت صحيفة "الأيام" البحرينية نقلاً عن مسؤول بأحد أكبر مكاتب العقارات بالسلطنة.
إلى ذلك أفاد تقرير أصدرته مؤخّراً شركة "المركز المالي الكويتي" أن قطاع العقار السكني بسلطنة عُمان يشهد زيادة في العرض.
ورجّح التقرير أن يرتفع الطلب على الوحدات السكنية بعد ضخّ السلطات العُمانية مبلغ 107 ملايين دولار في الصناديق السكنية، العام الماضي.
وتوقّع أن تؤدّي المشاريع الكبيرة للبنية التحتية المدرجة في خطط السلطنة الحالية إلى تزايد أعداد الوافدين إليها.
- البحرين
يمرّ سوق العقار البحريني بحالة من الركود الشديد؛ وذلك بسبب حذر المستثمرين العقاريين من تأثيرات قوانين رسوم البنى التحتيّة التي فرضتها الحكومة على أسعار العقارات، إضافة لزيادة المعروض من العقارات وانخفاض الطلب.
وفي يوليو من العام الماضي، أقرّت الحكومة البحرينية قانوناً تُحصِّل بموجبه رسوماً على البنى التحتيّة تبلغ قيمتها 12 ديناراً (32 دولاراً) عن كلّ متر مربع من مساحة البناء من المطوّرين والمقاولين.
وأثار القانون غضب واستياء المطوّرين والمقاولين في البلاد، وسط توقّعات بأن تفقد أسواق العقارات البحرينية تنافسيّتها بين أسواق المنطقة.
وطالب المقاولون والمطوّرون الحكومة بإلغاء هذا القرار الذي ستكون له تبعات مدمّرة على سوق العقار البحريني، وعلى القطاع الخاص الذي يُعتبر شريك التنمية في البحرين، بحسب ما أفادت وسائل إعلام بحرينية.
ونقلت صحيفة "أخبار الخليج" البحرينية عن رئيس جمعية البحرين العقارية، ناصر علي الأهلي، قوله: "إن سوق العقارات البحرينية يشهد حالة من الهدوء الشديد خلال هذا العام، فـ6 إلى 10 عمليات بيع عقارات تجري يومياً فقط".
وأضاف الأهلي: إن "المستثمرين لم يتقبّلوا القوانين التي صدرت في الشأن العقاري، سواء فيما يتعلّق برسوم البنى التحتيّة أو قانون التنظيم العقاري الذي يناقش موضوع اتحاد الملاك، وهو من أكثر الموضوعات تأريقاً لمشتري الشقق اليوم، حيث لا يعرف المشترون الالتزامات التي عليهم بعد شرائهم للشقة".
في السياق ذكر تقرير صادر عن شركة "المركز المالي الكويتي"، ونشرته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، أن سوق العقارات السكنية في البحرين شهد تراجعاً خلال العامين السابقين، حيث انخفضت أسعار الإيجارات بشكل كبير.