اقتصاد » احصاءات

"سكة الحجاز" بين أمن الخليج وأمن الصهاينة

في 2018/07/19

أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-

تجددت دعوة وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بربط "إسرائيل" بدول الخليج عبر الأردن عن طريق احياء سكة حديد الحجاز، وذلك في رؤية للسلام الاقتصادي الذي تتبناه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمن مساعيها الحالية لإبرام صفقة سلام في الشرق الأوسط، وفقا لقوله، وهي في الحقيقة احياء لرؤية شيمون بيريز لشرق اوسط جديد وانفاذا لصفقة قرن مزعومة، وفقا لما نفهمه!

والدعوة موجهة بلا شك للسعودية باعتبارها قاطرة وقائدة للخليج، والدليل على ذلك، ان الدعوة اتت سابقا عبر موقع سعودي، في سابقة تطبيعية معلنة، فقد كان الموقع الإعلامي السعودي "ايلاف"، أجرى مقابلة مطولة مع وزير النقل والاستخبارات والطاقة الذرية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي كشف عن مقترح قدمه إلى الحكومة الإسرائيلية، ويتمثل بإحياء "قطار الحجاز التاريخي"، وأشار إلى أن "شركة صينية ستقوم بإعادة تفعيل ميناء حيفا على البحر المتوسط، وربط السكك الحديدة الإسرائيلية مع مثيلتها في الأردن، ومن ثم إلى السعودية ودول الخليج".

واعتبر الوزير الإسرائيلي أن "هذا المقترح يمثل حلاً خلاقاً لمسألة مرور البضائع من أوروبا إلى السعودية والخليج، كونه أقصر وأكثر أمناً من الخط البحري الحالي، الذي يمر عبر مضيقي باب المندب وهرمز".

ورأى الوزير كاتس، أن "الأردن والسعودية وإسرائيل، ومعها السلطة الفلسطينية التي ستحظى بميناء بري في الضفة الغربية يربطها مع الخط الحديدي المقترح، من الممكن أن توجد تبادلاً تجارياً بينها بنحو 250 مليار دولار سنوياً، حال نجاح المشروع".

ويبدو ان اسرائيل اعدت لذلك مسبقا وبضوء اخضر سعودي، ففي عام 2016، بعد 64 عاما على تدميرها عشية النكبة الفلسطينية أحيت إسرائيل مجددا سكة الحديد الحجازية في المنطقة الممتدة بين حيفا وبيسان بطول 60 كيلومترا وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية عدة، وفقا لما أعلن وقتها.

وشارك مدير عام وزارة المواصلات الإسرائيلية بتدشين سكة الحديد التي تسير بسرعة 160 كيلومترا في الساعة، وأعلن أنها ستقدم خدمات سفر مجانية حتى نهاية العام وقتها، مشيرا إلى أن السكة المتجددة تهدف للحد من أزمة السير وتبديد الوقت وتشجيع السياحة وبقاء الشباب في هذه المنطقة الريفية.

وقد تم بناء السكة الجديدة بمحاذاة مسار السكة التاريخية من حيفا إلى بيسان في غور الأردن (7 في المئة من سكة الحديد الحجازية التاريخية).

ويبدو ان الخطة جاءت لاغلاق الطريق على تبادل تجاري عربي عربي، حيث كانت المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي بسوريا قد احتفلت في أغسطس/آب 2008 في ذكرى مرور 100 عام على تسيير أول رحلة قطار من دمشق إلى المدينة المنورة، وقد صرح  المدير العام للمؤسسة المهندس محمود سقباني في هذا الوقت قائلا  إن وزراء النقل في سوريا والأردن والسعودية اتفقوا في اجتماع بينهما على تفعيل الخط.

ويبدو كذلك ان المشروع كان عربيا اسلاميا، قبل الحرب الكونية على سوريا، ففي 2011، ذكرت قناة "تي أر تي" التركية أن هناك خطة تتضمن مباشرة عمليات تأهيل ومعالجة لمسار سكة حديد الحجاز في كل من تركيا وسوريا والأردن، وتوقع التقرير وقتها أن يبدأ القطار السريع بالعمل في أولى رحلاته في غضون 4 سنوات وينقل على متنه أكثر من مليوني مسافر كل عام إلى الأراضي المقدسة.

وكان من المقرر أن ينطلق القطار الذي يبلغ طوله ألفين و241 كلم من اسطنبول، مرورا بأضنة وعثمانية، وصولا إلى حلب وحماة ودرعا، ثم الأردن، وينتهي أخيرا في المدينة المنورة خط (المدينة ـ مكة) وذكر التقرير أنه وفي إطار هذه الخطة التي توليها الحكومة السعودية عناية كبيرة سيتم ربط الجزء الواصل بين الأردن وسوريا بخط سكك حديد السعودية مما يعمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين دول المنطقة.

ماذا حدث اذن؟

الذي حدث هو ان الحرب اندلعت على سوريا بطول الطريق وفي المحافظات والمدن التي تشكل خارطة السكة الحجازية، وتورطت تركيا والسعودية وقطر في تمويل الحرب على سوريا، وبدأت "اسرائيل" في احياء الخط، وبدأت في الدعوة لاستكماله دون سوريا ومع السعودية ودول الخليج وعبر وسياة اعلام سعودية، مما يشي بتنسيق على اعلى المستويات!

هل استبدل التعاون العربي العربي، والعربي الاسلامي، بتطبيع مع العدو الصهيوني بقيادة سعودية، وهل ترضى بذلك دول الخليج؟

وهل استبدل الامن الاقتصادي والذي هو مكون رئيس من مكونات الأمن العربي وفيه أمن الخليج، بأمن الكيان الاسرائيلي؟ تحت أعين الخليج وهل ستصمت دوله وشعوبه؟

ستتوقف الاجابة على مقاومة الشعوب ومدى تمسكها بهويتها ووعيها بأمنها القومي.