أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
في تقرير اقتصادي صادر عن مركز دراسات اقتصادي صهيوني تابع لجامعة (تل ابيب)، تناول التقرير اقتصاد الخليج وارتباطه بالنفط.
واشارتنا هنا للتقرير الاسرائيلي ليست من قبيل الاعتماد على معلومات اسرائيل (العدو) والاسترشاد بها، ولكن من قبيل ان اسرائيل ترصد بدقة تطورات المجتمعات العربية ومنها بالطبع دول الخليج، ولبيان كيفية النظرة الاسرائيلية للخليج والرصد العلمي الصهيوني لها.
وقبل أن نورد بعضا مما جاء بالتقرير ينبغي ان نرسخ حقيقة العداء الاسرائيلي مع الخليج، مهما بدا على السطح من اهتمام صهيوني بالتطبيع والتواصل مع الخليج، ومهما كانت الخطوات التطبيعية والتنسيقية التي حدثت مؤخرا مع اسرائيل، الا ان اسرائيل تعرف ما يفعل ويكن العداء، وما خطواته وتصريحاته الا للتطبيع بغرض التفتيت واستنزاف الموارد.
يقول صدر التقرير الصادر في العام 2015:
(على الرغم من التقدم المحرز في العديد من دول الخليج في تنويع اقتصاداتها، فإن الاعتماد على الأرباح النفطية بين إمارات الخليج ما زال شبه مطلق، ويرتبط استقرارها السياسي ارتباطاً مباشراً بمستوى المعيشة المرتفع الذي يتمتع به مواطنوها. بدأت الأجواء العامة التي ظهرت في دول الخليج منذ الاضطرابات في العالم العربي تتعرض لاستياء السكان المحليين من البطالة المتفاقمة والفقر القائم الذي تم إخفاؤه عن الجمهور. وبالتالي، فإن الانخفاض في أسعار النفط أبرز فقط مدى أهمية أن تتخذ هذه البلدان تدابير بعيدة المدى لحماية مستقبلها عندما لا تسمح صادرات النفط لها بتغطية الإنفاق الحكومي. وحتى لو لم تكن المخاطر على اقتصاديات النفط في الخليج مثيرة على المدى القصير، فإن الاعتماد على أرباح النفط يشكل تحديًا حقيقيًا لاستقرار الأنظمة الملكية في الخليج على المدى الطويل).
الا ان الاهم في ذلك الرصد هو الاحصائية الدولية الهامة التي اوردها التقرير والتي تقول:
(تنفق دول الخليج ما يقرب من 11٪ من إجمالي ناتجها المحلي على الدعم لقطاع الطاقة، الذي يصل إلى حوالي 160 مليار دولار سنوياً (يكلف غالون من البنزين 0.45 دولار في المملكة العربية السعودية، أي أقل من قنينة ماء). على سبيل المثال، يتوقع أن ينمو الاستهلاك المحلي في المملكة العربية السعودية من 3 إلى 8 ملايين برميل من النفط يومياً بحلول عام 2030. وبالتالي، ستكون هناك حاجة إلى المزيد من الموارد لتوفير الطلب المتزايد، وبالتالي إذا لم يحدث أي تغيير جوهري. في سياسة الدعم، ستصبح المملكة مستورداً للنفط في نهاية المطاف).
وبالتأكيد ينصح التقرير باعادة النظر في سياسات الدعم الحكومية، وهو يخدم سياسات صندوق النقد الدولي.
وحاليا وبعد تقليل الانتاج وزيادة اسعار النفط للتغلب على عجز موازنات الخليج، نجد ترامب يعترض على ذلك!
حيث طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اواخر يونيو الماضي، الدول المصدرة للبترول "أوبك" بزيادة إنتاج النفط.
وقال في تغريدة، كتبها على حسابه الشخصي على موقع التواصل:
(آمل بأن تزيد أوبك الإنتاج بشكل فعال، نحتاج إلى الإبقاء على الأسعار منخفضة).
وهنا معضلة الخليج بين طاعة ترامب وانخفاض اسعار النفط والقلاقل الاجتماعية المحتملة، وبين الاستمرار في الانتاج والتحول القريب الى استيراد النفط لعدم ملاحقة الطلب وفقا للتقارير الدولية.
ورغم المعضلات ورغم الحاجة الماسة لضبط الموازنة ومراعاة البعد الاجتماعي، نجد السعودية والامارات تنفق المليارات في شراء الاسلحة وشن الحروب وتمويل المرتزقة والارهاب!
لو كان شأنا سعوديا خالصا فيمكن ان يتوجه الخليج بالنصيحة، ولكن هو شأن خليجي بالأساس تؤثر تداعياته على كافة دول الخليج تحديدا، وباقي دول المنطقة بدرجات متفاوتة.
وهنا يتخطى الامر نطاق النصيحة ويتطلب وقفة جادة وتنسيق على مستوى خليجي عال، لانقاذ الاقتصاد وكيانات الدول من المغامرات والمقامرات السعودية.